منصور الصويم

“وحش التجوال” وإليسيوم


دشنت الحركة الشعرية بالمشاركة مع منتدى مشافهة النص الشعري، أمس الاثنين 21 مارس، في يوم الشعر العالمي، أولى إصداراتها، كتابي الشعر (وحش التجوال) للشاعر مأمون التلب، و(إليسيوم) للشاعر والقاص محفوظ بشرى. وبينت الحركة في بيان لها أن هذه المنشورات تأتي ضمن مبادرة ترمي إلى جمع ونشر الشعر في طبعات أولية محدودة تتطور أفقيا مع تطور المشروع – النشر الأدبي بصورة عامة – وصعود الفكرة إلى هدفها المنشود. واقتطف من البيان: “الدفعة الأولى طُبعت بتمويل وتبرّع بسيط من أصدقاء للحركة والشعر، وبمبلغٍ زهيد، والطبعة ستكون (شعبيّة)، على أن يذهب العائد من بيع النسخ لصالح تطوير شكل الطباعة وجودتها في المنشورات المستقبليّة، وفي القريب، وفي الغالب ستُعاد طباعة بعض الأعمال بعد نفادها طبعةً ثانيةً وبجودةٍ أفضل. سعر النسخة 20 جنيها، ولمن أراد أن يدفع أكثر، تبرّعاً، فله ذلك”.
الحركة الشعرية مبادرة أطلقها الشاعر مأمون التلب، وتسعى المبادرة إلى تحرير الشعر من قيد المؤسسة واستحوذ الكيانات الرسمية وشبة الرسمية أسيرة البيروقراطية؛ والعودة بالقصيدة إلى أفقها الاحتفالي والكرنفالي النابع من قلب الحياة، مع الاعتراف بحق كل إنسان في كتابة وتعاطي الشعر/الأدب عن طريق تنظيم أيام مفتوحة للقراءة، يشارك فيها الجميع، فالأمكنة مشرعة تسع الجميع والنفوس كذلك، هذا إضافة إلى مشروع النشر الذي دشنته الحركة أمس وتطمح في أن تنداح دوائره لتشمل كل التيارات الشعرية/الأدبية الموجودة الآن ومستقبلا، هنا وهناك، في الداخل والخارج، فالكون للشعر وجماليته لا غير.
من الأشياء اللافتة في احتفائية النشر هذه أن الشاعرين مأمون التلب ومحفوظ بشرى، يصدران لأول مرة كتبا شعرية، رغم إسهامهما الكبير في هذا المجال، وأعني هنا النشر، فالاثنان ساعدا خلال السنوات الأخيرة في إعداد ونشر العشرات من النصوص الشعرية والسردية، سواء عن طريق التحرير والتدقيق أو بتبني فكرة النشر من كافة جوانبها و(برانا) نموذج حي لهذه الروح الغيرية التي ميزت الشاعرين المبادرين، الشيء الآخر الملفت هو أن نموذج القصيدة لدى محفوظ والتلب يحفر تماما في اتجاه الحداثة الشعرية، من حيث المبنى العام والرسم اللغوي – نحتا وتخليقا، وتصور المعنى المراد نهاية لهذا الكون جماليا وإنسانيا، وهي تجربة جديرة بالاحتفاء والقراءة النقدية الفاحصة.
إذن، (إليسيوم) و(وحش التجوال)، في نسخهما المحدودة التي بدأ توزيعها يوم أمس، دشنا مسارا جديدا في درب الاستنارة.. مبارك للشعر في يومه، وللشاعرين الجادين، ولكينونة الوعي الراسخة في هذه البلاد.
منصور الصويم – (أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي)