رمضان يطرق الأبواب ولا تزال أزمة المياه والكهرباء في الخرطوم تراوح مكانها.. العديد من الأسر السودانية حزمت أمتعتها وغادرت البلاد تجنباً “للمجازفة” بالصيام.. سيناريو القطوعات
رمضان يطرق الأبواب، وما زالت أزمة المياه والكهرباء في العاصمة الخرطوم تراوح مكانها، ليس هذا فحسب، وإنما لاحظت (اليوم التالي) ارتفاع نسبة سفر الأسر السودانية لصيام شهر رمضان خارج السودان، وتحديداً في القاهرة ودول الخليج، ولسان حالهم أن هذا الشهر لا يحتمل القطوعات، وربما يصبح الركون لتصريحات المسؤولين فيه (مجازفة)، العديد من تلك الأسر حزمت أمتعتها وغادرت، فيما يكتظ المشهد المواتي باللاحقين.. من هنا تبدأ المأساة، ولا تنتهي بالهروب من الواقع المخيف، تفاصيل مشهد العام الماضي، تكاد تتكرر بذات السيناريو في الشهر المُعظم، حالياً معظم الأحياء تُعاني القطوعات المُبرمجة للكهرباء. في العام الماضي اضطر المواطنون للاحتجاج العلني في الشوارع وداخل شركات توزيع الكهرباء، وتداول نشطاء (واتساب) صوراً لأحد المواطنين يحمل مرتبته ويصطحب أبناءه، ويذهب إلى شركة توزيع الكهرباء في أم درمان، ويضع أمتعته في وسط المبنى وينام غرير العين، ما أثار استياء واستغراب الزبائن. تفادياً لكل تلك المشاكل نفذ الفريق الأول ركن، بكري حسن صالح، النائب الأول لرئيس الجمهورية، رئيس اللجنة العليا لمتابعة تنفيذ برنامج إصلاح الدولة، زيارة مُفاجئة أمس (الأحد)، إلى محطات مياه الشجرة والمُقرن والمنارة للاطمئنان على موقف إمداد المواطنين بمياه الشرب.
وتأتي الزيارة في إطار متابعة تنفيذ برنامج إصلاح الدولة برفقة أعضاء اللجنة العليا من الوزراء ووزراء الدولة.
ويقول المهندس، حبيب الله بابكر، وهو وزير البنية التحتية بولاية الخرطوم، إن محطة المياه المدمجة بالشجرة تنتج (15) ألف متر مكعب في اليوم، مبيناً أن العمل في المحطة سيكتمل خلال اليومين المُقبلين، لافتاً إلى أن المحطة الجديدة ستُسهم في انسياب الإمداد المائي لمناطق جنوب الخرطوم وشمال جبل أولياء، وأوضح أن التشغيل التجريبي للخط الناقل من محطة مياه جبل أولياء بسعة (30) ألف متر مكعب. وأشار إلى أن الخط سيحقق استقراراً في الإمداد المائي لمناطق الكلاكلات وجبرة والعشرة. وأكد حبيب الله أن مشروع توسعة محطة مياه المقرن سيضيف (45) ألف متر مكعب لترتفع الطاقة الإنتاجية للمحطة إلى (135) ألف متر مكعب. فيما تبلغ الطاقة الإنتاجية القصوى لمحطة مياه المنارة (200) ألف متر مكعب، مبيناً أن تلك المحطات ستسهم في توفير الإمداد المائي للمواطنين بولاية الخرطوم.
