الطاهر ساتي

العوائد يا الخارجية ..!!


:: من الأخبار (الغريبة جداً)، أصدرت وزارة الدفاع قراراً بإلغاء ( 14 رسماً) من رسوم الخدمة الوطنية، ثم بتخفيض قيمة سبعة رسوم أخرى.. ومن الرسوم التي تم ألغاؤها بهذا القرار رسوم العلاج بالخارج، رسوم الحج والعُمرة، رسوم الرحلات الطلابية، رسوم المهام الرسمية للعاملين بالدولة و أخرى .. وما تم تخفيض قيمتها هي رسوم التأجيل، رسوم الكشف الطبي، رسوم التعاقد، رسوم الزيارة للخارج، رسوم خلو الطرف و أخرى ..فالقرار غريب، وأللهم أجعله خيراً و أكثر من أمثاله..وما لم يكن حلماً أو ( كاميرا خفية)، فأن هذا القرار لا يشبه واقع رفع الأسعار المسمى برفع الدعم ..!!
:: ومن طبيعة الأشياء في بلادنا أن الوزارات والولايات والمحليات والهيئات – وكل من هب و دب من الوحدات الحكومية – قد دأبت على التنافس فيما بينها في رفع رسوم خدماتها سنوياً أو (عند اللزوم)..وكثيراً ما يكون عند اللزوم هذا ثلاث مرات في السنة لتحقيق الضربة القاضية التي تقصم ظهر المواطن، وهي الضربة المسماة إقتصادياً ب (الربط المقدر)..ولا تذكر ذاكرة الناس ولا إرشيف الصحف بأن وحدة حكومية قد خفضت رسماً من رسومها طوعاً وإختياراً، وناهيكم عن الإلغاء..ولهذا، يبقى قرار وزارة الدفاع حُلماً لحين إشعار آخر باليقظة، أو يجب أن يكون قراراً تاريخياً في موسوعتنا الوطنية لنحتفل به – في الفاتح من فبراير – سنوياً .. !!
:: المهم، شكراً لوزارة الدفاع على هذا القرار الإيجابي الذي وجد حفاوة في الرأي العام و أوساط الشباب .. ولكن تبقى ثمة ملاحظات مهمة للغاية حول رسوم الخدمة الوطنية والسلطات المسؤولة عن إدارتها كجزء من موازنة الدولة .. أي حين تصدر وزارة الدفاع – وليست وزارة المالية – قراراً كهذا بحيث يلغي رسوماً ويخفض الأخرى فهذا يعني أن منسقية الخدمة الوطنية هي السلطة المسؤولة على ولاية بعض (المال العام)، وهذا ما لا يجب أن يكون بنص الدستور وقوانين ولوائح المال العام ..هذا أو أن رسوم الخدمة الوطنية – بما فيها هذه الرسوم الملغاة والمخفضة – كانت ولاتزال ( أموال مجنبة)، أي تؤخذ وتصرف خارج الموازنة العامة وبلا علم السلطات المالية والرقابية، وهذا ما لا يجوز بنص القانون واللوائح ..!!
:: وعليه، شكرنا لوزارة الدفاع على قرارها الإيجابي يجب ألا يصرف العقول عن الأسئلة الأساسية وذات الصلة بالمؤسسية ومؤسساتها وسلطاتها..ما هي السلطة المسؤولة عن هذه الرسوم؟..وهل هي – فعلاً – كانت رسوماً قانونية بحيث لا تتأثر الميزانية العامة بالإلغاء والتخفيض أم هي كانت (جبايات) وتفاجأت بها وزارة المالية والبرلمان و الرأي العام؟..ونٌرجح الإحتمال الثاني، لأنها لو كانت رسوماً قانونية – وأموالها جزء من الميزانية العامة – لكانت وزارة المالية هي صاحبة قرار الإلغاء والتخفيض .. ولكن هذا ما لم تكن وزارة المالية ذاتها أحياناً – كما البرلمان – بلا سُلطات .. !!
:: وليس في الأمر عجب، إنها دولة المفاجأت في ظل سياسة اللعب اللامركزي لكل الوحدات الحكومية .. ونترقب أن تلغي وزارة الخارجية رسوم العوائد والرخص التجارية، أو أن تصدر وزارة الزراعة قراراً تاريخياً بإلغاء مهرجان البركل وتخفيض عدد الأندية المنافسة في الدوري الممتاز..!!


تعليق واحد

  1. من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم اللهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم اللهم فارفق به).
    اللهم صلي علي سيدنا محمد