ود مدني 20 ابريل 2016م
أخي الكريم الاستاذ أبشر الصائم
تحية وتقديراً
لفت نظري طرحكم في ملاذات الأربعاء 20 أبريل 2016م تحت عنوان (بابكر كرار .. التاريخ يبدأ من هنا) وللإجابة على السؤالين اللذين طرحتهما ، يشرفني إفادتكم عن دور الرجل وريادته وذلك من خلال كتابي (حنتوب الجميلة) الصادر في 2012م والذي يوثق للتجربة الباهرة ومن بين صفحات الكتاب فصل يتحدث عن (دور طلاب حنتوب في الحركة الوطنية والسياسية) .
وقد استقيت معلومات هذا الفصل من بعض صناعها الذين نترحم على من انتقلوا منهم إلى جوار رب رحيم ، ونتمنى من الأحياء ممن عاصروا التجربة أن يدلوا بإفاداتهم لتأكيد الحقائق وإزالة الالتباس ليحفظ التاريخ لكل إسهامه ودوره إفادة لأجيال الحاضر والمستقبل.
توفرت لي المعلومات في كتابات بعض المعاصرين الذين كانوا من صناع الأحداث وذلك من خلال حواراتهم في الصحف اليومية والندوات ويمكن الرجوع لأرشيف هذه الصحف لأنها تتضمن الكثير من المعلومات والعديد من الأسماء.
وقبل تلخيص ما حوته إفاداتهم أرجو أن أشير إلى أن الحركة الإسلامية قد نشأت في حنتوب ووادي سيدنا وتسامى نشاطها بكلية الخرطوم الجامعية وكانت حركة سرية اجتذبها العمل السياسي لمناهضة الاستعمار خاصة أن مؤتمر الخريجين بأم درمان و ود مدني قد اعتمد كثيراً على دور طلاب المدرستين في المظاهرات مؤازرة لمؤتمر الخريجين. ومن جانب آخر فأن الحركة الإسلامية كانت واحدة رغم تأثر بعضهم بمنطلقات الإخوان المسلمين بمصر إلى أن حدث الانقسام الأول للحركة الإسلامية بكلية الخرطوم الجامعية .
وقبل أن نشير إلى بعض أقوال المعاصرين من المؤسسين أرجو أن أشير إلى شخصية بابكر كرار محمد النور.
كاريزما تدعو للإعجاب : عنه قال الأستاذ ميرغني النصري ( كان بابكر كرار شخصية متميزة فمن الناحية الجسمانية كان فارع الطول وسيم الطلعة ، وعلمياً كان واسع الاطلاع ومثقفًا من الدرجة الأولى ومشبعاً بثقافة دينية عميقة).
وحول شخصيته قال الأستاذ عبد الله محمد (بابكر كرار شاب متفتح يفيض مودة ومقدرة على اختراق الحواجز والنفاد إلى القلوب بما له من ذخيرة واسعة في العربية والإنجليزية وعلوم الدين ومقدرة على الحوار مع دعاة الاشتراكية العلمية صاحب ملكات وتفوق في كل ما يتناوله بالقول والفعل، كان الرئيس الأول لداخلية ود ضيف الله والرياضي المرموق في السباحة ، كرة القدم ، السلة وسباق الضاحية إضافة لتميزه في الدراسة والسلوك العام ). وحول تعليمه قال ( تلقى تعليمه الأساسي بمدارس ود مدني و بدأ دراسة المرحلة الثانوية بأم درمان عام 1945م ونقل منها إلى حنتوب 1946 اجتاز امتحان كمبردج عام 1948 بامتياز والتحق بكلية الآداب لسنة واحدة ثم تحول منها لدراسة القانون 1949 ).
وفيما يلي نلخص ما أورده المعاصرون :
1/ في حديثه في ندوة صحيفة ( أخبار اليوم ) الشهرية 20 أبريل 1998م التي أدارها الأستاذ عادل سيد أحمد قال الأستاذ محمد يوسف محمد :
(حضر إلينا في حنتوب عام 1948م المرحوم الدكتور الصائم محمد إبراهيم (من رابطة الطلاب السودانيين بمصر) وتحدث إلينا حول قيام فرع للرابطة بالسودان وطلبنا منه توضيح أهداف الرابطة ودستورها فأحالنا إلى أحد الإخوان اسمه عباس أصبح فيما بعد سفيراً للسودان في العراق ووكيلا لديوان النائب العام فحررنا له خطاباً للاستفسار حول برامج رابطة الطلاب السودانيين وعندما وصلنا الرد جلست والأخ بابكر كرار لتدارس الموضوع وقررنا صرف النظر عنه. وكان هذا في العام 1948م وظللنا علي حالنا وبعد انتقالنا لكلية الخرطوم الجامعية 1948م أجرينا حواراً باسم (حركة التحرير الإسلامي) وصغنا مذكرة توضح أسباب نشوء الحركة وبدأنا استقطاب الطلاب وقد توجس الشيوعيون من إنشاء الحركة ووصفوها بأنها رجعية ارهابية من بوادر الإخوان المسلمين علما بأنه لم تكن لنا علاقة عضوية بتنظيم الإخوان المسلمين بمصر وكان ردنا أننا حركة إسلامية مستقلة بذاتها وسمت نفسها (حركة التحرير الإسلامي) التي بدأت تنمو.
