د. عبير صالح

التهاب المجاري البولية


استجابة لرغبة القراء..
التهاب المجاري البولية هي حالة مرضية شائعة تصيب الإناث اكثر من الذكور، وذات أهمية خاصة في الاطفال، والاغلبية العظمى من المرضى الذين يرتادون العيادات هم من النساء في حين لا تُعَد الاصابة بالالتهابات بين الرجال من الأمراض الشائعة، ولكن يعد في غاية الخطورة اذا ما أصيب الرجال بمشاكل إلتهابية في الجهاز البولي. دعوة لتلقي الضوء على الجهاز البولي وتركيبه ووظيفته.

الجهاز البولي يتكون من الكليتين والحالبين والمثانة البولية والاحليل والمحور الاساسي هو الكليتين نسبة لدورهما الفعال في تنقية الدم من المواد الضارة والتخلص منها في شكل بول، كما لها أهمية في موازنة الأملاح والمركونات الاخرى في الدم، كما تفرز هرمونات تساعد على إنتاج كريات الدم الحمراء..
ويصل الكلية بالمثانة الحالبان وهما عبارة عن أنبوبين ينقلان البول من الكلى للمثانة، التي تعتبر مخزناً للبول حتى يتم التخلص منه عن طريق الإحليل.
٭ ما هي أنواع التهاب المجاري البولية؟
– التهاب المجاري البولية السفلى: وهذا يشمل التهاب المثانة البولية الحاد ومجرى البول الخارجي وهذا الاكثر انتشاراً.
– التهاب المجاري البولية العليا: وهذا يشمل الكُلى وهو أقل انتشاراً ولكنه أكثر خطورة.
حسناً.. ما هو سيناريو العدوى؟
البول يعتبر خالياً من اي تلوث سواء كان بكتيريا أو فيروسات أو فطريات، ولكن يحدث الإلتهاب في المجرى البولي الذي معظمه بكتيري عندما تصل بكتيريا الجهاز الهضمي الموجودة في فتحة الشرج والقريبة من المجرى البولي الى فتحة الإخراج في المجرى البولي حيث تبدأ هذه البكتيريا في التكاثر والنمو والبكتيريا الشائعة تسمى «اي كولاي» وهي اكثر حالات الإلتهاب التي تحدث في مجرى الاحليل ومن ثم تنتقل الى المثانة، واذا لم يتم العلاج مبكراً تنتقل الى الحالب ومنه الى الكُلى.
هناك أنواع اخرى من البكتيريا مثل الكلاميديا والمايكوبلازم تسبب التهاب المجاري البولية للجنسين على حد سواء، ولكن تنحصر في الاحليل بخلاف «اي كولاي». ايضاً قد تصل البكتيريا الى المجاري البولية عن طريق الدم والغدد الليمفاوية، ولكن صعودها عن طريق الاحليل هو الاكثر شيوعاً وانتشاراً.
ًً٭ هناك سؤال يتبادر الى الذهن.. من هم الاكثرعرضة للاصابة بالتهاب المجاري البولية؟
– اي خلل في الجهاز البولي يعيق حركة البول أو إنسداده يزيد من قابلية الإصابة، وذلك بسبب ركود البول واعطاء فرصة للبكتيريا للنمو مثل استخدام أنابيب القسطرة التي تصل عبر الاحليل للمثانة اذا استخدمت لفترة طويلة جداً من الزمن «كبار السن وفاقدي الوعي والذين لا يستطيعون التبول» كما أن الجو الحار في هذه الايام والتعرق الزائد وعدم شرب الماء بصورة مستمرة قد يعطي ايضاً فرصة للبكتيريا للنمو.
– مرضى السكري اكثر عرضة للاصابة نتيجة لنقص المناعة لديهم.
– النساء اللائي يستخدمن الواقي المهبلي للتحكم في الإنجاب عرضة اكثر من النساء اللائي يستخدمن طرقاً أخرى لمنع الإنجاب.
– المرأة الحامل اكثر عرضة نتيجة للتغيرات الهرمونية والتغيير التشريحي للجهاز البولي اثناء الحمل.
– عند النساء بصورة عامة مع ازدياد العمر نتيجة لقصر المجرى البولي وقربه من فتحة الشرج «غنية بالبكتيريا» كما ان المعاشرة، بين الزوجين تساهم الى حد ما في اصابة المرأة بالإلتهاب.
– وجود عيب خلقي في الكلية مثل تكسير الكلى ووجود الحصاوي في الحالب والمثانة والانيميا المنجلية تساعد على زيادة حدوث إحتمالات المضاعفات.
– ايضاً استخدام المضادات الحيوية لفترة طويلة من غير استشارة الطبيب.
٭ ما هي اعراض التهاب المجاري البولية؟
– ليس كل المرضى بالتهاب المجاري البولية تظهر عليهم أعراض المرض ولكن معظمهم تظهرعليهم بعض من تلك الأعراض الدالة على التهاب المجاري البولية ونذكر منها:
1/ تكرار الذهاب الى الحمام بشكل اكثر من المعتاد.
2/ الرغبة في التبول مع خروج كميات صغيرة جداً من البول.
3/ الشعور بألم عند أسفل البطن خصوصاً عند التبول.
4/ تشعر النساء بوجود ضعف غير مريح أسفل البطن واعلى العانة.
5/ بعض الرجال يشعرون بامتلاء في الجسم موضع إخراج البراز.
6/ البول قد يظهر بلون غير نقي ومتعكر.
7/ قد يلاحظ لون أحمر يدل على وجود الدم في البول.
8/ ارتفاع درجة حرارة الشخص بالاضافة للغثيان والقيء.
9/ ألام في الظهر والجنبتين أسفل القفص الصدري مباشرة.
01/ بول ذو رائحة كريهة.
