الأرض والنفط والتأريخ
ﻻ أعرف إن كان الشاعر الراحل الكبير محمد مفتاح الفيتوري، وهو ينشد “الغافل من ظن الأشياء هي الأشياء”.. إن كان قد استفاد من خبرته الدبلوماسية إلى جانب مهاراته الأدبية الهائلة.. فقد سبق للشاعر الفيتوري أن أصبح سفيرا للجماهيرية الليبية بعاصمة الأدب والفنون بيروت.. ولك أن تتأمل في مسيرة رجل يحمل بطاقات ووثائق ثلاث دول وهموم قارة بأكملها.. فالفيتوري سوداني الأصل والنشأة.. مصري التربية والتعليم والهوى.. ليبي التداخل والتقارب.. أفريقي الثورة والمزاج.. الصوفي الفلسفة.. هو من أنشد يوماً:
دنيا يملكها من لا يملكها
أغنى أهليها سادتها الفقراء
الخاسر فيها
من لا يأخذ ما تعطيه على استحياء
والغافل من ظن الأشياء هي الأشياء
* تداعت لي هذه الشطرة الفيتورية.. الغافل من ظن الأشياء هي الأشياء.. وأنا أتابع الحملة الهستيرية الإعلامية المصرية التي تحتدم هذه الأيام حول حلايب وشلاتين.. فلا تحتاج لحظتئذ إلى أي قدر من عبقرية وأنت تعمل عقلك ونظرك.. لتكتشف أن لهذه الحملة علاقة بموضوع الجزيرتين!! على النحو الذي صورته الوسائط الإعلامية، كما لو أن النظام المصري هو من فرط ويفرط في الأرض المصرية!!
* لهذا وذاك فقد انتهت الزيارة التاريخية للملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر، برغم مكتسباتها المادية الهائلة، فقد انتهت إلى ضربة سياسية قاضية إلى نظام السيسي الذي نجحت الحملة الإسفيرية الهائلة، في تصويره كما لو أنه غير مؤتمن على الحفاظ على الوطن !!
* فعلى الأقل إن قضية (حلايب وشلاتين) ليست وليدة لحظة بيع السبسي جزيريتيه للمملكة السعودية.. فلهذا (جددت مناحات) قضية حلائب الآن بهذه الصورة الهستيرية! لعلهم يظهرون أمام الشعب المصري العزيز بأنهم أحرص الناس على البلد.. والدليل هذه التهويلات والتهويمات حول حلائب وشلاتين!! التي بتقديرنا لا ولن تغير الواقع على الأرض !!
* تمنيت – والحال هذه – أن ﻻ تجاري دبلوماسيتنا هذا (الهرج الإعلامي)، على أن هذه الحملة تخاطب لحظة تأريخية وتعبر عنها، على أن تتسع قراءتنا إلى استيعاب المستقبل بتقلباته، فعلى الأقل إن كثيرا من النخب السياسية العروبية والإسلامية ترير دائما أن (شلاتيت وحلائب) تصلح كمنطقة تواصل وتكامل.. على أن الأمة برمتها لم يكتب لها تاريخ بعث وتحرر إلا إذا ما تحالفت (الأرض والعمالة والنفط).. السودان ومصر والخليج.