لبنى عثمان

لا ألوم قلباً.. قال أهواك


حنين ترتعد له الجزيئات.. ووجه تلفح تقاسيمه المسافات.. مساءات تتقاسمها الأنفاس ولهفات تعقر آهات الغياب.. أمل يجري في الدماء ونزف من الأشجان يستبيح كل الشرايين، ومسارات تشتت بوح الحروف ونداء خافق يحملنا بهواء طلق ليلقينا في جناح العاطفة..
رياح تهز غرس الحنايا وتنثر الهواء ذرات والسماء أمواجا مضيئة.. وغياب يشعل شمعة سوداء في ليل ينهك الذكرى ورصيف معتم يقتل الانتظار.
واستفهامات الغياب بنافذة الذاكرة المصلوبة.. قنوت على سجادة مسافر والطريق طويل ومُضن، وركون إلى لوحات عدة اعتادت الأنامل اختيارها.. اضطراب وقلق وعرائش جبهة تساقط حبات عرق وخجل يلون الخد ويحدد الثغر.. وارتعاشة تغشى الأيدي ولهفة قلب يطير ويحط فيأبى أن لا يستكين،
إنه ذلك المخلوق المشاعري الغامض (الحب).
حين نسقط في الحب.. نصطدم بأحدهم فنتعرقل به في أحد تعرجات الحياة وأزمنتها المتعلقة بالمفاجأة. لنتهاوى من طولنا.. نسقط أرضاً، نقع، وقد تلحق بنا رضوض من سقطة الحب أو قد تكون أرض الهوى التي تلقفنا بأيديها وعواطفها المستجده فتترفق بنا حنينا..
إن (الحب) هو ذلك الذي قاسمنا خيالاتنا على وسائدنا سنوات من الحلم المؤجل في كل الليالي السابقة لتلك السقطة.. إنه وأعني (الحب) حبيس رغباتنا المترفعة عن واقعنا المنزهة عن الاستهلاك.
وحين نحب.. تهدهدنا أرض ليست على الأرض.. ليست هي الأرض التي تدوسها أقدامنا، إنها هناك.. في العالي.. على قمم الجبال، في تلال السحاب، فوق النجوم، وعلى موج ضياء الأقمار وربما على أهداب الشمس..
إن (الحب) يُجملنا ويُرققنا ونصبح معه هالات شفافة تستقر فيها أطنان الضياء والمشاعر البهية الملونة فنظل خفيفين رشيقين منسابين في الكون كجداول من نسيم مهما ثقلت مشاعرنا..
إن الحب يوجعنا.. جرح من هنا ورضخة من هناك.. تمشي أيامنا على جمر الحب، تتقافز من آلام الشوق وتلحق بأقدامنا العارية حروق الهوى الملتهبة.. لكن ما إن نستقر بجوار المحبوب.. نتعشق بكيانة ونتضوع بوجوده الوفير حتى نبرأ تماما.. الوجع يتراجع والألم ينكمش ولا يكون هناك أي أثر للندوب..
الحب مدينة تمنحك حق اللجوء العاطفي إليها.. تمنحك فرصة حتى تغزل حلماً أو تكتب شعراً.. إنها أروع المدن وأجملها وأكثرها حنانا ورفقا بالقلوب..
* ألوان من الحب
حين أراك..
يقترب من قلبي الحزين هدوء لا يعرف الضجيج.
يضرب الحنين فؤادي الذي يئس من السنين
تنهال قصائد الدفء والحب والشوق والحنين
ينثر سحر وجهك في قاع قلبي وأجزاء فؤادي المسكين
يخفق فؤادي بنبضات الفرح ويخلع رداءه الحزين
تزهو في فناء قلبي حريتي التي سُلبت منذ سنين
ترتعش يدي وترقص لتلوح لكل العاشقين
يغرد الشوق فيّ بملء صوته: ها قد عاد إلى قلبي الحب والحنين..
فالحب هو أن أراك صدفة فيتعرف قلبي إليك
والحب.. أن أشم عطرك على مسافات طويلة انتظر قدوم طيفك
والحب.. تأتي ذكرى ميلادي وأنت بجانبي تطفئ شموعي
والحب.. أن أتعطر وأتزين وأذهب للقياك
والحب.. أن تشرق الشمس على الدنيا فتشرق شمسي بداخلك
الحب.. أن أتنفس هواك عشقاً وتتنفسني هياما وولها
والحب.. ثوب لا لون له تضطرني إلى ارتدائه كلما اشتقت إليك..
الحب يـــا سيدي.. هو أنت..
لون آخر
قال:
لا تخبري أحداً بنا.. كي لا نكون ضحية الأخبار
فالناس لا شغل لها إلا انتشار النار بالأسرار
إن الذي ما بيننا رهن الخوف والأخطار
وأنا أخاف عليك من ريح الصبا والشمس والأمطار
ماذا لو منعوك عن قلبي وعن صدري وعن أنظاري
سأكون كالمجنون يهيم بحبك بين الصحاري والقفار..
لماذا؟
لا ألوم قلبا.. قال أهواك
ولا ألوم عيني.. إن كانت تعشق ذكراك