رأي ومقالات

قراءات في تجربة الحكم اللامركزي في السودان «1»

جميل أن أصدر السيد/ رئيس الجمهورية القرار رقم «402» في نوفمبر من عام «2014م» بتكوين لجنة لتقييم وتقويم الحكم الاتحادي برئاسة نائب الرئيس السيد/ حسبو محمد عبد الرحمن، واختيار وزارة ديوان الاتحادي مقرراً، وعضوية مجموعة من الخبراء والنخب وذوي الشأن والاهتمام السياسي، وتشرفت بعضوية هذه اللجنة.
> ومهما كان من تأخير لأعمال ومهام هذه اللجنة وتنفيذ ذلك القرار الجمهوري، فتعد تلك خطوة جادة في إصلاح شأن الدولة في أهم مشروع أنجزته الإنقاذ، ويعد هو الأنسب والأفضل لإدارة دولة كالسودان يتسم باتساع رقعته الجغرافية وتعدد تركيبته السكانية مع عدد من الملاحظات عليه.
تجربة الحكم اللامركزي في السودان ونظرة تاريخية:
> الحكم اللامركزي أو الاقليمي أو الحكم الاتحادي قد مضت عليه خمس سنوات من التطبيق والممارسة والمعايشة في فترة الحكم المايوي «1980م» حتى «1985م»، وهي تجربة تستحق التقدير وأن يحتذى بها على الرغم من قصر مدتها.
> ومكث الحكم اللامركزي والحكم الشعبي المحلي في فترة حكومة الانتفاضة وحكومة الأحزاب من «1985م» حتى «1989م» أربع سنوات، وما له من ثاقبة ولا راغبة.
> وأكثر من عشرين سنة في فترة حكومة الإنقاذ قضاها الحكم اللامركزي والحكم المحلي في الممارسة والاجتهادات من حين إلى آخر في تعديل بعض القوانين للأفضل، لكنها فترة تحتاج للمراجعة والتقييم والتقويم والتطوير، وهذا ما قصد به السيد رئيس الجمهورية إصدار القرار الجمهوري رقم «402» في نوفمبر «2014م».
إذن كانت مكونات الدولة الثلاثة الأساسية هي:
> الشعب والإقليم والسلطة السياسية، فهي تحتاج من وقتٍ لآخر لصيانة هذه المكونات، وترقية هذه المفاهيم المكونة لها.
> فقد تطور مفهوم الدولة بعد حقب من الزمان، أي أن مفهوم الدولة قديماً يختلف اختلافاً كلياً عن مفهوم الدولة الحديثة اليوم، فالدولة في مفهومها القديم كانت تندمج في شخصية الحاكم أو القيصر أو الامبراطور أو السلطان أو الفرعون والكاهن إلخ..
> أما مفهوم الدولة الحديث، إما أن تكون دولة تتخذ صيغة النظام الرئاسي أو النظام البرلماني، ففي النظام الرئاسي يشغل رئيس الجمهورية قمة الجهاز التنفيذي، بينما يشغل هذا الموقع في النظام البرلماني رئيس الوزراء.
> وتدرج السلطات تنازلياً إلى الوزراء والوكلاء والولاة ومديري المصالح والمؤسسات الحكومية.
> وتتفاوت الحكومات في توزيع وتخويل السلطات، فمنها من يأخذ بنظام الحكومة المركزية، أي نظام التركيز الإداري للسلطات، أي تقوم الدولة بتجميع كل الأنشطة في الحكم والإدارة والتخطيط والتنظيم والتنسيق والتوجيه والإشراف في يد السلطة التنفيذية وحتى الفروع التابعة لها في العاصمة والأقاليم.
> أما الأسلوب الآخر فهو عدم التركيز الإداري، وإذ تقوم بعض الوزارات بتوزيع وتفويض بعض الاختصاصات المحدودة على فروع الوزارات والمصالح في الولايات «الأقاليم» والمديريات، فيسمى هذا النوع بالمركزية المعتدلة.
> أما النوع الآخر من نظام الحكم والإدارة فهو اللامركزية أو الحكم الاتحادي، أو الحكم الإقليمي، فهو ينبني على توزيع السلطات والاختصاصات بين السلطة الاتحادية والولايات أو «الأقاليم»، وتنشأ هذه بتخويل واضح وفق الدستور والقانون وتأخذ أشكالاً ثلاثة وهي:
1/ اللامركزية السياسية.
2/ اللامركزية الإدارية.
3/ اللامركزية المؤسسية أو اللامركزية المرفقية.
> واللامركزية السياسية تؤسس بوضع دستور يقوم على توزيع السلطات ووظائف الدولة.
1/ السلطة التنفيذية.
2/ السلطة التشريعية.
3/ السلطة القضائية.
> واتجه السودان حديثاً نحو اللامركزية السياسية والإدارية في فترة النظام المايوي، إذ تنص المادة السادسة من دستور البلاد لسنة «1973م» على «أن تدار جمهورية السودان بالنظام اللامركزي وفقاً لما يحدده القانون».
> والمادة السابعة من دستور البلاد لسنة «1973م» نصت على تقسيم الدولة إلى وحدات إدارية يحدد أسماءها وعددها القانون.
> كان ذلك لمعالجة عدة إشكاليات منها مشكلة جنوب السودان بعد توقيع اتفاقية أديس أبابا لسنة «1972م»، ثم لمعالجة إشكاليات وطموحات أخرى لعدة قوميات حتى تجد هذه القوميات منفذاً قانونياً تستطيع التعبير به عن ذاتيتها وتحافظ على هويتها وتقوم بالمشاركة والتخطيط لتنمية أقاليمها ثم إدارة مواردها.
> وبعد سبع سنوات من إجازة الدستور، أي في عام «1980م»، تم وضع قانون الحكم الإقليمي، وأصبح السودان يُدار بقانونين، قانون الحكم الإقليمي في جنوب السودان، وقانون الحكم الإقليمي في الشمال.
وبعد مؤتمر اللجنة القومية للحكم الإقليمي ووفق قانون الحكم الإقليمي لسنة «1980م» تم تقسيم السودان لعدة أقاليم:
1/ الإقليم الجنوبي وعاصمته جوبا.
2/ الإقليم الشمالي وعاصمته الدامر.
3/ الإقليم الأوسط وعاصمته ود مدني.
4/ الإقليم الشرقي وعاصمته كسلا.
5/ الإقليم الغربي وعاصمته بابنوسة.
أما الإقليم الغربي فقد تم تقسيمه إلى إقليمين بعد احتجاجات ومطالبات من نافذين سياسيين من أبناء كردفان، وقد استجابت السلطات السياسية واللجنة القومية للحكم الإقليمي برئاسة السيد أبيل ألير نائب رئيس الجمهورية آنذاك وأضيف:
ــ إقليم كردفان وعاصمته الأبيض.
ــ إقليم دارفور وعاصمته الفاشر.
> ونفس المطالبات والاحتجاجات سلكها عدد من قيادات الإقليم الشرقي لتقسيم الإقليم الشرقي إلى إقليمين.
> وصدر بعد ذلك وتم وضع قانون العاصمة القومية لسنة «1981م».

الخير الفهيم المكي

الانتباهة

تعليق واحد

  1. كلام زابل واودى بالسودان الى التشرزم…..خليكم واقعيين ……..والحقو دارفور وكردفان والنيل الازرق قبل فوات الامان