ود الترابي … منطقه يكسوها الحزن برحيل شيخها
* في الضفة الغربية للنيل الأزرق تقع مدينة ود الترابي بالريف الشمالي لمحلية الكاملين بولاية الجزيرة، وتبعد 86 كيلومتراً جنوب الخرطوم، تحدها من الناحية الجنوبيه قرية الكسمبر وشمالاً منطقة التكلة أبشر، وشرقاً قرية ود راوة، ومن الناحية الغربيه حلة حمد، سميت عليها العديد من المناطق كمحطة سكة حديد الترابي ومكتب تفتيش الترابي وتعتبر مركزاً لقبيلة البديرية، المنتشرين في مناطق عدة بالولاية، من بينها حلة حمد وطيبة النعيم وأبروس والقلقالة والحليلة والكسمبر
تاسيس المنطقة
يرجع تاسيس المنطقة بحسب الروايات على يد العارف بالله الشيخ حمد الترابي البديري الدهمشي، الذي جاء للمنطقة بغرض نشر علوم الدين والحديث من دبة الفقراء بالولاية الشمالية، واستقر بالمنطقة وأطلق مقولته الشهيرة (دا مكان خلوتي وقبري) وبالفعل توفى حمد في العام (1116هـ) وقبر بها وإنتقلت خلافتة إلى أبنائه، فكان الخليفة الأول الشيخ النعيم، وتداولت الخلافة بينهم إلى أن وصلت الخليفة العاشر الحالي بروفيسر الشيخ أبوعاقلة، ومن أبرز أبناء الشيخ حمد، الخليفة الحاج ود البشير وهو أول من سلك الطريقة الختمية بالبلاد علي يد الإمام الختم بمكه المكرمة، والشيخ النعيم ود مضوي الذي سلك الطريقة السمانية علي يد الشيخ الطيب ود البشير، والشيخ عبد الله الترابي القاضي الشرعي وأول من تخرج من معهد أم درمان العلمي، ونال الشهادة العالمية في العام 1912هـ والنعيم ود حمد الذي اشتهر بالكرم
* رموز المنطقة
ورفدت المنطقة البلاد بشخصيات يشار إليهم بالبنان على رأسهم المفكر الاسلامي الشيخ حسن عبد الله الذي كان حريصاً طوال حياته علي مشاركة أهله وأقاربه بود الترابي في الأفراح والأتراح، بجانب دكتور مضوي الترابي والدكتور دفع الله عبد الله وحمد الترابي رئيس قسم الباطنية بجامعة الخرطوم، اللواء طبيب عبد الله خالد، دكتورة نعيمة محمد وزيرة التربية والتعليم بولاية الجزيرة سابقا، بجانب دكتور النور حمد وعباس عبد الباقي رئيس اتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل، وهنالك شخصيات كثيرة من أبناء المنطقة من المبرزين في شتى المجالات لايسع المجال لذكرهم .
و القرية بها مدرستان أساس للبنات والبنين ومركز صحي وثلاث رياض أطفال، بالإضافة لعيادة خاصة وثلاثة مساجد، من بينها المسجد العتيق للشيخ الترابي النحلان، ويضم خلاوي لتحفيظ القران الكريم ودراسة علوم الحديث ـ بجانب مسجد شيخ عبدالله المعروف بالسرايا ومسجد وخلاوي الشيخ حيدر محمد السيد).
علاقة الترابي بالمنطقة
ينتمي الشيخ حسن عبد الله الترابي لقبيلة البديرية الدهمشية فهو حسن عبدالله دفع الله محمد النعيم البشير النعيم عبد الحبيب النعيم الشيخ حمد ودالترابي ووالدتة نفيسة الخليفة إبراهيم الحاج ود البشير، ويقع منزل الشيخ في الناحية الشرقية من القرية، وقد شيد من الطوب الأحمر، وهو منزل متواضع كسائر بيوت أهل المنطقة، ويوجد بالقرب منه مسجد عرف بمسجد فريق قدام، أسسة والده عبدالله الترابي، والذي قبر بداخله.. ووالد الترابي كان متزوجاً من ثلاث نساء وأبناؤه هم حسن وإسحق وإسماعيل ويعقوب ومعاوية وعبد السلام وعبد الحليم والشهيد عبد الخالق وميمونة وسلمى وأم كلثوم وسعاد وسارة وعائشة وآمنة وزينب وفاطمة.
