قنوات الولايات الفضائية
* تساءلنا أمس عن سر اشتراك حزمة من القنوات الفضائية في بث حوار والي الخرطوم على شاشاتها معاً على الهواء مباشرة في الوقت الذي كان ينتقل فيه تلفزيون السودان وحيداً لنقل حفل افتتاح الدورة المدرسية (القومية) من الأبيض والتي شرفها بالحضور النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن بكري حسن صالح؛ وقبل أن نتحدث عن قناة الخرطوم الفضائية التي كانت ضمن (جوقة القنوات) ومدى جدواها؛ وهل هذه الخطوة تمثل عدم اعتراف من حكومة الولاية بتأثيرها يجب أن نتحدث أولاً عن تجربة فضائيات الولايات وما واجهته من متاريس وعقبات.
* من قبل عندما رشحت أنباء عن صدور توجيه رئاسي يقضي بإيقاف التصديق للقنوات الفضائية الخاصة بالولايات في إطار خفض الصرف و(سياسة التقشف) التي أعلنتها الدولة آنذاك كان السؤال الجوهري الذي فرض نفسه: هل خرجت هذه القنوات الفضائية للنور من رحم العدم؟؟.. والإجابة التي يعلمها معظمكم: بالطبع لا، فهذه (الفضائيات) كانت (تلفزيونات ولائية أرضية) موجودة وتبث في دائرة نصف قطرها حوالي 40 كيلومتراً، وعندما تحول العالم إلى كبسولة وأضحت السماء محشوةً بالأقراص، وبات (جهاز الاستقبال الفضائي) موجوداً في كل بيت، وفارق (الأريل) أسطح المنازل إلى غير رجعة، بات من (العبث) أن تواصل محطة تلفزيونية بثها أرضياً وهي تعي جيداً أن لا أحد يشاهدها على الإطلاق، وإن وجدت لها متابعين فحتماً ستكون المحصلة النهائية أن عدد العاملين بالتلفزيون من معدين ومحررين وباحثين ومنتجين ومذيعين يفوق عدد المشاهدين..!!
* كثير من الولايات توقفت تلفزيوناتها بـ(السكتة الفضائية)، ليأتي العاملون في تلك التلفزيونات لقراءة الصحف ونقد الأوضاع العامة و(شراب الشاي والقهوة والتريقة على ما تبثه الفضائيات من برامج)، مع أنهم يتقاضون رواتب نظير (عملهم) في تلفزيونات (بلا عمل أو بث أو برامج)..!!
* إمكانيات ولاية الخرطوم دفعتها لقيادة مسيرة تدشين البث الفضائي للتلفزيونات الولائية بالسودان، وحصدت (الخطوة المواكبة) وقتها إشادات الجميع بمن فيهم رئيس الجمهورية الذي اعتبرها (نقلة حقيقية لابد منها)، وعلى خطى الخرطوم سارت ولاية البحر الأحمر التي انطلقت في فضاءات التطور والتنمية بسرعة الإفلات، لتأتي ولاية كسلا من بعد ذلك وتعلن عن تحول تلفزيونها للبث الفضائي حتى تستطيع إسماع صوتها لسكان الولاية قبل أن يصل البث للسودانيين المنتشرين في مشارق الأرض ومغاربها؛ وصولاً للتصديق الآن لقناة ولاية الجزيرة الفضائية..!
* كانت قناعتي أن أي اتجاه لوقف تصاديق فضائيات الولايات أو تحجيم القنوات الموجودة ومحاربتها وتجفيفها يمثل نوعاً من الردة، فـ(تقشف الدولة) لا يعني العودة إلى الوراء في زمن يمضي فيه الجميع إلى الأمام.
* قد يكون الصرف على إيجار القمر الاصطناعي وعلى البرامج في فضائية الخرطوم مثلا عالياً، وقد يكون عائد القناة من الإعلان ضعيفاً، كما أنها ربما لم تقدم للولاية ما يجعل واليها الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسنين يمنحها حق الظفر بحواره الأخير (حصرياً)؛ لذا فإنها إن احترمت نفسها وأغلقت أبوابها فلن يذرف عليها الوالي دمعة واحدة أو يقود لواء الدفاع عن بقائها حية، وقد تفضل حكومة الولاية الصمت وصرف حقوق العاملين و(تشريدهم) للبحث عن وظائف في بلاد الله الواسعة.. (وكفي الله الوالي وولايته شر الإرسال و”حصرية الحوار” والفضاء والاستقبال)..!!
* لم تبلغ قناة كسلا سن الفطام بعد، لذا فإنها إذا لم يصلب عودها وتقف شامخة سيتم وأدها حية، وحتماً سينتهي (الفضاء) بانتهاء مراسم الدفن..!!
* توقف فضائيات الولايات للعجز عن الاستمرار أو عدم قناعة بعض ولاتها بجدواها قد يؤثر هنا وهناك، ولكنه إن حدث بولاية البحر الأحمر فسينزل على رؤوس أهل الولاية كالصاعقة، فالمتابع لبث الفضائية يلحظ أن خط قناة البحر الأحمر ظل على الدوام يخدم استراتيجية الولاية المعتمدة على السياحة بشكل منقطع النظير ويروج لها باستمرار، كما أن القناة كانت في عهد محمد طاهر ايلا قادرة على دفع قيمة إيجار القمر الاصطناعي وتسيير برامجها بنسبة كبيرة من عائد الإعلان، ونأمل ألا يطوي سيرتها النسيان حتى لا يكتب لهذه القناة ذات الخط المختلف الأفول والذوبان..
* هل يمكن أن تقدم فضائية ولاية الخرطوم شيئاً يذكر أم أنها ستقف متفرجة على كل شيء حتى حوار والي الخرطوم الذي لم يتم تصويره بمعدات قناة الولاية؟.. (سؤال نجيب عليه غداً بتفصيل أكثر لنعرف أصل الحكاية)!
نفس أخير
* مجبورة (قناة الولاية) على الوجود ضمن منظومة قنوات بث حوار الوالي المشترك..!