يوسف عبد المنان

انقلاب الهلال


حينما يصبح المال وحده للأندية تغيب العقلانية وتصبح الأندية الرياضية حضانة خاصة بالأفراد الذين يفعلون بها ما شاء لهم.. ولا تملك الجماهير العاشقة والمحبة إلا الوقوف حسرة على مآلات الأوضاع.. في بريطانيا أرغمت جماهير أحمر المرسايد أي نادي ليفربول العريق إدارة النادي الأمريكية على التراجع عن أسعار التذاكر التي فرضتها الإدارة في الموسم القادم لانتعاش خزائن النادي الفقيرة.. وخرجت الجماهير الأسبوع الماضي من معلب الانفليد في الدقيقة (78) احتجاجاً على الإدارة وحينها كان الفريق الأحمر متقدماً على منافسه سندرلاند بهدفين دون مقابل.. لكن خروج الجماهير المفاجئ ورفعها لرايات الاحتجاج أصاب اللاعبين في الميدان بالشرود الذهني فخسروا نقطتين في ملعبهم.. واضطرت الإدارة (الجمعة) الماضية التراجع عن قرارها إذعاناً للرأي العام ولكن في السودان من يملك المال ويصرف على النادي من جيبه، هو من يقرر في الشأن الفني والإداري يعين من يشاء.. ويطرد من يشاء بغير حساب ويستعين أصحاب المال بشخصيات ضعيفة يميلون حيث يميل الرئيس (عليك أميل وعلىَّ تميل عشان رضاك أنت يا جميل)..
نعم رئيس الهلال “أشرف الكاردينال” وحده يصرف على فريق كرة القدم وبناء النادي وسفر الوفود.. وتنقلات الفريق وسداد أجور اللاعبين والجهاز الفني وبقية العقد الفريد من إدارة النادي هم أنفسهم ينتظرون “الكاردينال” ليخصهم برحمته، فلا عجب أن أصبح النادي جزءاً من ممتلكات رجل الأعمال الثري.. هو من يقرر سحب الفريق من منافسات الدوري.. وإعادته ويحارب في معاركه الخاصة بسيف الهلال الصارم ولا يقف في طريقه مشجع على طريقة الانجليز (أرغموا) الإدارة الأمريكية على الإذعان لشروط أصحاب الحقوق الأصلية.. ونحن هنا نهتف لقرارات اتخذها “الكاردينال” في منتصف ليل (الجمعة) بتعيين مدرب جديد لفريق كرة القدم وإعفاء التقني الفرنسي كافالي دون إرهاق نفسه مشقة إصدار بيان توضيحي لمشجعي نادي الهلال، يعدد فيه أسباب وداوعي قرار إعفاء المدرب وتعيين مدرب جديد قبل مضي شهر واحد على بداية الدوري الممتاز، والفريق لا يزال ضمن الأندية الثلاثة التي تتصدر الدوري ويعين رئيس النادي نفسه رئيساً للقطاع الرياضي لأنه يأنس في نفسه القدرة على كل شيء، ويمضي في القرارات التي وصفها الذين حوله (يهتفون) بالثورية كأن الهلال كان تحت قبة الجنرال (هولاكو) وليس في أحضان “الكاردينال” نفسه الذي جاء بالمدرب الفرنسي برؤيته هو.. وسجل المحترفين برغبته ونظرته.. وعين “هيثم مصطفى” اللاعب الذي ذهب للمريخ واعتبر عاماً واحداً في القلعة الحمراء أفضل من سبعة عشر عاماً أمضاها في الهلال.. والآن لم ينقضِ زمن إلا وعاد “الكاردينال” من جديد يعين من يشاء ويبعد من يشاء ولا جهة ترفع أصابع الاحتجاج.. وقد أصبح نادي الهلال (إقطاعية) خاصة بالرأسمالية التي انتخبتها الجماهير وأعضاء النادي مرغمين فالفقر والعوز الذي عاشه الهلال قبل مجئ “الكاردينال” وبعد هروب “صلاح إدريس” جعل جماهير الهلال أمام خيار من لا خيار له.
في العام الماضي تعاقب على تدريب الهلال عدد كبير من المدربين بدأ الموسم بالبلجيكي “باترك” الذي أعفاه “الكاردينال” على طريقته الحالية وجاء بالمدرب الوطني “التاج محجوب”، ثم سرعان ما أبعده من المقعد الفني ليأتي بالمدرب الوطني “الفاتح النقر”.. وأخيراً التونسي “الكوكي” ليصبح الهلال حقل تجارب وطبيعي أن يحصد الفشل والخروج من المربع الذهبي للبطولة الأفريقية. الآن يعود “الكاردينال” لممارسة هوايته في التغيير والتبديل.. يعفي الفرنسي ويأتي بالمصري “طارق العشري” ويعين “مبارك سليمان” مدرباً عاماً.. ويحتفظ بهيثم مصطفى مساعداً للمدرب.. فهل بمثل هذه التغييرات (العشوائية) يستطيع الهلال الحصول على بطولة؟؟ وإلى متى تظل جماهير الهلال (تتفرج) على نادي (تعشقه) ولكنها لا تملك من أمره شيئاً ولماذا لا يصبح الهلال شركة يتنافس على إدارتها من يملك أكبر الأسهم.. ولجماهير الهلال الصبر وحسن العزاء.


تعليق واحد

  1. اصبت استاذ يوسف اتمني ان تكون الاقلام الصحفية تتحلي بنفس الشجاعة والواقعية