وجوم ودهشة
أصاب القرية حالة من الوجوم والدهشة بسبب وفاة ابنها الداعية والمفكر الإسلامي الذي وصفه أهل القرية بالزاهد المتقشف البار بأهله، كان الترابي المولود في مدينة كسلا بشرق السودان يداوم علي زيارة أهله وتفقدهم في جميع أحوالهم، ويشاركهم في الأتراح قبل الأفراح، ولم يكن هنالك عقد قران إلا وكان الترابي حضوراً يقدم رسالة التوجيه والإرشاد في شكل ممازحة، ويقول مداعباً في مراسم عقد الزواج أن العروسة وكيلة نفسها مادامت موجودة، وإذا حدثت وفاة يتوجه صوب نساء القرية ويرفع معهن يدية بالفاتحة ويواسيهن في أحزانهن، وكان حضورا بشخصيتة وروحه، وفي حال عدم قدرته على حضور المناسبات يحرص على أداء صلاة العيدين في القرية التي ينتظره أهلها، ليقدم لهم خطبتة الفصيحة، حيث تتوافد القرى المجاورة لسماع حديثه على الرغم من تباين واختلاف ألوان الطيف السياسي والعقائدي إلا أن أهل القرية يدخرون معزة خاصة وحباً كبيراً لشيخهم.
جرح أهل المنطقة
نعى الناعي الترابي في جميع مساجد القرية ليخرج الأهالي صغاراً وكباراً غير مصدقين بما سمعوا، لكنهم سرعان ما تمالكوا أنفسهم وبدأوا بالتكبيروالتهليل مع بعض النواح، هنا وهناك، متوجهين لمنزل الفقيد بالحي (فريق قدام ـ الكمير) حيث نشأته الأولى متوقعين أن جسمانه سيوارى بمقابر(عكروت)، وعكروت هذا أحد حواريي جده حمد النحلان بمنطقة ود الترابي، ولكن أهل القرية فوجئوا بأن جثمان شيخهم لن يصل إلى منطقتهم لأسباب كثيرة، مما دفعهم للتوجه زرافاتاً ووحداناً صوب المنشية، وفي داخلهم جرح عميق تتعالى معه أصواتهم ما بين عويل النسوة وتكبيرات الرجال، فضاقت بهم ضاحية المنشية وساحة مقابر بري اللاماب
المنطقة خالية
في صبيحة اليوم الثاني لرحيل الترابي لم يكن بالقرية سوى العجزة من النساء والرجال الذين لايستطيعون الحركة، فقد أغلقت جميع المحلات التجارية والمخابز، وتوقفت عجلة الحياة بالمنطقة التي كساها الحزن وخيم عليها الظلام برحيل نبراسها وحامل رايتها، فظلت المركبات في حركة مستمرة طوال الليلة تنقل المعزين في الفقيد من منطقة ود. الترابي إلى داره بالمنشية، حيث أعلن جميع أهل القرية الحداد الكامل لمدة ثلاثة أيام، انقطعو فيها عن العمل بغرض ختم القرآن الكريم ووهبه لروح الشيخ.
ود المسيد والبنية
في داخل بيت العزاء بالمنشية تجمعت نساء المنطقة يصفن الفقيد بابن الترابية قبل أن يصبح من سكان المنشية، وهو ما كانت تردده بنات إخواته يا ابن الترابية ود المسيد والبنية حامل لواء القضية .
تقرير:زكية الترابي
صحيفة آخر لحظة
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، أولا أود أن أثني خيرا على هذا المقال الذي بين حجم فقدان المنطقة لشيخها و إبنها الدكتور الترابي له الرحمة و المغفرة، ثانيا أود فقط أن أصحح خطأ بسيط ورد في المقال و هو: (ومن الناحية الغربيه حلة حمد) فحلة حمد في الواقع تقع جنوب ود الترابي، أتمنى أن تتقبلوا مروري، كما أدعوكم و للمزيد من المعلومات و للتعرف أكثر على قرية حلة حمد التفضل بزيارة موقعنا على الإنترنت من هنا: http://hhamadv.yn.lt