تصريحات
نحن شعب يبرع في إطلاق التصريحات على المستويات كافة!! وليس أهون علينا من بذل الوعود وتعليق الآخرين في حبائل العشم وإن كانت دائبة!!
معظم الساسة لدينا فطاحلة في تقديم مقترحات والإعلان عن برامج ومخططات والإفصاح عن إحصائيات وhفتتاح مشاريع لا تعدو كونها من نسج الخيال تبدو عند وصفها عظيمة وفاعلة ولكن نزولها على أرض الواقع لا يعدو مجرد حفل افتتاح باذخ النفقات يقتصر على وقائع (قص الشريط)! ثم إننا نتبارى في استنتاج الافتراضات التي تفتقر في كثير من الأحيان للموضوعية ولم تخضع لدراسات دقيقة قبل أن تخرج لحيز الإعلان وكثيراً ما تكون من بنات أفكار المتحدث ليس إلا.. يجتهد في تفخيمها لتخدم أجندته الخاصة وتهدف للفت الأنظار ونفخ الأوداج ليس إلا!
وأكاد أجزم أن معظمهم تأتيه فكرة التصريح ارتجالاً حينما (تشيله الهاشمية) وهو يعتلي إحدى المنصات في محفل ما بمختلف أنواعها ومستوياتها وأياً كان منصبه أو موقعه.
وفي الإطار الاجتماعي أيضاً لا يختلف الأمر كثيراً.. فكل (ونسة) تجمع ثلة منا لا تخلو من تصريحات، ندعي المعرفة ونمارس التنظير.. ونصرح في الشأن العام والخاص ونطلق الشائعات ونبتدع أخبار الناس والحياة.. نصف البعض بما ليس فيهم.. وندعي ما ليس فينا.. ونحن داااائماً الأفضل والأمثل والأكمل بينما كل من عدانا لا يعدو كونه كاذبا ومدعيا ومنحرفا تضج حياته بالحكايات المريبة بحسب تصريحاتنا التي تكفي غالباً لإشانة السمعة وترسيخ انطباع سيئ عن آخرين ليس بيننا وبينهم سوى ولعنا بالتصريح ونسج الأقاصيص و(الدرامات) وربما إحساسنا بالدونية وانحرافنا الإنساني وافتقارنا للضمائر والقيم!!
فهل توقف أحدنا ليتفكر في ما يترتب على ما يطلقه من بين فكيه من حديث؟!
ومن قال إن الألسنة قد خلقت لنستخدمها فقط كيفما اتفق من دون تمحيص وتدقيق ورقابة ذاتية لما يمر عبرها من عبارات قد تتحول لمعلومات يستصحبها البعض في حياتهم أو آمال يعلقون عليها تطلعاتهم؟!
إن التصريحات التي نطلقها.. والمعلومات غير الدقيقة التي نتبرع بها خاضعة للحسابات الإنسانية والتشريعية والسلوكية والدينية!.. لا تمر مرور الكرام ويتم تدوينها في كتاب حياتنا لتنال نصيبها من القسط والحساب يوم تجتمع المجامع.
أكاذيبنا الصغيرة التي نصفها بالبيضاء.. حنقنا العظيم الذي نفرغه في وجوه من حولنا.. محاولات الانتقام اللفظي والمعنوى.. الإساءة والقذف والتهكم والسخرية والإتهامات وبث الفتن والاغتياب وغيرها من أمور تعتمد كلياً على تلك العضلة القابعة بين فكينا.. كلها يحصيها رقيب وعتيد وتنتظرنا يوم الوعيد.
فلماذا نكلف نفسنا مغبة السيئات في أمور لا تستحق؟.. لماذا نثقل عواتقنا بالأوزار دون دواع قسرية؟!
لماذا نحول ألسنتنا إلى سياط ووسائل للخداع والأذى والنفاق بدلاً عن جعلها تلهج بالحمد والتسبيح والثناء وتعبر عن التوادد والاحترام وتشيع السلام والموعظة والمحبة والحكمة والعلم؟!
ما بال أقوام يقولون كذا وكذا. (رب كلمة لا يلقي لها الرجل بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً)!!!.. والعياذ بالله.
تلويح:
بعض التصاريح والوعود والروايات تغتال ما فينا من خير وثقة وحماس.