مصطفى أبو العزائم

“البشير” في دارفور.. لماذا الآن؟


أيام قليلة وتبدأ زيارة السيد رئيس الجمهورية إلى ولايات دارفور، وقد استعدت مدينة الفاشر حاضرة شمال دارفور لاستقبال “البشير” في الأول من أبريل المقبل، وهي أولى محطات الزيارة التي قد تطرح سؤالاً مهماً في أذهان كثير من المراقبين والمهتمين بالشأن السياسي العام، وبشأن دارفور خاصة لارتباط هذا الإقليم بأكبر الأزمات التي عانت منها بلادنا بعد العام 2003م قبيل توقيع اتفاقية السلام الشامل في 2005م، وقد عد البعض انفجار الأوضاع في هذا الإقليم الواسع المترامي الأطراف (أزمة بديلة) لأزمة جنوب السودان المتمرد منذ العام 1955م.
في العام 2007م زار الرئيس “البشير” كل ولايات دارفور، ورافقه في تلك الرحلة الطويلة رؤساء تحرير الصحف إلا قليلاً، وقد كانت زيارة لها ما بعدها في ذلك الوقت، بل إنها فتحت بعض أبواب الشمال المغلقة في أوروبا، إذ كانت أول زيارة خارجية لـ”البشير” عقب جولته تلك في دارفور الكبرى، كانت إلى إيطاليا والفاتيكان، وقد صادفت الزيارة أول أيام رمضان، حيث أفطر الوفد في روما، بعد زيارة للفاتيكان التي التقى خلالها رئيس الجمهورية بالبابا، لقاء حمل ألف معنى، وألف رسالة، أبرزت السودان ممثلاً في رئيسه داعية للسلام بعد توقيع اتفاقية السلام التي أوقفت صراعات أطول حرب شهدتها القارة الأفريقية، وضمدت جراحات تلك الحرب، وعملت على إزالة آثارها من النفوس.
الرد على السؤال الافتتاحي لهذا المقال، وهو: “البشير” في دارفور.. لماذا الآن؟ لا يتطلب كثير جهد، لأن الزيارة تحمل في طياتها أكثر من رسالة، أبرزها وأهمها موجهة للعالم الخارجي، يقول فيها النظام إن الحرب وضعت أوزارها في هذا الإقليم الذي عانى أهله من مرارات الحرب.
ورسالة أخرى للخارج والداخل معاً يحاول فيها “البشير” وحزبه وحكومته وكل المتحالفين معه، يحاولون أن ينقلوا للعالم انفتاح النظام بكل مكوناته على السلام، بينما الحركات المتمردة وما تبقى منها تغلق الأبواب، ويستشهدون على ذلك من خلال خطابات “البشير” الجماهيرية التي يكون أولها بمدينة الفاشر، إذ من المتوقع أن يتعرض إلى مواقف الحركات المسلحة وما تبقى منها في تحالفاتها كحركات دارفورية مع متمردي الحركة الشعبية شمال، وامتناع هذا المكون المعارض عن التوقيع على خارطة الطريق التي أعدتها الوساطة الأفريقية، والتي وقع عليها الوفد الحكومي.
نعم.. هذه رسالة للداخل في إطاريه الدارفوري الخاص والسوداني العام، ورسالة للخارج كله تقول من خلالها الحكومة بلسان رئيس الجمهورية إن قيادات الحركات المسلحة هي سبب معاناة أهل دارفور، وسبب تأخر هذا الإقليم الغني عن اللحاق بركب التنمية لأنه يفتقر للاستقرار بسبب الحرب غير المبررة التي يشعل نارها بعض أبناء دارفور أنفسهم، رغم أن أبواب الحوار ما زالت مفتوحة سواء أكانت في الداخل ضمن مؤتمر الحوار الوطني، أو كانت في الخارج تحت مظلة الوساطة الأفريقية.
للزيارة أهداف أخرى غير إثبات أن الحرب قد ولت، وهذا يعني أن الحركات المسلحة أضحت محدودة الحركة، أقوالها لا تطابق أفعالها، وأن قوة قياداتها تحولت من الميدان إلى اللسان فقط بعد هزائم عدة وقاصمة لحقت بها في كثير من المواجهات.
ثاني أهداف الزيارة هو الوقوف على مجريات الاستفتاء الإداري، ومتابعة ما تم فيه، بل والدعوة لتسويق طرح حزب المؤتمر الوطني، الداعي للتصويت على الولايات لا الإقليم الواحد.
ثالث أهداف الزيارة هو الوقوف على ما تم من مشروعات سابقة، والإعلان عن مواصلة العمل في التنمية.
الزيارة التي تمتد لأسبوع، وتشمل ولايات شمال وغرب وجنوب دارفور غير أنها تمهد لواقع جديد يقوم على قاعدتي الأمن والاستقرار، هي أول زيارة للسيد رئيس الجمهورية إلى هذه الولايات بعد أن تم تغيير ولاتها السابقين بولاة جدد، وهي شهادة رضا ومساندة وتأييد للذين تولوا مسؤولية الحكم هناك.


تعليق واحد

  1. التغيير الاخير اللذي حصل في قيادة الاركان المشتركة مثل قوة اضافية للقوات المسلحة

    والفريق كمال عبد المعروف نعم القائد للقوات البرية وتكفي الانجازات الضخمة اللتي تحققت في جبل مرة والنيل الازرق وكردفان في فترة بسيطة منذ تعيينه

    بالتوفيق لكل ضباط وجنود القوات المسلحة