زيارة أوباما إلى السعودية؟
يزور الرئيس الأمريكي باراك أوباما المملكة العربية السعودية زيارة وداعية في خلال الشهر المقبل دون أن يفصح بالقول أو الفعل عن حيثيات هذه الزيارة، وربما كان خيرا منها أن يسمح بتزويد المعارضة في سوريا بصواريخ «كروز» تعطل نشاط طائرات بشار أسد وطائرات بوتين عن أن تتسبب بإهراق مزيد من دماء ومزيد تدمير ما بقي من أبنية في سوريا.
حتى نفهم موقف السعودية من واشنطن، نذكّر بأن السعودية حاربت معها جنبا إلى جنب في حربها ضد صدام حسين في حرب 1991. لم يكن حربها ضد العراق ممالأة لواشنطن بل كان لتحرير الكويت. لتكتمل الصورة عند القارئ نذكّر بمقولة للأمير سعود الفيصل وزير خارجية السعودية حين حذر واشنطن بأن حربها على العراق في ربيع 2003 سوف يؤدي إلى وقوع العراق في دائرة نفوذ طهران، وقد صدق ما توقعه الوزير الفيصل.
نعيد إلى الأذهان أن إدارة الرئيس جورج بوش الابن كانت تخطط في مآل حربها على صدام حسين أن تحطم الجيش العراقي الذي كانت تعتبره الخطر الأكبر على إسرائيل، فكانت المهمة الأولى التي نفذها بول برايمر حاكم العراق هو تسريح الجيش العراقي بأكمله، فأنهى أسطورة الجيش الذي كسر شموخ إيران وفتح البوابة الشرقية للعرب على مصراعيها أمام طهران.
نعيد إلى الأذهان أن علاقة وطيدة كانت تربط واشنطن في طهران أيام الشاه «رضا بهلوي». ظن العالم أن هذه العلاقة ستتغير مع مجيء الخميني الذي اعتبر أمريكا شيطانا أكبر. خليفته اعتبر العراق عدوا إيران وما يشكله من خطر عربي عليها.
أما «آيات» إيران فلم ينسوا أن العرب المسلمين هم من قوض إمبراطورية فارس، لذلك سموا الخليج العربي بالخليج الفارسي وليس الخليج الإيراني. لكن ماذا كان موقف أوباما من إيران ومن السعودية؟
رغم تحذير السعودية المتكرر أن الاتفاق النووي مع طهران سوف يضر بالمنطقة، فقد وقعت واشنطن الاتفاق خدمة لطهران.بل إن الميليشيات الشيعية التي كانت تحارب الجيش الحر تحت سمع وبصر واشنطن لم تصنفها واشنطن في قائمة المنظمات الإرهابية كما فعلت، بينما ألحقت جبهة النصرة بهذه القائمة، بالرغم أنها تقاتل جنبا إلى جنب مع الفصائل السورية التي تقاتل نظام بشار الأسد وعشرات الميليشيات الشيعية.
يذكر أن القائم بالأعمال الأمريكي في بغداد ذهب لعيادة جرحى الحشد الشعبي، وهي ميليشيا طائفية تقتل في السنة ليقول لهم نحن معكم. ولم يسجل أبدا أن القائم بالأعمال الأمريكي بدمشق ذهب ليعود 1300 طفل سوري من أبناء السنة قتلهم كيماوي بشار في غوطة دمشق.
لكن لماذا هذا الكلام ؟ أراد أوباما أن يقدم الخدمة التي لم تحلم بمثلها إسرائيل فيفعل ما لم يفعله جورج بوش الأب والابن، لكن من دون أن يرسل المارينز الأمريكي إلى الشرق العربي. وهو يعرف أنه لا يستطيع دائما أن يرسل الجيوش والأساطيل لحماية إسرائيل، ولا يمكن أن يطمئن إلى بعض الحكام السنة العملاء لأن هؤلاء مهددون بالطرد من شعوبهم، فتوجه نحو طهران التي يسرها أن تضع يدها في يد واشنطن. وكانت قد قدمت لها خدمات لوجيستية واستخباراتية، وسمحت لطيرانها بالعبور فوقها أثناء احتلال أفغانستان وأثناء احتلال العراق.
نتساءل الآن: لماذا هذه الزيارة التي يزمع أوباما القيام بها للسعودية؟ مع أنه لم يعط حتى الآن إشارة الموافقة بإرسال الجيش السعودي لحرب تنظيم الدولة في سوريا، مع أنها إحدى الدول الموقعة على تحالف حرب داعش عام2014 في جدة.
أغلب الظن أن واشنطن اعتقدت لزمن طويل أن السعودية «زبون» ممتاز لشراء الأسلحة، وأن هذه الأسلحة سوف يأكلها الصدأ دون أن تجد من يحارب بها. فلما أعلنت السعودية عن عاصفة الحزم فقد توقعت واشنطن أن السعودية ستحارب عدة أيام ثم تطلب منها أن تدخل وسيطا مع الحوثيين للصلح. لكن الجيش السعودي خيب ظن واشنطن. فها هو يكمل عامه الأول ويدخل في عامه الثاني مع عاصفة الحزم وما يزال الجيش السعودي يزداد إصرارا على مواصلة المهمة في اليمن. بل لقد أرسلت السعودية أسرابا من الطائرات إلى قاعدة أنجرلك في تركيا. ومن يدري فربما يحين الوقت لغوث إخوانهم السوريين.
المعتقد أن مواقف أوباما السابقة ستجهض مساعيه في السعودية أنى كانت.
الطاهر إبراهيم