“الترابي”.. نصير المرأة.. في وقبل يوم المرأة العالمي
في مناسبة يوم المرأة العالمي، تتفق جميع النساء بطول البلاد وعرضها، في أن الفقيد الراحل الشيخ “حسن الترابي” ظل طوال حياته نصيراً للمرأة، عمل على إخراجها من بوتقة التقاليد البالية إلى حيث المشاركة في الحياة الواسعة، وظل كتابه (المرأة بين تقاليد الدين وتقاليد المجتمع) مرجعاً مهماً للمرأة في المجتمعات العربية والإسلامية كافة.
وتؤكد الأمين العام لاتحاد المرأة “مريم جسور” لـ(المجهر) أن الشيخ يعود إليه الفضل في أن دستور1998م ينص لأول مرة في تاريخ السودان على التمييز الإيجابي للمرأة ودورها في الحياة العامة.. وفى مادته (97) نص على أن تكون هناك نسبة (25%) للمرأة في المشاركة في المجلس الوطني، كما له رؤاه الواضحة تجاه حق المرأة.
وتقول القيادية باتحاد المرأة- عضو المجلس الوطني، الأستاذة “عفاف تاور”، أن المشاركة الواسعة للمرأة في الجهازين التشريعي والتنفيذي، يعود الفضل فيها إلى الشيخ “الترابي” الذي ظل نصيراً للمرأة.. وبفضله نالت المرأة السودانية ما نالت من حقوق، كما أنها لم تخذل الشيخ، فأثبتت نجاحها في كل ما أوكل إليها..
وأبانت “تاور” أن الشيخ “الترابي” كان يشترط لمشاركة المرأة في السلطة أن تكون متزوجة، بغية محاربة العنوسة..
وقالت “تاور” إن نسبة مشاركة المرأة وصلت الآن في الجهاز التشريعي (المجلس الوطني- مجلس الولايات) إلى (32%)..
وتمنت أن تعمل المرأة على تطوير نفسها والمحافظة على ما اكتسبته من حقوق وفاءً للشيخ الجليل “الترابي”.
وذهبت رئيسة رابطة المرأة العاملة– عضو المجلس التشريعي بولاية “الخرطوم”، الأستاذة “عفاف محمد عبد القادر” في ذات اتجاه الأستاذة “عفاف تاور”، وقالت لـ(المجهر) الشيخ “الترابي” ظل طوال حياته من مناصري المرأة، وعمل بجد على تمكينها، وإعطائها كافة الحقوق في الممارسة السياسية جنباً إلى جنب مع الرجل، مما جعل لها دوراً في اتخاذ القرار..
وتضيف “عبد القادر” أن مؤلف الدكتور “الترابي” (المرأة بين تقاليد الدين وتقاليد المجتمع)، يعتبر مرجعاً مهماً للمرأة داخلياً وخارجياً.
مقتطفات من كتابه-(المرأة بين تقاليد الدين وتقاليد المجتمع)..
• “ولعل أقسى ما جرى على المرأة هو عزلها من المجتمع، فجعل ظهورها كله كشف عورة حتى الصوت، وسمى وجودها حيث يوجد الرجال اختلاطاً حراماً.. وأمسكت في البيت بذات الوجه الذي لم يشرعه الدين إلا عقاباً لإتيان الفاحشة”.
• “التمام في علاقات الحياة يستدعي في غالب تاريخ الإنسان مشروعاً لتحرير المرأة من الظلم والعزل في واقع سالف طفى فيه وزن المرأة وانشلت كثيراً فخاب وعد عطائها وبدت حال المجتمع خاسرة”.
• “ليس من الغريب في سنن التاريخ أن تستسلم الأم لوطأة وقع ظالم من الأب فهو سوى عجزه العضوي أن يحمل الجنين ويرضعه أضأل عاطفة من أن يضمه مثلها”.
• “إن الثورة في الأوضاع النسوية التقليدية آتية لا محالة، ولئن كان للإسلاميين داعٍ من دينهم لإصلاح القديم ولطي البعد القائم بين مقتضى الدين الأمثل في شأن المرأة وواقع المسلمين الحاضر، فإن اتجاهات التحول في ذلك الحاضر تدعو بوجه ملح إلى المبادرة والتعجل في الإصلاح الإسلامي قبل أن ينفلت الأمر وتتفاقم الاتجاهات الجاهلية الحديث”.
تحرير المرأة
ويقول الأستاذ “المحبوب عبد السلام” في كتابه (اجتِهَادات الشَيخ التُرَابي.. “عَوْدٌ عَلىَ بِدءِ” (إن الاجتهاد الاجتماعي الأكبر للدكتور “حسن الترابي” هو مساهمته الفذة في تحرير المرأة المسلمة وفق أصول القرآن وأصول السنة والسيرة، بعد أن استلبت شعار “التحرير” مناهج الفكر الغربي وأصول فلسفته المادية الاجتماعية، وحاولت مسخ المرأة المسلمة في الأخرى الغربية، فالشيخ “الترابي” الذي أسس بجلاء أطروحته عن المرأة على أصل التكليف المستقل لكل مؤمن كما هو لكل مؤمنة والمتماثل لكليهما وفق ظرفه وحاجته، بعد أن عُزلت المرأة المسلمة قروناً بأثر طغيان التقاليد على السنن وألحقت تبعاً للرجل وأهملت عن كل كسب في العلم أو العمل).
