سعد الدين إبراهيم

الربيع النباتي


في المسكن الذي أقيم فيه مستأجراً.. لاحظت فجأة أمام الباب الكبير نبتة متسلقة عشوائية لم يزرعها أحد أو يرعاها أحد.. هي مثل الليف أو اللبلاب اتكأت على الحائط ونمت واستطالت حتى أصبحت تعريشة أيمكن أن تنمو في بيتك نبتت بهذه القامة دون أن تعلم أو تدري.. أيضاً في قطعة أرض لم تبن بعد في وسط البيوت بنت شجيرات.. عٌشرة هناك.. وسنمكة هنا لكن ما حيرني نبتة اتخذت مساحة كبيرة غريبة الشكل تشبه الزجاج المنثور أو قطع الثلج المندوف.. صورتها بالموبايل لا أدري لماذا؟ بينما أصورها سألني بعض المارة فقد أثار فضولهم زول بيصور ليهو في قطعة أرض فاضية ماذا أصور؟ أوضحت لهم قال أحدهم ببساطه تلقى دي شجرة يطلعوا منها كميه من الأدوية؟ ملاحظة بدت لي ذكية رغم أنها لم تتكئ على شيء.. تملكتني حيرة إصرار الزرع على أن ينمو مع أننا أهملناه.. فالمنطقة التي أسكنها أراضٍ زراعية تم تحويلها إلى سكنية بسبب إهمالها وعدم استثمارها. أضجعت على سريري ولا تفكير لي سوى ثورة النباتات هذه.. فبرغم أننا هجرنا الزراعة ولم نحفل بها إلا أنها تصر على أن تعلن عن وجودها وتتحدانا سأنمو رغم أنفكم فهذه مهمتي. بعد ذلك رأيت فيما يرى الحالم أن النباتات والزروع استطاعت أن تكون نقابة.. واجتمعت تلك النقابة وقررت إعلان الثورة ومعاقبة أولاد آدم وبناته الذين واللائي أهملنها.. ثم حددت الخطة في أن ترشق البيوت والعمائر نباتات مختلفة وغير مثمرة حتى لا يفرحوا بها فهم (يحبون الميتة).. فوضعوا خطة مؤداها.. الزحف النباتي على البيوت والتمدد على الجدران وسد المنافذ عليهم.. فيصبحون في هم إزالة تلك الزروع والنبتات.. لكن في الخطة أن تنمو أختها بقربها بكثافة وتستعد الثالثة للنمو.. أصبحت تلك ظاهرة واستحقت التصدي لها.. فنشأت مهنة جديدة مهنة (القطاعين) من قطع يقطع فهو قطاع.. ونشأت شركات عابرة للقارات مهمتها التصدي للزروع.. أصبح المواطن يلاقي المواطن فيسأله إن شاء الله القطع عندك ماشي تمام.. عقدت سمنارات وورش.. وندوات.. وبرامج تحليلية.. وظهر من وين ما تعرف “خبراء تحليل هجوم النبات”.. وأصبحوا يفتون.. قال عالم أو متعالم أن التربة كائن حي.. تنمو وتكبر وتشيخ ثم تعود لها دورة الحياة فتحاول النمو.. فتجد أن لا أحد يحرث الأرض ولا أحد يفلحها ويبذر فيها البذور ثم يرويها ويرعاها.. فإن لم تجد وهي لابد أن تحقق شرط النمو.. فثارت فأصبحت التربة تهتم بالبروس والشجر الذي ينمو بعيداً عن الإنسان.. فعوضت فيها حرمانها من النمو الطبيعي إلى نمو يشبه فيما يشبه العقاب..
قال عالم آخر:- يجب أن نطور بسرعة علم نفس النبات.. وقال شيخ جليل: هذا غضب من الله على عمايل الناس التي أصبحت بعيدة عن الدين وقريبة من الدنيا.. وقال شاعر وملحن قاع المدينة (البروس) إنه سيؤلف ويلحن أغانٍ ضد ظاهرة الهجوم النباتي: تقول:- اريتو عمل السواد عليكم أعلنا الجهاد يا زرع يا سجم الرماد.. استمر الهجوم الشجري.. واستمر التصدي البشري.. وتدخلت الأمم المتحدة.. وأصدر جماعة الرفق بالنبات بيانات تشجب وتدين القلع المستمر للنباتات فقط لكون أنها غير مثمرة.. ورجع البعض إلى الماركسيين يذكرونهم بالمادية الجدلية.. حتى يجدوا لنا مخرجاً من هذه الورطة ووجدوا إجابات على شاكلة: لابد من زوال النظام لارتباطه التاريخي بالعدوان الغاشم على طلائع الكادحين الثوار من النباتات والزروع.. امتدت النباتات إلى كل الحي.. ودخلت البيوت وهاجمتني في سريري وأخذت تلتف حولي حتى وصلت إلى عنقي.. تعرفون طبعاً أنني صحوت أو أفقت أو انتبهت!


تعليق واحد

  1. ارجو اعادة النظر في احد مقالاتك السابقة عن خضار البامية المجففة او الجافة ( الويكة ) . هي نعمة من نعم الله على شعب السودان . لانها تعتبر ( سائر قوت اهل البلد ) وليس صحيحاً ما ذكرته من انها خالية من الفوائد الغذائية . زمان اولاد العاصمة كانوا يتهكمون ويضحكون على اولاد الاقاليم بسبب ( اكل الويكة ) . اتمنى ان تكون هذه النبتة التي تشبه الزجاج المنثور نوعاً من انواع البامية ( الويكة ) .