من هو زعيم “طالبان” الجديد؟
أكد بيان لمجلس شورى حركة طالبان الأفغانية صدر صباح اليوم الأربعاء، اختيارها بالإجماع للملا هيبة الله آخونزادة زعيما جديدا لحركة طالبان، ونعت في البيان ذاته زعيمها السابق الملا أختر منصور.
كما أضاف البيان أنه تم اختيار كل من سراج الدين حقاني، زعيم شبكة حقاني، والملا يعقوب نجل الزعيم السابق للحركة الملا محمد عمد نائبين للقائد الجديد.
هذا ووصف البيان الملا هيبة الله آخونزادة بأمير المؤمنين الجديد.
ويعتقد أن الملا هيبة الله في نهاية مطلع العقد الخامس من عمره، وينظر إليه في حركة طالبان بالكثير من التقدير، كونه رجل دين، ووصفه بيان حركة طالبان بشيخ الحديث.
وآخونزاده كلمة أصلها فارسي، وتعني الأستاذ أو المعلم، وتطلق على الأستاذ في العلوم الشرعية، لذا ينظر إليه الكثير من قادة طالبان وعناصرها بأنه أستاذهم ومعلمهم.
ويعتبر هيبة الله من قادة الحركة الذين كانوا مقربين من زعيم الحركة الأول محمد عمر، ويتفق معه في الكثير من المواقف والسياسات، لذا يصنف على الملا محمد عمر الجديد.
وخلال فترة حكم حركة طالبان لأفغانستان (١٩٩٦-٢٠٠١) عينه الملا محمد عمر رئيسا للمحكمة الشرعية.
وينتمي هيبة إلى إحدى كبرى قبائل البشتون جنوبي قندهار.
نائبا “أمير المؤمنين “
النائب الأول هو سراج الدين حقاني، وهو نجل الزعيم الأفغاني المعروف جلال الدين حقاني.
ويقود سراج الدين شبكة حقاني المصنفة أميركيا كأخطر شبكة مسلحة تهدد الولايات المتحدة في أفغانستان.
وسراج الدين مطلوب أميركيا، وقد رصدت الولايات المتحدة مكافأة قدرها ٥ ملايين دولار لمن يدلي بأي معلومة تقود لقتله أو اعتقاله.
وهو في بداية عقده الرابع من عمره وشخصية عسكرية بامتياز، ومتهم بالمسؤولية عن الكثير من العمليات التي استهدفت القوات الدولية في أفغانستان، خاصة الهجمات التي تتعرض لها كابل، ثقله العسكري في مناطق شرق وجنوب شرقي أفغانستان، خاصة في ولايتي خوست وغرديز.
ويحظى سراج باحترام وولاء الكثير من القادة الميدانيين في الحركة، واعتمد عليه الملا أختر منصور بشكل كبير لتوحيد صف الحركة عقب حالة الفوضى التي شهدتها طالبان حين أعلن عن وفاة زعيم الحركة السابق الملا محمد عمر.
الثاني الملا يعقوب نجل الملا محمد عمر (منتصف العشرينيات) من عمره، ويعتبر صغيرا في السن مقارنة بقادة الحركة، وليس له تاريخ معروف داخل حركة طالبان، لأنه قضى معظم وقته في المدارس الدينية في باكستان. الملا يعقوب كان من بين الذين اعترضوا على تعيين الملا أختر منصور عقب وفاة والده، لكنه لاحقا وبعد عدة وساطات بايع الملا أختر منصور.
تداعيات مقتل منصور واختيار هيبة الله
1 – تصعيد عسكري كبير ضد الحكومة الأفغانية وتوقف للمحادثات التي تجري أصلا بشكل غير مباشر حتى الآن.
2 – باكستان ستقع تحت ضغط أميركي كبير بسبب مقتل زعيم طالبان على أراضيها، مما يقوي من فرضية الموقف الأميركي والأفغاني اللذين يتهمان باكستان بدعم ورعاية طالبان، وتداولت الصحف الباكستانية صورة جواز سفر باكستاني يحمل تأشيرة إيرانية وجد بالقرب من السيارة التي استهدفها القصف، ويعود هذا الجواز المزور لزعيم طالبان الملا أختر منصور وعليه صورته، يعتقد أنه كان يستخدمه للتنقل والتخفي.
3 – يستبعد أن أي ضغط أميركي على باكستان لكي تضغط هي بالتالي على إقناع طالبان باستئناف الحوار مع الحكومة الأفغانية، سيكون تأثيرا كبيرا بل ربما محدودا للغاية، لأي أي زعيم جديد سيفتتح ولايته بعمليات عسكرية، وسيعمل على الانتقام للملا أختر منصور، وسيتصلب تجاه بدء أي حوار مع الحكومة الأفغانية.
4 – تجاوزت طالبان حالة الفوضى التي شهدتها عقب وفاة الملا عمر، واستطاعت خلال بضعة أيام أن تجتمع وتتوافق على زعيم جديد، لذا لا يعتقد أن غياب منصور سيؤثر عليها، وجاء بيان مجلس شورى الحركة أنها توافقت بالإجماع على هيبة الله، ونقلت مصادر إعلامية عن طالبان أنها ستستمر في الحملة العسكرية لهذا الصيف التي أطلقت عليها “الحملة العمرية” نسبة لزعيمها الأسبق الملا محمد عمر.
5 – الطريقة التي قتل فيها الملا منصور وفق فهم وعقيدة طالبان سيعطيها مصداقية أمام الجماعات المسلحة التي تناوئها كداعش، والأخرى التي انشقت عنها، لأنها استهدفت أميركا وستزيد هذا من وحدة صفها الداخلي.
ووفق مصادر إعلامية أفغانية نقلت عن طالبان فإن من أهم عناصر التوافق في اجتماع مجلس الشورى قبيل انتخاب زعيم جديد كان التوافق بينهم جميعا على ضرورة الانتقام للملا أختر منصور ومعرفة الجهة التي وشت للولايات المتحدة بمكانه وتحركاته.
لا يمكن القول إن تصريحات الإدارة الأميركية التي تلت مقتل الملا أختر منصور بأنه كان عقبة أمام بدء حوار سياسي مع الحكومة الأفغانية ستخدم مشروع الحوار السياسي مع طالبان، بل سيزيد مقتل الملا أختر منصور من تصلبها وتشددها، وعدوانيتها تجاه الحكومة الأفغانية والقوات الدولية. استهداف الملا أختر منصور هو مؤشر حقيقي على انعدام الخيارات أمام الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية في التعامل مع طالبان.
خلاصة القول أن المسافة مازالت بعيدة بين الأطراف الأفغانية من أجل بدء مشروع حوار حقيقي، والتوصل لأرضية مشتركة، والبديل في هذه المرحلة سيكون هو النزوع للقوة والاستنزاف لدى الأطراف كافة.
العربية نت