جدلية تباعد الولادات والارتقاء بالصحة الإنجابية.. كل حول بزول
كوني من جنسهن كثيراً ما سمعت بقصص بعض ممن سعين إلى الحمل المتكرر (السريع) برغبة أكيدة منهن، ما يؤثر سلباً في صحتهن وصحة الجنين، لكن جلهن ينكرن ذلك، مؤكدات تناولهن لأقراص منع الحمل إلا أن مفعولها لم يسر، والغريب في الأمر أن بعضهن يصدقن تلك الأكذوبة المتعارف عليها. وهكذا تروي نساء كثيرات تجاربهن، بذات السيناريو العجيب.
في السياق، نظمت الأمانة العامة للمجلس القومي للسكان وصندوق الأمم المتحدة للسكان لقاءً تشاورياً حول تنظيم الأسرة والمباعدة بين الولادات الموافق 28 أبريل بقاعة الصداقة، بحضور برلمانيين وأعضاء المجالس التشريعية لسبع ولايات، بجانب بعض الوزارات القطاعية، الجامعات، المراكز البحثية، والإعلام، رجال الدين، منظمات المجتمع المدني وكل المهتمين للتشاور حول قضايا الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة.
أهداف مهمة
ومن أهم أهداف المجلس القومي للسكان تطوير وسائل مبتكرة للإرشاد والتوعية بأهمية مباعدة الولادات، والاهتمام بصحة الأمهات، وبالتالي خفض مؤشر الوفيات، علاوة على برامج تفاعلية تصل لكل المجتمعات بمختلف أعمارهم، من أجل خلق حوار بين كل الأطراف والشركاء.
مهم جداً
في ذات الشأن، قالت لمياء عبد القفار الأمين العام لمجلس السكان إن أمر السكان وتنظيم الأسرة مهمان، وتم تضمينهما في دستور السودان للعام 2005م، ومن ضمن مواد الدستور التي تم تعديلها في العام 2015، وكانت السياسة القومية للسكان المحدثة في 2012م. وأكدت حق الأبوين في تحديد عدد المواليد، ما يعني أن للأسرة الحق الكامل في تحديد عدد أبنائها الذين سوف يتم إنجابهم، وهنا يأتي دور المؤسسات الوطنية كالمجلس القومي للسكان في التوعية والتنوير بفوائد المباعدة بين الولادات لضمان أمومة آمنة ولتحسين صحة الأمهات والفتيات، وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة كصندوق الأمم المتحدة للسكان. من جهتها أشارت لينا موسى ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى عمل صندوق الأمم المتحدة مع المجلس القومي للسكان، بجانب وزارة الصحة، على التوعية وتوفير المعينات اللازمة لتنظيم الأسرة والمباعدة بين الولادات. وأردفت: بما فيها وسائل تنظيم الحمل، ويعتبر صندوق الأمم المتحدة للسكان المؤ سسة الدولية المتميزة في تقديم الدعم الفني واللوجستي للمساهمة في المباعدة بين الولادات في السودان والدول الأخرى. وزادت موسى: “هنالك جهود وطنية كبيرة بين وزارة الصحة والشركاء، للارتقاء بمستوى الصحة الإنجابية من خلال العمل على خفض معدلات وفيات الأمهات”. وأشارت آخر إحصاءات وفيات الأمهات في السودان إلى أن في كل 100,000 حالة ولادة حية يبلغ عدد وفيات الأمهات 216 حالة، وذلك حسب نتائج المسح السوداني لصحة الأسرة 2010م. تتابع: رغم الجهود المبذولة في هذا المجال توجد تحديات كبيرة تحتاج إلى تخطيط سليم وتوعية ومشاركة من كل أفراد المجتمع والمؤسسات الحكومية والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى إشراك شرائح مهمة ومؤثرة كالأئمة والدعاة وأعضاء المجالس التشريعية والبرلمانيين، ليساهموا في تحقيق خفض معدلات وفيات الأمهات بالسودان.
مساندة المرأة
يهدف التشاور إلى تعاون كل الشركاء من مؤسسات حكومية (تشريعية وتنفيذية) ووكالات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى المجتمع المدني والقادة المحليين والإعلام، في تنوير المجتمعات بما يخص الصحة الإنجابية، والتركيز على الجانب الديني واصطحاب والمكونات الثقافية التي تتواكب مع البيئة والمجتمع السوداني. في غضون ذلك، قال صالح جمعة رئيس الصحة والسكان بالمجلس الوطني، سيكون المجلس صمام الأمان لكل القوانين والتشريعات التي تدعم قضايا الصحة الإنجابية والسكان. ووعد جمعة بأنشطة مماثلة للمجلس الوطني دعماً صحة الأمهات وتنظيم الأسرة. ورأى الشيخ محمد هاشم الحكيم أن تنظيم الأسرة يوافق مقاصد الشريعة الإسلامية. وأضاف: على الرجل مساندة المرأة في الشأن، علاوة على تشجيع البحوث العلمية التي تدعم تنظيم الأسرة. واستدل هاشم ببعض الأدلة، لافتا إلى أن للسلطان له الحق في إيقاف أي ممارسات تضر بالمسلمين، كختان الإناث وغيره.
زيادة الوعي
من جهتها، أكدت أميرة رئيس اللجنة الفرعية للصحة بالمجلس الوطني أن هنالك ميزانية مخصصة لدعم الصحة. وزادت: “لابد من التخطيط السليم في صدد الصحة العامة وصحة الأمهات بصفة خاصة”. وشددت على ضرورة العمل بتركيز في الأرياف حتى لا تناصف المدن في الخدمات الصحية، بجانب توعية مجتمعاتهم باستمرار، بعدة وسائل كالسينما المتجولة التي يمكن أن تحدث تغييراً واضحاً في مستوى الوعي بأهمية الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة. وبدوره، يرى بروفيسور أحمد رجب خبير في الصحة الإنجابية ومحاضر بالأزهر الشريف أنه لابد من تكوين لجان مشتركة تضم خبراء من أطباء ورجال دين للبحث، وتأكيد أولويات الصحة الإنجابية. وأردف رجب: كذلك تطوير وتنويع وسائل وبرامج التوعية كالسينما المتجوله لها دور كبير في نشر وتثبيت المعلومة، كما أنها وسيلة مقبولة وسط المجتمعات، بالإضافة إلى نوادي المرأة، فهي الأخرى تلعب دوراً مهماً في التوعية بالمباعدة في الولادات والتنوير عن معاطب تقاربها الصحية كالناسور البولي، بجانب ختان الإناث وما يعقبة من مضار علي صحتهن.
يعد السودان رائداً في مجال تنظيم الأسرة، وفي العام 1973 أنشئت جمعية تطوعية، اهتمت بتوعية المجتمعات وتنويرهم بشؤون تنظيم الأسرة ضمن مواضيع الصحة الإنجابية، خاصة المباعدة بين الولادات، وفيما بعد تم دمجها رسمياً للعمل ضمن منظومة وزارة الصحة، لتستمر بشكل رسمي وتتلقى الدعم والمساعدة من قبل الدولة وبالمقابل يمتد عطاؤها.
الخرطوم – خالدة ود المدني
صحيفة اليوم التالي