الطاهر ساتي

الإختبار الأول ..!!


:: ومن أقوال العرب، الخيول الأصيلة تأتي – أو تظهر – في (اللفة الأخيرة)..وقبل خمسة أشهر، ولم تسقط من ذاكرة الناس بعد، أكد أسامة داؤود لبعض صحف الخرطوم بأن حجم إستهلاكنا السنوي من القمح والدقيق يتجاوز (2.800.000 طن)، ويومها كانت السلطات قد عزمت على حسم الجشع والتهريب، ومنع تحويل مسار الدقيق المدعوم من الأفران إلى عبوات مخصوص التجارية..وإنتهى العام 2015 قبل شهر، ولم يتجاوز فيه حجم إستهلاكنا فيه (1.900.000 طن)، وليس (2.800.000 طن)..ويبقى السؤال المُر : هل مات ثلث الشعب أم تم ترحيله إلى إثيوبيا وإرتريا وغيرها من الدول التي كانت شعوبها تنعم بدقيق الشعب السوداني (المدعوم)..؟؟
:: ثم قبل خمسة أشهر أيضاً، وبعد تحريك سعر دولار القمح من (2.9 جنيه) إلى ( 4 جنيهات)، وبعد منافسة في عطاء حجمه (500.000 طن قمح) و (300.000 طن دقيق)، نالت شركة سيقا حق إستيراد الدقيق (200.000 طن)، من إجمالي العطاء، بسعر الطن (330 يورو)، أي ما يعادل (370 دولار)، شاملا التمويل لمدة ستة أشهر..وقالت إنها سوف تستورد القمح (غير المدعوم)،وتطحنه في مطاحنها بالبحر الأحمر، ثم تبيع الدقيق للمخزون الإستراتيجي بسعر الجوال (74 جنيه)، وتربح..علماً، قبل هذا العطاء كان القمح مدعوما ويباع دقيقه للمخابز بسعر (116 جنيه)..ولكن – بعد العطاء – كشف عرض سيقا أن القمح غير المدعوم يمكن أن يباع دقيقاً للمخزون الإستراتيجي بسعر (74 جنيه)..!!
:: ولذلك تساءلت يومئذ – بشك – أمام عرض سيقا بالنص : إن كان جوال دقيق القمح غير المدعوم يباع للحكومة – بعد العطاء – من مطاحن شركة سيقا بسعر (74 جنيه)، فلماذا كان يباع جوال دقيق القمح المدعوم – قبل العطاء – من ذات المطاحن للمخابز بسعر (116 جنيه).؟..واليوم، أي بعد خمسة أشهر من أسئلة الشك والريبة، لم تخيب شركة سيقا ظنوني ..لقد رفعت الشركة الرأية البيضاء ورسبت في إختبار التنافس الأول، وقالت (الرووب)..أي تراجعت عن تنفيذ العطاء الذي (فازت به)..كل الشركات التي تم توزيع العطاء لها – حسب عروضها – نفذت العطاء، ولا تزال .. ما عدا شركة سيقا، إذ عجزت عن تنفيذ حتى جزء من عرضها وإعتذرت بلا تبرير..ولو من باب إبداء الجدية، كان على سيقا توريد طن أو ربع طن من (إلتزامها)، ثم تعتذر..ولكن للأسف، حجم جديتها في العطاء أقل من حجم ( قطعة لقيمات)..!!
:: والمهم..سيقا لم تكن جادة يوم تقدمت بذاك العرض غير الواقعي، وما كان العرض إلا محاولة مكشوفة لتعطيل (السباق الحر)..والسماسرة في سوق الأراضي والعقارات يسمون مثل عرض سيقا ب (الربط)..أي كأن ترفع سعر المنزل إلى ضعفين، بحيث لا يقترب منه سمسار آخر ويظل صاحب المنزل في إنتظار (سعرك الخرافي)..أوأن تعد مغترباً بقدرتك على إيجاد منزل بأقل من سعره الحقيقي لكي لا يقصد سمساراً آخر، وينتظر حتى الممات (بيتك الرخيص)..وهكذا..أسلوب الربط شائع في عالم الأراضي والمنازل و(سماسرتها)، ويبدو أن سيقا كانت ترغب في تطوير هذا الأسلوب بحيث ينتظر بعض الشعب دقيقه الرخيص حتى الموت جوعا..ولكن هيهات، لقد فات على إستشارية سيقا بأن الرهان على الفرس الواحد – في هذا المضمار تحديداً – صار من الذكريات.. والعاقبة لكل مضامير الحياة – الإقتصادية والسياسية – بالتنافس الحر .. !!


تعليق واحد

  1. عيب عليك لما تتحدث في موضوع يهم كل الشعب السوداني بتلك السطحية و التبسيط يا أستاذ .

    اذا كان مصدرك في وزارة المالية أو بنك السودان فكان من الاولى ان تتحقق من الطرف الثاني لتكتمل عندك الصورة عندها يمكنك ان تصدر حكمك .
    لو كانت الصناعة تدار بمقاييس السماسرة كما تزعم لما تركها سماسرتك الذين تعلمهم كل تلك السنيين !! .