حقك علينا يا وطن
نعم، الإنترنت هو هبة هذا العصر، فلولاه لما عرفت وأحسست بهذه المبادرة العظيمة التي يقودها وينفذها مجموعة من الشباب من أبناء هذه البلاد التي لن تعقر أبدا. المبادرة بعنوان (حقك علينا يا وطن)، وتهدف إلى تنظيف العاصمة الخرطوم من الأوساخ أولا وتجميل ساحاتها ومواقفها ثانيا, وقد انطلقت الحملة فعليا يوم أمس الجمعة، وظهر الشباب من الجنسين ومعهم عدد كبير من الأطفال وهم ينظفون شوارع العاصمة وجسورها، يكنسون الأتربة ويلتقطون الأكياس المتطايرة القذرة، ويرسمون اللوحات التشكيلية التجميلية المعبرة على المنصات والأعمدة والركائز الأسمنتية والحديدية، بعد إزالة المظهر المؤذي للإعلانات الورقية المشوهة لوجه العاصمة بتمزقها وتراكمها المتسخ فوق بعضها.
ومن نعم الإنترنت أنك بسهولة تتعرف على ملامح الخبر وحقيقته، وتصل إليه بالصورة والفيديو – البيان بالعمل، وهذا ما حدث لي بالضبط صباح أمس الجمعة، حيث أحسست رغم وجودي بعيدا في الغربة بعظمة هذا الفعل الذي يؤديه هؤلاء الشباب وأنا أراهم يتحركون بكل نشاط في شوارع وساحات العاصمة، بين أيديهم المكانس وأدوات النظافة، والبوهيات والألوان، الكل منهمك في العمل، بجدية ونشاط الأطفال قبل الكبار، والبنات قبل الأولاد.. مشهد بهيج أسعدني وأفرحني وأعاد إلى قلبي فرحة كادت تسرق بفعل الواقع المرير الذي يحياه الجميع الآن في السودان.
وعن المبادرة قرأت هذا المقتطف من بيان أطلقه الشباب الذين يقفون من ورائها على الإنترنت: “المبادرة دي لرفع الحس الوطني للناس باهتمامهم بي بيئتهم.. وترقية سلوكهم تجاها.. اختاروا أوسخ حتة في العاصمة.. ميدان جاكسون.. وقرروا يبدوا بيهو.. نظافة.. تشجير.. ورود.. صيانة رصيف.. وتركيب مكبات قمامة ثابتة.. انطلقت المبادرة.. وفي أقل من 24 ساعة لقت تجاوب كبير من المتطوعين.. والناس.. بل حتى الشركات الخاصة قررت تنضم ليهم.. بالنسبة للناس البتسأل عن دورها.. والناس البعيدة.. دورك ممكن يكون تجي بي مقشاشتك.. دورك ممكن يكون تجي شايل شتلة تشتلها.. دورك ممكن يكون تجي شايل فرشة وجركانة بوهية.. دورك يمكن تجي تسقي الناس الشغالين موية.. دورك يمكن يكون فكرة تكتبها لينا.. دورك ممكن تكلم الناس عننا وتشجعنا.. اعمل شير”.
إذن يا صديقي ويا صديقتي “جيب مقشاشتك وتعال معانا”.. دوركم جا.