هل تنجح الخلايا الجذعية فى إحياء أدمغة الموتى؟!
منحت المعاهد القومية للصحة الأمريكية شركة التقنية الحيوية «بيوكوارك» ما يسمى بـ«الإذن الأخلاقى» للمضى قدما فى إجراء تجارب طبية لإحياء أدمغة الموتى وتنفيذ برنامجها «رى أنيما»، الذى يهدف إلى استخدام الخلايا الجذعية فى إعادة تنشيط وإحياء أدمغة الموتى، وبعث أصحابها من جديد. وتهدف الدراسة إلى معرفة مدى إمكانية إعادة الموتى إلى الحياة، وسيقوم الفريق البحثى باختبار مزيج من التقنيات العلاجية على الجثث، التى ثبت موتها دماغيا، ويتم الاحتفاظ بها على الأجهزة الداعمة للحياة لمنع تحللها.
ومن بين تلك التقنيات المتوقع استخدامها فى هذا العمل حقن المخ بالخلايا الجذعية، وحقن النخاع الشوكى بمجموعة من الببتيدات، وهى سلسلة من الأحماض الأمينية، فضلا عن استخدام الليزر وغير ذلك من تقنيات تحفيز الدماغ التى ثبت نجاحها فى إنعاش البشر من الغيبوبة، وستشمل التجارب استخدام إجراءات علاجية فى محاولة لإحياء الأدمغة التى لا تزال على قيد الحياة، وتخطط الشركة بدءا من العام القادم لتحفيز الجهاز العصبى للأموات، من أجل إعادة إحياء أدمغتهم، بعد حصولها على الإذن بإجراء تجاربها على 20 مريضًا أعلنت وفاتهم إكلينكيا جراء السكتة الدماغية. وستتم متابعة الموتى الخاضعين للدراسة من قبل عدد من الأطباء، فيما يأمل المدير التنفيذى للشركة فى أن يستطيع تقديم نتائج الدراسات الأولى فى هذا المضمار فى غضون شهرين أو ثلاثة.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة التليجراف البريطانية مؤخرًا (يوم الثلاثاء 3 مايو/ أيار 2016) سيقوم العلماء بإجراء المرحلة الأولى المسماة «التجربة الأولى لتجديد وإنعاش الخلايا العصبية» بمشفى رودرابور بالهند، على مجموعة واحدة غير عشوائية، حيث سيتم حقن النخاع الشوكى بالببتيدات يومياً عن طريق مضخة، بالإضافة لإعطاء الخلايا الجذعية مرتين أسبوعياً، لمدة 6 أسابيع، ويخطط الفريق لبدء جمع المتطوعين على الفور.
ومن المعروف أنه يتم اعتبار الشخص ميتاً عند فقدان جذع المخ قدرته على أداء وظائفه بشكل دائم، لأن موت جذع المخ يعنى فقدان الشخص قدرته على التنفس والوعى بمن حوله. وعلى الرغم من موت هؤلاء الأشخاص بعد وفاة جذع المخ، إلا أنه بإمكان أجسادهم الاستمرار عادة فى ضخ الدم وهضم الطعام والتخلص من الفضلات والنمو والنضج الجنسى، بالإضافة إلى الحمل ووضع الموليد فى الإناث.
ومن المقرر أن تكون الحالات المشاركة فى التجربة قد أعلن وفاتها إكلينيكيا بالفعل، وأن ما يبقيها على الحياة هو أجهزة الدعم، وستتم مراقبة أدمغتها لعدة أشهر باستخدام معدات تصوير الدماغ، بحثاً عن علامات تجدد الخلايا، خاصة فى النخاغ الشوكى العلوى باعتباره أدنى مناطق جذع المخ والمتحكم فى التنفس وضربات القلب، حيث أشارت بعض الدراسات الحديثة إلى استمرار بعض النشاط الكهربائى وتدفق الدم بعد موت خلايا الدماغ، لكن ليس بما يكفى للجسم للقيام بوظائفه كاملة.
ويعتقد الفريق أن الخلايا الجذعية المخية قد تتمكن من محو تاريخها وإعادة بدء دورتها الحياتية من جديد، بالاعتماد على الأنسجة المحيطة بها، بشكل مشابه للعملية التى تستخدمها بعض مخلوقات المملكة الحيوانية لإعادة نمو أطرافها. ويأمل الباحثون فى أن تتمكن الخلايا الجذعية من «إعادة تشغيل» خلايا الدماغ فى محاكات لعملية تجديد بعض الأطراف المفقودة لدى أنواع معينة الحيونات، حيث لا يملك البشر قدرات ملحوظة لإعادة تجديد خلايا الجهاز العصبى، بينما توجد العديد من الفصائل الحيوانية، مثل البرمائيات وبعض أنواع الأسماك التى تمتلك قدرات خاصة لإصلاح وتجديد وإعادة تشكيل أجزاء كبيرة من الدماغ حتى بعد تعرض جذع المخ لصدمات شديدة الخطورة.
وتكمن فكرة استخدام الخلايا الجذعية فى قدرتها على إعادة التشكل لأى نوع من الخلايا اللازمة لإصلاح أى عطب، ويأمل الباحثون أن يؤدى استخدامها إلى عودة النشاط للدماغ أو إظهار أى علامة على تنشيط الجهاز العصبى، خاصة فى المنطقة العلوية من الحبل الشوكى، ومناطق التحكم فى وظائف القلب والتنفس فى المخ. ويحاول العلماء الجمع بين وسائل الطب التجديدى والوسائل الطبية التقليدية المتاحة لتحفيز الجهاز العصبى المركزى فى المرضى الذين يعانون من اضطرابات أخرى فى الوعى، وتتمثل رؤيتهم طويلة المدى فى اختبار احتمالية شفاء هؤلاء المرضى.
وعبر هذه الدراسة، يحاول العلماء الوصول لرؤى فريدة حول حالة موت المخ البشرى، وهو ما سيسهم فى تنمية العلاج المستقبلى لاضطرابات الوعى الخطيرة مثل الغيبوبة، بالإضافة لحالات فقدان الوعى وغيرها من أمراض الجهاز العصبى مثل ألزهايمر وداء باركنسون.
وفى المقابل، يرى بعض العلماء أن إنقاذ أجزاء مختلفة من الدماغ قد يكون أمراً مفيداً، وأن فكرة وقف الموت الدماغى وإعادة إحياء الدماغ واستعادة وظائفه الصحيحة مرة أخرى تبدو بعيدة المنال بالنظر إلى قدراتنا الحالية، وفهمنا لعلم الأعصاب فى الوقت الراهن.
فهل يمكن للعلماء إعادة المتوفين دماغيا إلى الحياة بعد الوفاة؟
فى الحقيقة، العلماء يؤكدون قرب توصلهم إلى ذلك الاختراق العلمى عما قريب.
المصري اليوم