٭ كيف يتم تشخيص التهاب المجاري البولية؟
اولاً من الأعراض ثم يطلب فحصاً عاماً للبول لمعرفة الخلايا الصديدية وخلايا الدم الحمراء وأنسجة المجرى البولي ووجود البكتيريا وغيرها ويجب أن تؤخذ عينة من البول في منتصف عملية التبول وليس البداية أو النهاية لتجنب تلوث العينة.
– اذا وجدت الخلايا الصديدية كثيرة العدد فالأفضل مع فحص البول العام عمل تزريع للبكتيريا ويأخذ على الأقل «3» أيام في المعمل.
قد يلجأ الطبيب المعالج لعمل فحوصات اخرى إضافية منها:
– أشعة بسيطة للبطن، وموجات صوتية لمعرفة الحصاوي التي قد تتسبب في إنسداد المجاري، وبالتالي تسبب الإلتهابات المتكررة.
-أشعة للمثانة والاحليل ملونة- تؤخذ أثناء التبول.
– منظار المثانة وخاصة عند تكرار الإلتهابات، ووجود دم في البول خاصة بعد سن الأربعين لمعرفة وتشخيص سرطان المثانة.
٭ كيف يعالج إلتهاب المجاري البولية:
قبل العلاج الدوائي عليك عزيزي بإلتزام الآتي:
– شرب 2 لتر من الماء يومياً وخاصة هذه الأيام.
– التبول 3-4 مرات.
– التبول عند الخلود للنوم ليلاً وبعد المعاشرة الزوجية.
– تجنب حدوث الإمساك لأنه يعرقل إخلاء المثانة من البول.
٭ العلاج الدوائي:
– يتم العلاج بواسطة استخدام المضادات الحيوية على حسب نوع الميكروب المسبب للمرض.
– في أغلب الأحيان تختفي الأعراض بعد يوم أو يومين من إستخدام المضادات الحيويةولكن هذا لا يعني القضاء الكامل على البكتيريا لذا يجب مواصلة العلاج على الأقل لمدة أسبوع أو أسبوعين على حسب الحالة.
– ثم يتم إجراء فحص للبول بعد إكتمال العلاج بالمضادات الحيوية للتأكد من خلوه من البكتيريا.
– هناك بعض المرضى الذين يحتاجون لدخول المستشفى واعطاء الأدوية والسوائل الوريدية حتى يتم شفاؤهم من حالة التهاب الكُلى العادي.
التهاب المجاري البولية عند الأطفال:
من الأمراض الشائعة عند الأطفال ولكن في الأطفال غالباً ما يختلط الأمر ويصعب تحديد السبب ويشخص تشخيصاً مختلفاً فالأعراض قد تكون:
– قلق وتوتر وانزعاج شديد بالنسبة للطفل.
– فقدان الشهية مع إرتفاع درجة الحرارة.
– وجود سلس بول وتغير في طبيعة التبول.
– وجود إسهال.
-آلآم عند التبول، والتبول في السرير لا إرادياً.
– نفس الأعراض عند الكبار.
٭ الأطفال اكثر عرضة للاصابات بالتهابات البول المتكررة، وهذا له أسباب كثيرة منها:
– قد يكون مسار البول عكسياً وخاصة عند الأطفال الذين يعانون من عيب خلقي، حيث يتدفق البول من المثانة للحالب في صورة عكسية مما يؤدي الى نمو البكتيريا، ثم الى التهاب البول المتكرر.
– توسع إحدى أو كلتي الكليتين بسبب انسداد الحالة، بالإضافة للأسباب الموجودة عند الكبار.
٭ هناك بعض العوامل المساعدة لحدوث التهاب المجاري البولية عند الأطفال منها:
– نفس العوامل المساعدة عند الكبار.
– بالإضافة إلى احتباس البول فترة كبيرة في المثانة نتيجة لوجود عيب خلقي.
– وضع الطفل في الحوض أو الرغوة المائية أثناء الإستحمام.
– إستعمال الملابس الضيقة للأطفال.
– مشكلة تغيير «الحفاضات» للطفل والنظافة بالطريقة الصحيحة.
– تتشا به الأعراض والتشخيص والعلاج للأطفال والكبار مع اختلاف الطريقة والجرعة المناسبة.
– هناك بعض الإرشادات للأمهات لوقاية الأطفال من التهاب المسالك البولية منها:
– عدم استخدام الحوض أو الرغوة المائية عند الإستحمام.
– الإكثار من شرب الماء والسوائل.
– الحرص على نظافة الملابس الداخلية.
– عدم إهمال علاج الإمساك.
– تعليم الأطفال الطرق الصحيحة للنظافة بعد التبول.
– تعليم الأطفال عدم حبس البول لفترات طويلة وتفريغ مثانته قبل النوم.
معلومة:
إلتهاب الكُلى يتطلب علاجاً لفترة طويلة بالمضادات الحيوية قد تصل إلى عدة أسابيع ولكنه قد يتلف الكُلى ابداً إذا أهملت ولم تعالج.
النصيحة العامة هي أن شرب الماء كفيل بغسل المجاري البولية والوقاية من الإلتهابات، وإن حدثت فانها تعجل بالشفاء.
ودمتم سالمين..
وأخيراً: القراء الأعزاء: عليكم بكثرة الاستغفار ولا تنسى كلما دعوت الله تعالى أن تقول كما قال أيوب عليه السلام «وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين» الأنبياء «83» وكما قال يونس عليه السلام: «وذا النون إذ ذهب مُغاضِباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين» الأنبياء «87». وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: «إذا أحب الله تعالى عبداً ابتلاه، فإن صبر اجتباه، فإن رضي اصطفاه».