غالباً ما تضطر الأجهزة المُختصة للتدخل لإنهاء احتجاجات المواطنين المتفرقة، ويُشار أيضاً إلى أن أحياء في العاصمة الخرطوم شهدت خلال يونيو من العام الماضي، احتجاجات على انقطاع خدمة المياه، وهو الأمر الذي دعا والي ولاية الخرطوم الجديد، الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين، إلى إقالة مدير هيئة مياه وتعيين طاقم جديد. وسبق أن أشار الوالي، إلى أن مسؤوليته أمام الله، أن تجد كل أسرة في (20) حياً توجد بها أزمة مياه من جملة (1600) مجموع أحياء الولاية مياه شرب. ويقول المواطن آدم عباس، يقطن الوادي الأخضر مربع (20) الصحافيين، لــ(اليوم التالي)، إن أزمة المياه ظلت متكررة بسبب سقوط البئر في الأيام الماضية، فضلاً عن حفريات النظافة استعداداً للخريف، واعتبرها إخفاقات ظاهرة للعيان، باعتبار أن سائق اللودر المُختص بعمليات الحفر يجب أن يكون مصحوباً بخريطة مُحددة لتوضيح خطوط إمداد المياه تفادياً لتقطيعها. وسبق أن خرج متظاهرون، في ضاحيتي (أم بدة)، و(أبو سعد) في أم درمان، كما شهد حي (الصحافة) جنوبي وسط الخرطوم احتجاجات مماثلة. وكان أهالي في ضاحية الكلاكلة جنوب الخرطوم قد احتجوا أيضاً، على تذبذب التيار الكهربائي. أما المواطنة، آمنة عبد الرحمن، فتقول لــ(اليوم التالي)، إن انقطاع المياه والكهرباء في شهر رمضان المعظم سيضاعف من المعاناة، ما يضطرهم للاحتماء بظلال الأشجار في الشارع العام، وأشارت إلى أن المنازل في رمضان لا تطاق بسبب (الحر والسموم)، وأبدت أملاً في استقرار خدمات الكهرباء والمياه، لتتمكن هي وأسرتها من الاستمتاع بالمياه والكهرباء ليلاً ونهاراً.
يشير مواطنون في حديثهم لــ(اليوم التالي)، إلى أن انقطاع التيار الكهربائي والإمداد المائي، عن عدد من أحياء ولاية الخرطوم بمثابة هزيمة لـمسؤولي حكومة الولاية خاصة في قطاعي الكهرباء والمياه. وسبق أن اعتمدت ولاية الخرطوم، (400) مليون جنيه كتمويل مصرفي لإكمال مشروعات البنى التحتية لمياه الشرب، واتخاذ التحوطات اللازمة لأي طارئ، وشكلت لجنة وزارية لتحديد أولويات فترتى الصيف والخريف، وتدشين وحدات متكاملة لصيانة الشبكات والخطوط، بالإضافة إلى مراجعة كل المحطات الجوفية العاملة والأخرى الموضوعة كاحتياط، في حال حدوث أي طارئ للمحطات النيلية. وكانت هيئة مياه ولاية الخرطوم وقعت عقداً مع شركة خليجية لإحلال (309) شبكة مياه قديمة في أحياء وقرى الولاية بأطوال تقدر ب(18) ألف كيلومتر طولي وبتكلفة بلغت (400) مليون دولار، كما أعدت الهيئة خطة بنيت على رفع كفاءة المصادر الموجودة بتأهيلها وإنشاء مصادر جديدة، وعلى خطى ذلك ارتفع عدد المحطات النيلية إلى (11) محطة و(1983) محطة جوفية منتشرة على كافة مساحات الولاية، وسبق أن رصدت حكومة ولاية الخرطوم (9.5) مليون جنيه لمعالجة المشكلات الطارئة في إمدادات مياه الشرب.
وزارة الصحة كشفت في آخر مسح ميداني أجرته عن المياه والإصحاح البيئي، أن (44.6 %) من سكان السودان لا تتوافر لديهم المياه الصالحة للشرب، وأن نسبة التغطية بالمياه الصالحة للشرب على مستوى السودان بلغت (55.4 %) فقط. ورغم توجيهات والي الخرطوم، عبد الرحيم محمد حسين، بالخروج من الحلول التقليدية لقضايا الخدمات، وابتكار حلول أكثر فاعلية للقضايا الخدمية بالولاية، واستقطاع هيئة مياه ولاية الخرطوم، شهرياً رسوم المياه من المواطنين عبر منافذ الكهرباء، لكن رغم ذلك إلا أن الإمداد الكهربائي والمائي دون المستوى المطلوب.
الخرطوم- بهرام عبد المُنعم
صحيفة اليوم التالي
السد السد الرد الرد