جيش الأمة.. القائد في القصر والجنود في الصقيعة
في الأنباء أن مساعد الرئيس الحالي قائد جيش الأمة سابقاً، العميد عبد الرحمن الصادق المهدي، قد تعهد بحل مشكلة العائدين بـ(جيش الأمة) الذي كان يقوده إبان فترة النضال ضد نظام الإنقاذ، والمعروف أن جيش الأمة الذي كان يعرف أيضاً باسم (الجوارح) هو الجيش الذي أسسه حزب الأمة خلال عمله المسلح ضد الحكومة ليصبح جناحه العسكري، وكان عبد الرحمن الصادق المهدي قد تسنم قيادته عند وصوله دولة اريتريا التي يرابط فيها الجيش رفقة والده الإمام الصادق عبر العملية المعروفة بــ(تهتدون)، حيث كان عبد الرحمن هو قائد العربة البوكس التي نفذت بها العملية، لينتقل بعدها ضربة لازب من قيادة البوكس الى قيادة جيش النضال بعد أن تعبد له طريق القيادة بإزاحة قائد الجيش وقتها العميد أحمد خالد المالكي، ويذكر أن الحبيبة مريم كريمة الإمام وشقيقة عبد الرحمن كانت أيضاً من قيادات (الجوارح) برتبة الرائد، ولكن كما قال الشاعر البارودي (سوف تصفو الليالي بعد كدرتها وكل دور اذا ما تم ينقلب)، اذا بالأمور تنقلب رأساً على عقب في حزب الأمة فيركل النضال المسلح ويركن الى (الجهاد المدني) ويعود الحزب للبلاد في عملية أخرى سميت بــ(تفلحون) في أواخر العام ألفين، وهي العملية التي كان قد مهّد لها لقاء جيبوتي الذي أسفر عن عقد اتفاق نداء الوطن الذي قال عنه الصادق المهدي إنه ذهب ليصطاد أرنباً وإذا به يجد نفسه قد اصطاد فيلاً، كما أسفر الاتفاق أيضاً عن حل جيش الأمة وتسريحه.
من مفارقات الزمان ومحن السياسة السودانية، أن الإمام الصادق الذي كان قد زعم أنه اصطاد فيلاً، ها هو اليوم يقيم في المحروسة ويتخذ منها منفى اختيارياً له، بينما من اصطاد الفيل حقيقة هو ابنه عبد الرحمن الذي لم تتم إعادته للجيش فحسب بل ترقّى قائد جيش الأمة سابقاً في مدارج الحكم لمنصب مساعد الرئيس، بينما لا يزال جنوده السابقون في الصقيعة يبحثون عن حل لمشكلتهم المتطاولة والتي ظلت عالقة بلا حل لنحو خمسة عشر عاماً، فأي تناقض وظلم هذا، أن يحل قائد الجيش المحلول مشكلته بأحسن ما يكون الحل، ثم لا يأبه لجنوده فــ(يفكهم عكس الهوا ويتركهم أباطم والنجم)، واللهم لا حسد أن يبلغ قائد جيش الأمة السابق المتهم بالتخريب والتآمر للإطاحة بالنظام هذا المقام الرفيع، ولكن ما يحز في النفس أن يترقّى من كان قائداً لهذا الجيش فيصبح من أهل القصر والحكم، بينما يظل جنوده الذين يفترض أنه كان قائدهم؛ يكابدون العناء ويعيشون العطالة.
و لم تذكر الشهداء يا أستاذ,
الذين ماتوا في الجبال و نهشت اجسادهم وحوش الجبال و لم يجدوا ذخيرة او سلاح , و الذين قطعت اجسادهم الالغام .و لكن هذا مصير من يصدق الطائفيين و أحفاد السادة الذين يعتقدون انهم احق بحكم السودان .