أما الأستاذ ميرغني النصري فقد أورد في حديثه لصحيفة (الرأي العام 29 ديسمبر 2005م) فقال :
(عهدي بالسياسة يعود للعام 1946م في حنتوب حيث شهدت الثانويات في ذلك التاريخ تكوين الجماعات السياسية. وأضاف من مؤسسي الحركة الإسلامية بحنتوب بابكر كرار ، محمد يوسف محمد ، عبد الله زكريا وأحمد حرحوف ، أما الإخوان المسلمون فقد كان تنظيمهم بحنتوب بقيادة الرشيد الطاهر ، محمد خير عبد القادر وجعفر شيخ إدريس. وأضاف في عام1949م وأنا بحنتوب جاءتني رسالة من الأستاذ محمد يوسف محمد، الأمين العام للحركة الإسلامية، قدم لي فيها دستور الحركة واللائحة التنظيمية إضافة لرسالة عن الاشتراكية في الإسلام مأخوذة من كتاب محمد حسين هيكل علما بأن الحركة الإسلامية في حنتوب بدأت سرية وانضم لها عدد كبير من الطلبة. وعن حركة التحرير الاسلامي قال إنها تأسست في كلية الخرطوم الجامعية في مارس 1949م ومنها انتقلت إلى الثانويات والمدن .
الانقسام الأول للحركة الاسلامية :- حول ذلك يقول الأستاذ النصري:
(عندما قامت حركة التحرير الإسلامي توجس الطلاب في أمرها لحداثتها احتمالاً لتزوير مسارها فانعقد مؤتمر حركة التحرير الإسلامي والذي تأكد فيه أنه حركة مستقلة عن حركة الإخوان المسلمين ، وهي حركة معنية بالتحرير والوطنية وضمن الحركة الوطنية السودانية وليست جزءاً من حركة الإخوان المسلمين وهي حركة خالصة بمنطلقات وطنية واشتراكية وهكذا حدث الانقسام الأول للحركة الإسلامية وأصبحت كيانين (التحرير الإسلامي والإخوان المسلمين).
*أما الأستاذ عبد الله محمد أحمد فقد أورد في ثلاث حلقات بصحيفة الرائد 18 – 21 يناير 2009م تحت عنوان (ذكريات في القلب مثواها) وهو الذي يعتبر من أوائل حواريي بابكر كرار منذ العام 1947م في حنتوب بكلية الخرطوم الجامعية حيث اتخذه بابكر كرار يداً يمنى في حلبة التجنيد السري وأوكل إليه رئاسة تحرير مجلة (الرسالة) لنصرة الدعوة (1955-1957) ومن بين ما أشار إليه أن بابكر كرار هو من أسس مع آخرين حركة التحرير الإسلامي مع محمد يوسف محمد ، محمد محمد علي ، يوسف حسن سعيد وآدم فضل الله.
*بمن تأثر الدكتور الترابي ؟ حول ذلك ذكر الأستاذ ميرغني النصري (الترابي لم يكن له علاقة بالحركة الإسلامية وقتها ، ولكن عندما انتقلنا إلى كلية الخرطوم الجامعية اصطحبه عبد الله محمد أحمد وقدمه لبابكر كرار وانضم للحركة).
ولهذا فان ما ذكره الأستاذ النصري ربما يوحي بتأثر الترابي بكاريزما بابكر كرار .
وهذا ما لا يتفق مع ما ذكره الأستاذ محمد إقبال بابكر كرار حول مكان تجنيد د. الترابي حيث أشار إلى أن ذلك تم في حنتوب خلافاً لما ذكره الأستاذ النصري.
هذا وعلى الله قصد السبيل
الطيب علي عبد الرحمن
معلم بحنتوب ومديرها سابقاً
كاتب وباحث متفرغ
ود مدني 0912631200