منصور الصويم

الناقد والروائي


شاركت الجمعة الماضي في ندوة احتفائية بالأديبين الناقد البروف محمد المهدي بشرى، والروائي حمور زيادة، بتنسيق من الملتقى الثقافي العام في مدينة الرياض بالسعودية واستضافة رابطة خريجي جامعة الجزيرة في ذات المدينة. الجلسة كانت فرصة طيبة للحضور للتعرف عن قرب على أفكار وآراء الروائي حمور زيادة صاحب رواية شوق الدرويش، الحائزة على جائزة نجيب محفوظ للرواية والمترشحة للقائمة القصيرة في جائزة البوكر العربية، وهما نجاحان كبيران للرواية وللروائي الشاب زيادة، كما كانت الندوة سانحة طيبة ليستمع الحضور إلى البروف محمد المهدي بشرى، المختص في الأدب السوداني سيما الرواية والسرد والثقافة السودانية، حيث قدمت إضاءات مهمة في هذه الجانب، وكان لدور مدير الندوة الناقد الدكتور أحمد الصادق أثره كبير في إثراء النقاش والتطرق لكثير من المواضيع والإشكالات المهمة المتعلقة بالكتابة السردية سودانيا.
البروف محمد المهدي بشرى، ناقد وقاص وأكاديمي معروف بإسهاماته الثقافية والفكرية على مدى أكثر من أربعة عقود، ظل خلالها نشطا في الكتابة النقدية والسردية وتقديم الأوراق العلمية والمحاضرات الأكاديمية والأدبية. وربما أكثر ما ميز تجربة البروف – من وجهة نظري – الدور الذي قام به خلال الخمسة وعشرين سنة الأخيرة، منذ بداية التسعينيات وحتى اللحظة الراهنة، فوجوده النقدي والفكري، كان له أثرا كبيرا في تماسك المشهد الثقافي في لحظة تاريخية حرجة حدث فيها ما يشبه التفكك الثقافي، سواء بسبب هجرة الكثير من الكتاب في ذلك الوقت أو لغياب المنبر الثقافي المساند للتجارب الجديد بالتحديد وأعني المجلات والصحف والكيانات الثقافية المحكمة. على مدار هذا الزمن – أكثر من ربع قرن – ظل صوت البروف محمد المهدي بشرى مسموعا، مشاركا في الندوات والجلسات الفكرية والنقدية، كما أدى قلمه ذات الدور بالكتابة في الصحف والدوريات التي صدرت لفترات متقطعة. هذا الدور الكبير بحسب ما أرى أسهم في خلق حالة تواصلية نقديا بين الأجيال الجديدة من الأدباء والأجيال السابقة التي يمثلها البروف، كما ساعدت في الرفع من مستوى الحوار والجدل الثقافيين لما تميز به البروف من صرامة نقدية وصراحة في طرح آراءه المتوافقة مع قناعاته النقدية والأدبية، شيء أسهم بلا شك في إثراء المخيلة والذاكرة النقدية للجميع.
الاحتفاء بحمور زيادة، ونجاح روايته (شوق الدرويش)، أمر مستحق، فالرواية منذ صدورها حتى الآن (الطبعة الثالثة عشرة)، أثارت الكثير من النقاشات النقدية الجادة، حول موضوعها وأسلوبها، كما أطلقت الأسئلة بشأن الرواية التاريخية؛ ما هي، وما طبيعتها ومدى علاقتها بالتاريخ الوثائقي والتخييل السردي.