ما بين صحافة مايو والإنقاذ (4)!!
نواصل الحديث عن صحافة مايو وصحافة الإنقاذ.. في الحلقة السابقة تحدثنا عن الصراع الذي نشب بين صحفيي الإنقاذ ممثلين في رئيس تحرير صحيفة (الإنقاذ) الدكتور فيما بعد “محيي الدين تيتاوي” والراحل “محمد طه محمد أحمد” رئيس تحرير صحيفة (الوفاق) فيما بعد، بدأ صراع المناصب تقريباً، فالبعض كان يرى أنه أحق بهذا المنصب أو ذاك وفاحت رائحة الصراع فذهب الدكتور “تيتاوي” وجاء من بعده الأستاذ “موسى يعقوب” رئيساً ثانياً لصحيفة (الإنقاذ)، فيما تولى الأستاذ “النجيب آدم قمر الدين” رئاسة تحرير صحيفة (السودان الحديث)، وجاء من بعده الأستاذ “فتح الرحمن النحاس” رئيساً للتحرير، فيما تولى الأستاذ الدكتور حالياً “إبراهيم الصديق” منصب مدير التحرير والأستاذ “عمر إسماعيل” حينما كان يهز ويرز قبل أن يتعرض للجلطة التي أقعدته عن الحركة وأثرت كثيراً في أدائه الصحفي.. “عمر إسماعيل” كان سكرتيراً للتحرير ومن أفضل سكرتيري التحرير الذين مروا على الصحافة السودانية، تحمل الأستاذ “عمر” كل مشاكل الصحيفة وتعرض للمؤامرات التي كانت سبباً في ضياع صحافة الإنقاذ، فمعظم المحررين الذين جاءوا في زمن الإنقاذ كانوا يعدّون الصحافة محطة للانطلاق إلى مواقع أخرى، وكان أداء العديد منهم غير مقنع وغير مرضٍ، لذلك جاءت عمليات الفصل التي ظلت مستمرة إلى أن تم إغلاق الصحيفتين (الإنقاذ) و(السودان الحديث)، وحلت بديلاً عنهما صحيفة (الأنباء) التي كان يرى الدكتور “أمين حسن عمر” مستشار رئيس الجمهورية آنذاك أنها ستكون أشبه بالصحف المصرية (الأخبار) أو (الأهرام)، فجعل لها بيئة محترمة بإيجار عمارة كاملة تقدر قيمة الإيجار السنوي تقريباً والله أعلم بـ(96) ألف جنيه، لكن الصراع الدائر لم يجعلها تصمد طويلاً، وظل الصراع محتدماً بين صحفيي الإنقاذ فيما بينهم حتى جاء أول كشف أطاح بعدد كبير من المحررين الذين وضعوا الصحافة محطة للانطلاق لمواقع مختلفة، وبالفعل انطلق هؤلاء إلى مواقع لا تعنى بالعمل الصحفي وتفرقوا أيدي سبأ، بينما هناك بعض المتشبثين بالمهنة فأنشئت صحيفة باسم (الجمهورية) عمل بها عدد من المحررين والصحفيين ولم يكتب لها أيضاً التوفيق والنجاح، وأصبحت من وثائق دار الوثائق المركزية.
استعجل بعض الصحفيين الولوج إلى مراكز رفيعة ليست في مجال العمل الصحفي، لكنهم أرادوا أن يكونوا في مواقع مختلفة، فنال بعض منهم ما أراد.
أراد الدكتور “أمين حسن عمر” لصحافة الإنقاذ موقعاً رفيعاً من حيث الشكل والمضمون، وأسس صحيفة كان بالإمكان أن تكون من أنجح الصحف إلا أن المؤامرات صاحبته ما أدى إلى فشلها، بل إلى وفاتها نهائياً كما ماتت من قبل صحيفتي (الإنقاذ) و(السودان الحديث).. نحن لا ننكر أن هناك عدداً من صحفيي الإنقاذ مميزين، لكن البعض دخل المهنة لمصالح ذاتية فخرج منها كما دخل.
صحافة (مايو) لم يكن الكثير من صحفييها ملتزمين أو مؤمنين بالاتحاد الاشتراكي، لذلك ظل البعض يعمل من أجل المهنة وليس ترسيخ النظام المايوي إلا من آمن بذاك الفكر وهم قلة.
ظلت صحيفتا (الأيام) و(الصحافة) منذ التأميم في 1970م، أشبه بالقوميتين وليستا صحيفتي نظام بمعنى الكلمة، لذلك رأينا فيهما عمالقة في الأدب والشعر والفن والرياضة كانوا يرتادونهما ويكتبون فيهما حتى سقوط النظام في انتفاضة (رجب/أبريل 1985م).
أجمل وأحسن خبر ان تعود العلاقه بين الشمال والجنوب كما كانت من قبل – لأنهم حبايبنا وملح حياتنا