من يجرؤ على الصمت
* كما هتفنا في قوافل (الكرنفالات الخواء) بأن من يزرع مهرجانا لا يحصد قمحا!! يحتم علينا (العدل المهني) أن نحتفل اليوم، وطنيا وقيميا، بإضافة خمسمائة ميغاواط طاقة كهربائية للشبكة العامة السودانية، على أن مثل هذه المحطات لا تتكرر في تاريخنا كثيراً.. فمحطة (أم دباكر الحرارية) لإنتاج الكهرباء التي تفتتح اليوم بسعة خمسمائة ميغاواط، هي بمثابة (نصف سد)، على الأقل توشك أن تماثل نصف طاقة إنتاج كهرباء سد مروي (1250 ميغاواطاً).. فليس هذا بالشيء السهل في بلد أدمنت نخبه عبر التاريخ (صناعة الفشل).. سندرك قيمة محطة أم دباكر أكثر إذا عرفنا أن إنتاج السودان من الطاقة الكهربائية حتى صدر التسعينيات لم يزد عن السبعمائة وخمسين ميغاواط لا غير، إنتاج الخزانات التأريخية !!
* لا أعرف ما هي المقاربة الجغرافية بين (أم دباكر وأم دبيكرات).. لكني في المقابل لا أملك إلا أن ألحق أم دباكر بقائمة محطاتنا السودانية التي تفتأ تصنع تأريخاً بسعة أكثر من (مليون طاقة معنوية وطنية).. فاليوم الاحتفال (غير) والطعم واللون غير، ذلك لدرجة الهتاف (قالو بطعم السكر قلنا أحلى وأنضر).. ولاسيما في ولاية النيل الابيض.. السكر طعمها وإنتاجها ولونها، التأريخ والسكر والطاقة والبطولات !!
* فإذا أردت، يا رعاك الله، أن تقدر حجم اقتصاد بلد فانظر إلى كمية طاقته المنتجة، فبحجم كمية الطاقة المنتجة يكون مقدار الماكينات المتحركة في هذا البلد، على أن الطريق، والحال هذه، لا يزال أمامنا طويل جداً، إذ أن طاقتنا الكلية المنتجة، بعد محطة أم دباكر، لا يقوى على صناعة رقم الخمسة آلاف ميغاواط.. إذا علمنا أن إمارة دبي لوحدها تتحرك بطاقة تبلغ خمسة عشر ألف ميغاواط، وأن دولا مثل مصر وتركيا هي فوق الثلاثين ألف ميغاواط !!
* أتصور، والحال هذه، أننا في السودان نحتاج – بأسرع ما تيسر – إلى أن نذهب إلى إنتاج طاقة كهربائية بسعة عشرة آلاف ميغاواط حتى يكون اقتصادنا في موقع يليق به وبقدراته الطبيعية الهائلة، فلكي تستطيع أن تسيل هذه الإمكانات الهائلة من الثروات الطبيعية الزراعية والمعدنية، فإنك لا محالة تحتاج إلى إنتاج مزيد من الطاقة لتحريك أكبر قدر من الماكينات !!
* بطبيعة الحال الحكومة تدرك أبعاد هذه الأولوية، غير أن ليس من أوليات هذا المقال إعادة إنتاج الجدل القديم الجديد حول السدود، المهم أننا نحتاج إلى المزيد من الطاقة، هل ننتجها في السدود المفترضة، أم ننتظر سد النهضة.. أم نذهب في صناعة المحطات الحرارية غير النظيفة لإنتاح الكهرباء !!
لا أعرف إجابة محددة وليس أنا هنا للإجابة عن هذا السؤال الذي يجعل البعض يتحسس (عكازه المضبب) !!
* على أن أم دباكر تصبح محطة جديدة جديرة بالتوقف عندها، علها تكون فاصلا بين عهود مهرجاناتنا الغنائية ومهرجاناتنا الإنتاجية.. فمن هنا يبدأ الطريق إلى صناعة (دولة الكسرة والانكسار).. وقديما قال الشيخ ود بدر (أكان ما الكسرة ما جات الناس منكسرة).. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.. رصوا صفوفكم وقوموا لصناعة دولة الفتريتة والعدل والتعايش.