منصور الصويم

المارد الحنون


استمعت إلى الفنان الشاب منتصر هلالية لأول مرة قبل شهرين تقريبا، المسألة جاءت بالمصادفة، ولم أكن أعلم قبلها أصلا بأن هناك فنانا بهذا الاسم، فبينما أحاول الاستماع إلى بعض الأغنيات على (يوتيوب)، ظهرت أمامي عدة خيارات كان من بينها أغنية (الشجن الأليم) بأداء منتصر هلالية، بدافع حبي للأغنية والفضول أيضا أدرتها على (يوتيوب) وبدأت أستمع إلى صوت جديد ومعبر يؤدي الأغنية الخالدة بأسلوب يختلف قليلا عن طريقة صاحبها الأصلي الفنان الخالد مصطفى سيد أحمد؛ لكنه لا يحيد عن اللحن الأساسي والموسيقى الأصلية، بل بالعكس ما أحسسته أن ثمة تنويعا جديدا في الأداء؛ وشدوا بالشجن حتى بلوغ درجة التحرر النهائية من أثره وألمه، هذا البعد لا يخل – بالطبع – بأسلوبية الأداء الأصلية للأغنية عند مصطفى سيد أحمد، حيث يتكاثف الشجن إلى درجة أن يشف الكائن في حزنه المغنى!
لمنتصر هلالية أغانٍ كثيرة، وهو ملحن وموزع موسيقي، وبحسب حوار قصير أجري معه على قناة النيل الأزرق فإن عدد أغنياته يصل إلى أكثر من مئة أغنية. استمعت من خلال (يوتيوب) إلى بعض هذه الأغاني، ووجدتها خليطا من أغاني (الأعراس) الخفيفة سريعة الإيقاع وبعض المحاولات الجادة التي يحاول عبرها هذا الفنان الشاب أن يضع بصمته ويميز صوته بين الأصوات الغنائية الكثيرة التي تزحم الساحة الآن.
بصورة عامة أعجبني الأسلوب الذي يؤدي به منتصر هلالية، فهنالك إحساس بخصوصية التجربة وإن كانت في بدايتها وتحتاج لوقت أكبر حتى تزهر وتثمر تماما.
يواجه منتصر هلالية هذه الأيام حملة عنيفة جداً على مواقع التواصل الاجتماعي بعد إعلانه عن حفل يقدم من خلاله بعض أعمال الفنان مصطفى سيد أحمد، أغلب المهاجمين انبنى اعتراضهم على فكرة (الحماية والمنع) وهي فكرة تتناقض تماما مع الفن – المجال الإبداعي الذي اشتغل عليه مصطفى سيد أحمد ويشتغل عليه الآن منتصر هلالية. الادعاء بأن أغنيات مصطفى مشروع له خصوصية لا يحق لفنان آخر الاقتراب منه ومحاولة الأخذ عنه يسقط في حال مراجعتنا لمسيرة مصطفى نفسه الذي تغني بما راقه من أغنيات الآخرين، كما تبرع لفنانين شباب أعجبته تجربتهم بأغنياته وألحانه، فلا مجال للمنع والمصادرة في دائرة الفن المنداحة بلا نهاية أو حدود.
(المارد الحنون)، لقب أطلقه محبو منتصر هلالية عليه، ولعمري هو لقب عجيب يستقرئ مستقبلا عملاقا لفنان صاحب صوت حنون وأداء رقيق وراقٍ.