وقد صدرت النسخة الأولى من كتابه المعروف (المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع) في العام 1974 بعنوان آخر (رسالة المرأة)، وورد في تلك النسخة بالذات حديث “أبي داؤود” عن “أم ورقة” التي أذن لها الرسول (صلى الله عليه وسلم) في إمامة أهل بيتها في الصلاة، وهو ذات الموقف الذي التزمه في كتابه الأخير “السياسة والحكم” الصادر عن دار الساقي في العام 2003 ضمن أطروحة أكثر شمولاً، يقول “الترابي” في فصل “سلطة الإمارة والتنفيذ والإدارة”: (الشرط الثاني الذي كتبه التاريخ على الفقه كأنه حكم قاطع خالد هو الذكورة لولاية الإمارة العليا، وقد سبق البيان أن الذكر والأنثى في أصول الدين وتكاليفه سواء، الفضل لمن آمن وعمل صالحاً، وأنهما لهما في سياق أسرة الزواج قسمة تكاليف متعادلة كلاً بما فضله الله على الآخر، وأنهما في إطار السياسة في شركة موالاة أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر أو مصابرة ومهاجرة وجهاداً وأيما ولاية على أمر عام، ولأن الله فاضل ومايز بينهما لتأدية وظائف زوجية ووالدية قد يخف التكليف أو يشتد بعد البوح السواء حتى لا يعوق في أيهما ما هو مهيأ له).
ثم يقول “الترابي” في ذات السياق: (ولكن فقهاء أحكام السلطان لم يتركوا تولية المرأة أمراً لتقدير شورى المسلمين يصرفونه غير مناسب، بل منعوه بحكم شرط الذكورة خالداً وبعضهم عمم الحكم لأيما ولاية أو قضاء، وقليل من أباح لها ولاية القضاء خصومات جنائية أو تعاملية وولايات العمالة الصغرى التي عرفت منذ سنة “عمر بن الخطاب” مع “الشفـّاء”، وغالبهم منع إمامة الصلاة رغم الحديث الذي ولاها الإمامة وهي أهل وأولى بها) “السياسة والحكم ص 286”.
وللذين لا يعرفون سُنة “عمر بن الخطاب” مع “الشـَفـّاء” فقد وَلّاها شيئاً من أمر السوق، وأما الحديث الذي أورده “أبو داؤود” في كتاب الصلاة، باب إمامة النساء: عن “عبد الرحمن بن خلاد” عن “أم ورقة” أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) لما غزا بدراً قالت له: يا رسول الله إئذن في الغزو معك أمَرِض مرضاكم لعل الله يرزقني الشهادة، فقال لها قري في بيتك فإن الله عز وجل يرزقك الشهادة وكانت تسمى الشهيدة، وكانت قد قرأت القرآن فاستأذنت النبي (صلى الله عليه وسلم) أن تتخذ في دارها مؤذناً فأذن لها، قال “عبد الرحمن” وكان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يزورها فجعل مؤذناً يؤذن لها وأمرها أن تؤم أهل بيتها، فأنا رأيت مؤذنها شيخاً كبيراً. (انتهى الحديث).
فاجتهاد الشيخ “حسن الترابي” كما حملته كتبه الموثقة، قديم قبل عقود من صلاة الدكتورة “آمنة ودود” في أمريكا، قد يوافي رأي الإمام “الطبري” في جواز الإمامة الكبرى للمرأة أو رأي “ابن حزم الظاهري” في جواز إمامة المرأة لزوجها إذا كانت أحفظ منه وأقرأ للقرآن، وقد يوافي رأي الأستاذ “أبو الأعلى المودوي” صاحب كتاب (الحجاب) الشهير في أواخر العقد الخمسين الماضي عندما أيّد ترشيح الحاجة “فاطمة جناح” شقيقة القائد الباكستاني “محمد علي جناح” على قائد الانقلاب المشهور “يحيى خان”، وأوضح أن شرطي الإمامة هما الدين والذكورة، وأن الدين أولى وأن الحاجة “فاطمة” تستوفي شرط الدين وإن لم تستوفِ شرط الذكورة، وأن “يحيى خان” يستوفي شرط الذكورة ولا يستوفي شرط الدين، ودعا أنصاره من ثم للتصويت لها، وهو -كذلك- اجتهاد لا علاقة له بالمشروع الأمريكي الصهيوني، كما سارع منخذلة الشيوخ ممن حاولوا (إعادة اكتشاف العجلة وفق السنة). فالمشروع اليميني الديني الأمريكي يؤمن بعودة “المسيح” ويرى في قيام دولة إسرائيل معجلاً لأوانه ولخراب اليهودية من ثمّ.. أو كما استخفت الإثارة الصحفية آخرين فانتحلوا لاجتهاد الشيخ وصفاً (الصلاة المختلطة)، فرأي الشيخ “الترابي” حول صف الصلاة واضح قديم لمن يبتغي الحق دون الإثارة وفي أشد كتبه انتشاراً وشهرة، يقول “الترابي” في كتاب المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع ص(16)، طبعة مركز دراسات المرأة: “ولا ينبغي أن يزدحم الرجال والنساء بحيث تتقارب الأنفاس والأجساد إلا لضرورة عملية كما في الحج، وحيثما وجد الرجال والنساء في البيوت أو الطرقات أو المجالس العامة يجب أن تتمايز الأوضاع شيء ما.. لذلك تمايزت الصفوف في الصلاة لأن في صفها يتراص الناس مقاماً ومقصداً.. ولأنها موضعٌ يتوخى فيه التجرد الشديد من كل صارف عن ذكر الله.. وقد اتخذ الرسول (صلى الله عليه وسلم)، باباً خاصاً للنساء (أبو داؤود): وقد روى “البخاري” عن “أم سلمة” رضي الله عنها قالت: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا قام النساء حين يقضي تسليمه يمكث هو في مقامه يسيراً قبل أن يقوم) انتهى.
المجهر
هل وقوفه مع المرأة – كما ادعى التقىير – يشفع له واحدة من ثوابت الدين التي استهزأ بها؟