رأي ومقالات

عقد الجلاد والسقوط الي اسفل


سأبتدر حديثي هذا بسؤال :
ماذا لو أخذ ملحن أو اكثر كل أغنيات عثمان حسين أو وردي واعاد تلحنيها بشكل مختلف ؟
إلا يساعد هذا الفعل في طمس هؤلاء الفنانين ومحو اغنياتهم من ذاكرة المستمع السوداني مستقبلا
فاذا كانت بعض الاغنيات الذى تغنت بلحنها الاساسي قد نسبت لمن تغنوا بها حديثاً ( قابلتو مع البياح ) أغنية ( اسماعيل عبدالمعين ) نسبت للنور الجيلاني ولي حسين الصادق وغيرها من الكثير من الاغنيات والمؤسف حقاً أن هذه الاغنيات تقدم دون ضوابط من كتابة اسم ( الشاعر والملحن والمغني )

ما ساقني للكتابة في هذا الموضوع هي ظاهرة أخذ نصوص سبق وأن تغنى بها فنانين أخرين واداؤها بقالب لحني مغاير للحن الذى تغنى به النص أول مرة وكأنما أن المعين الشعري قد نضب أو أن الساحة خلت من نصوص حديثة ، واذا بحثنا في اضابير الغناء السوداني حتى 2005 م لوجدنا أن نص أغنية ( في عز الليل ) تغنى بلحنين مختلفين من قبل ( كابلي ثم النور الجيلاني ) وتم ذلك بموافقة الشاعر والملحن ( التيجاني حاج موسى ) والفنان ( عبدالكريم الكابلي ) وايضاً تغني الفنان ( شرحبيل احمد ) بنص شعري للشاعر هاشم صديق ( همسة شوق ) ثم تغنى به لاحقاً الفنان ( محمد الامين ) وحسب افادة محمد الامين بأنه لم يكن يعلم بأن ( شرحبيل ) قد تغنى بهذا النص وسجله للإذاعة لعدم بثها له كثيراً وعندما علم شرحبيل بأن ( محمد الامين ) تغنى بهذا النص بلحن مغاير ، لم يتغنى به بل أخذ نص آخر لزوجته زكية عبدالله ( تعال يا ليل خليك معاي ) وركب فيه لحن ( همسة شوق ) والامثلة كثيرة لنصوص تم تلحينها بأكثر من لحن ( درب المحبة للشاعر محمد علي ابوقطاطي ولحن احمد زاهر تغنى بها الجابري) وايضاً لحنها ( خليل اسماعيل ) لكن عندما استمع الي النص من الجابري ذهب الي ابوقطاطي وأوضح له بأنه بدأ في تلحين ( درب المحبة ) فتم تركيب لحن خليل في نص ( الاماني العذبة ) وكذلك نص ( كباشي حسونة – معذرة ) لحنه ( السني الضوي ) للفنان ( علي ابراهيم اللحو ) وعندما استمع له اللحو من ( زيدان ابراهيم بعد أن لحن النص احمد زاهر ) ترك النص وتم تركيب لحن السني الضوي في نص الدكتور علي شبيكة ( والله وحدو بينا البارحونا وراحو ) وغيرها من الامثلة.
تعجبت كثيراً وانا استمع لي فرقة عقد الجلاد وهي تتغني بنص للشاعر قاسم ابوزيد ( علميني الاحتمال ) لحنه وتغنى به في منتصف التسعينات الفنان ( مصطفى سيد احمد ) وقدمت ( عقد الجلاد ) النص علي أنه عمل جديد من كلمات قاسم ابوزيد والحان ( شريف شرحبيل ) دون ذكر لاسم الراحل مصطفى
وايضاً قدمت عمل أخر ايضاً لقاسم ابوزيد (بجي الزمن البدق نقارتو ونتلما ) لحنه ( عاكف حسن عدلان ) وتغنى به الفنان ( خوجلي هاشم ) في عام 1990 م والغريب في الامر أن نص (بجي الزمن البدق نقارتو ونتلما ) استمع له في العام السابق ( شمت محمد نور ) من قبل الفنان ( خوجلي هاشم ) في معرض للصديق راني السماني بي بابا كوستا ولكن كل ذلك لم يمنع ( شمت محمد نور ) من وضع لحن مغاير للنص وتقديمه كعمل جديد لفرقة ( عقد الجلاد ) التي ظهرت في الساحة الفنية لترسيخ مفاهيم فنية محددة كما جاء في نبذتها التعريفية ( عقد الجلاد جاءت بخلاف المعهود والسائد في ساحة الغناء السوداني، من اختياراتها الشعرية واللحنية والأدائية، فصارت مدرسة غنائية التف حولها جمهور عريض يتبعها أينما سارت، قامت بالوعي، وبشرت به، اقتربت من الواقع ولم تهوّم حوله، غنت آمال وأحزان الناس الحقيقين ) ، و ( عقد الجلاد ) من الفرق التجديدية التي تناولت نصوصاً شعرية لشعراء برؤى جديدة هكذا يتحدث أعضاء عقد الجلاد فما الجديد أذن ؟
من وجه نظري أن بروز هذه الظاهرة تعبر عن انحسار ابداعي في الوسط الفني وانكفاء علي تراث انتجه مبدعين اخرين في زمن آخر وبأدوات أخرى ولكن اعمالهم رسخت في الوجدان السوداني فاعتقد أن ابسط حقوقهم هي حفظ ي تلك الحقوق الابداعية واحترم اختياراتهم للنصوص وعلي كل من يريد أن يحذو حذوهم أن يبحث عن نصوص جديدة والساحة الشعرية مليئة بالنصوص المليئة بالتجديد الذي حدث في الشكل والمضمون في وقتنا الحالي .
ساقوم بادراج ( علميني الاحتمال ) بلحن مصطفى سيد احمد ولحن شريف شرحبيل وكذلك ( بجي الزمن البدق نقارتو نتلم ) بلحن عاكف حسن عدلان ولحن شمت محمد نورز

بقلم
ناصر الليندي