رجل لن يتكرر!!
حتى لو كنت تختلف معه مائة بالمائة أو تقف على النقيض من آرائه، إلا أن الشخص لا يملك إلا أن يعترف أن الدكتور “حسن عبد الله الترابي” هو واحد من عباقرة الشعب السوداني من الجيل الذي تميز بالنبوغ والشطارة والتفرد ليكون كما أسماء كثيرة وشخصيات عديدة، واحدة، لا تتكرر ولا تستنسخ ولا يجود الزمان بمثلها.. والدكتور “حسن الترابي” رجل مفكر متجدد البحث والتنقيب فيما يربط الحياة بالدين، لم يتوقف أبداً عن الطيران في سماوات المعرفة تفسيراً وشرحاً وإضافة، ورغم ذلك لم ينقطع أو يقصي نفسه عن الهمّ الوطني وظل منافحاً ومكافحاً في دروب السياسة التي خصمت من سنوات عمره الكثير في السجون والمعتقلات.
أكثر ما كان يلفت نظري في شيخ “حسن” أنه إطلاقاً ما التصق اسمه بفساد أو بحث عن خير دنيا زائل، رغم أنه وفي فترات كثيرة كانت كل الخزائن بالنسبة له متاحة، والطريق إلى الثروة والمال معبد والبوابات مفتوحة، لكنه لم ينشغل عن طريق الدعوة وظل وفياً للرسالة التي وهب عمره لها!!
دعوني أقول إنه وبعد رحيل الدكتور “حسن عبد الله الترابي” سنكتشف كما اكتشفنا بعد رحيل الكثيرين أننا قد فقدنا عظماء لم نعرف عظمتهم في حياتهم، وكل ما عرفناه عنهم كان النزر القليل بل والقليل جداً، وسنكتشف كم كان الرجل يملأ مكاناً لن يستطيع أحد أن يملأه وسيظل شاغراً لنتجرع بعدها مرارة الفقد العظيم.. لكن خلوني أقول إن وفاة الشيخ “حسن الترابي” أول أمس، والجموع الغفيرة التي شيعت جثمانه أمس والعيون الباكية، وعلى فكرة لم يكن كل هؤلاء من المؤتمر الشعبي ولا حتى رفاق الحركة الإسلامية بل من تيارات وقوى سياسية مختلفة ومن عامة أبناء الشعب السوداني، أقول إن هذه الجموع أكدت أن الشعب السوداني ضميره واحد ووتر إحساسه واحد، يجتمعون بلا منادٍ ولا تحانيس ليسندوا بعضهم بعضاً عند الحزن والشدائد، وكاميرات التلفزة رصدت في مساحة كم متر بمنزل الراحل الكبير كل الوجوه السودانية التي فرقتها السياسة، بل ربما بعضهم كان مختلفاً مع “الترابي” نفسه، وهم يعزون بعضهم بعضاً وكل واحد سيد البكاء وموجوع بالمصاب حتى لحظة دخول السيد الرئيس إلى منزل الراحل الكبير لحظة تاريخية وثقت لها الكاميرا و”البشير” يدخل (راجلاً) على قدميه يشق جموع الناس بلا حراسة وبلا بروتوكول ولا حواجز، صدره وضهره مكشوفين وكذا جنبيه، ففي أي بلد بالله عليكم يحدث مثل هذا التلاحم وهذا التلاقي وهذا الصفاء وهذا الأمن؟! لذلك فإن استرجاع شريط هذا التجمع الكبير والتوقف عند الحدث دافع عظيم ليجعل أهل السودان وقادتهم يطرحون على أنفسهم السؤال المهم: بالله عليكم كيف (تجمعكم) الأحزان (وتفرقكم) لعبة السياسة حتى (لا نجتمع) في فرح الوطن الكبير.
في كل الأحوال، فقدت الأمة الإسلامية والسودانية عالماً وسياسياً وسودانياً أحب هذا البلد، لم يفارق ترابه ولو لحظة، ظل حليفاً ومعارضاً من الداخل، قضى ستين عاماً محارباً ومهموماً ومشغولاً، لم يأخذ في ذلك ولو استراحة محارب حتى فارقت الروح الجسد النحيل.. فالعزاء للأمة السودانية في الراحل الكبير الذي أتمنى أن يكون اجتماع أهل السودان في سرادق عزائه الممتدة ميثاقاً يتراضون عليه ليخرج هذا البلد من أزماته، وهي بمثابة وصية لرفاقه وتلاميذه وهو من كان مهموماً في آخر أيامه بوحدة وسلام أهل السودان.. ورحيل “الترابي” في هذا الوقت سيكون نقطة مفصلية وحساسة وفارقة للاجتماع على كلمة سواء، فلا تضيعوا الفرصة!!
{ كلمة عزيزة
الحياة قصيرة لدرجة أنها لا تكفي الشخص العادي، ربما، لإكمال ما بدأه من عمل ولو خاص جداً وعلى أضيق حدود، فكيف ينظر إليها الذين يحملون بين أيديهم ملفات البلاد والعباد؟ كيف ينام هؤلاء وفي إدراجهم مظالم لم يبت فيها أو حقوق معلقة لم تعطَ لأصحابها؟! يا هؤلاء الحياة مهما طالت قصيرة، كومضة الضوء، تمضي في غمضة جفن ولا تبقى إلا الذكرى الطيبة والأعمال الصالحات.. فلا يغرنكم نعيم الدنيا وسطوة السلطان.
{ كلمة أعز
كل الفضائيات السودانية الرسمية والخاصة تستحق الإشادة وهي تغطي الحدث لحظة بلحظة، وإن كانت قد تأخرت في إعلان الوفاة ليبدأ المشاهدون في البحث عن الخبر في القنوات العالمية.. وهي عادة تمارسها الفضائيات السودانية في زمن أصبح فيه الخبر متاحاً وبسرعة الضوء.
الترابى كان رجل تنظيم بنى تنظيما ووصل به للسلطة ولكن وقف عند هذا لم يكن رجل دولة بمقاييس زعيم ليبنى دولة بمعنى مقاييس بناء الدولة
(وهم يعزون بعضهم بعضاً وكل واحد سيد البكاء وموجوع بالمصاب حتى لحظة دخول السيد الرئيس إلى منزل الراحل الكبير لحظة تاريخية وثقت لها الكاميرا و”البشير” يدخل (راجلاً) على قدميه يشق جموع الناس بلا حراسة وبلا بروتوكول ولا حواجز، صدره وضهره مكشوفين وكذا جنبيه، ففي أي بلد بالله عليكم يحدث مثل هذا التلاحم وهذا التلاقي وهذا الصفاء وهذا الأمن؟! لذلك فإن استرجاع شريط هذا التجمع الكبير والتوقف عند الحدث دافع عظيم ليجعل أهل السودان وقادتهم يطرحون على أنفسهم السؤال المهم: بالله عليكم كيف (تجمعكم) الأحزان (وتفرقكم) لعبة السياسة حتى (لا نجتمع) في فرح الوطن الكبير.)
و الله عبرتي و أبدعتي
قرأتها فاشجتني كأنما أقرأ قصيدة صاغها جان
و كدت أرقص طربا و كأنها أغنية من جنان
خضر الله قلمك و زادك علما و رجاحة عقل
رحم الله و غفر للشيخ حسن الترابي و أدخله فسيح جناته
اللهم أهدي الشعب السوداني و و أنزع ما في نفوسهم من غل و أجمعهم على كلمة سواء يا رحمان يا رحيم
إنتي يا زول ماك نصيحة!!!! تاني عايزة تجيبي لينا واحد زي دا!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