ولا عزاء للحلو مر
مطار الخرطوم ذات سبت ليس بأخضر على أي حال.. سبت يوافق 28 مايو 2016.. وﻻ يتوافق مع ذكرى نهاية شهر ثورة مايو وبداية يونيو شهر الإنقاذ.. وﻻ يستحق هتاف ود المكي.. باسمك الأخضر يا أكتوبر الأرض تغني.. تتعدد الثورات وتتزاحم الكتف بالكتف والحافر بالحافر وبعض حالنا كما هو !!
* يفترض أننا نقلع عند الواحدة صباحاً لكننا ولأسباب غير معلومة بالكاد تيسر لنا الإقلاع عند الرابعة صباحاً !!
* وأنت تدلف إلى صالة المطار من الوهلة الأولى.. تتزاحم في خاطرك أحداث (وأنس وأناس) أعزاء على القلب. وهم يلوحون لوداعك ويذرفون الدموع!! وتخطو مودعا لتنتقل إلى محطة أخرى من التوديع الحار جدا.. تجتاز الخطوط الحمراء والخضراء (بجوازك الأزرق) كما النيل والأحلام.. وأنت تحلم بالبرودة لا (البرود)!! أوشك أحدنا أن يهتف كما ذلك الأعرابي (جانا عيد السفر لي برودو دا)!! هناك في مرفأ الوطن الحبيب، وفي صالة اكتظت بالمغادرين الكل يتساءل ماذا يحدث؟ ليس هناك مساحات للإجابات!! فقط أسئلة تذرف ودموع وجموع تتزاحم وأكداس من أغراضهم وحقايبهم.. حتى (الناظر وجرسو النايم) ولون الصالة وعفش الناس الماشي يناهد بالكيمان.. وتتسابق الأسئلة وتتراكم ولا جواب!! الغريب أن وسط هذا الجو الساخن الصاخب المكتظ ستجد من يتبادلون الحديث والابتسام!! (وتقوم شكلة وتقعد شكلة)!! ويقترب موعد الإقلاع ولا حراك!! وإن تقدم بك الحظ قليلا في الطابور ستجد السيور الناقلة قابعة بلا حراك!! والأغرب من ذلك كله أن التيار الكهربائي يعمل والصالة مضاءة (تكشف كشافاتها) عن سوء رابض في مكان ما !! بدأت ترد بعض الإجابات.. نعم إنها ثلاث رحلات دولية تغادر في آن واحد!! يا لهذا المطار المسكين ثلاث رحلات تقطع نفسه تصلح لها تراثية (تقطع نفسك يا المطار)!! لكنها من الحجم العائلي!! أليس كان من الأجدى والأنفع والأبرك أن تترك واحدة ثم تليها أختها بعد حين!! أخيرا جدا بدأ موظفو كل خطوط باستقبال ركابهم وتوزيع الديباجات على الحقائب (وكراتين الابري أحس بغربتها وحزنها).. إنه بامتياز بلد حلو في حنينه ومر في فراقه ومفارقاته!! تكاد تسمع همس الكراتين وهي تتذمر في الداخل!! (أنا كان مالي ومال دا كله).. ولا عزاء للحلومر!! ثم بدأ العمال الحيارى بأداء دور السير الناقل وشتان!! والزمن يتعدى وقت الإقلاع والناس ينظرون لبعضهم تدور أعينهم من الخوف والحزن واختلاط المشاعر.. فلاهم في (أهاليهم ولا هم فارقو الوطنا).. وطن القمرة والقماري!! والعمل يسير ببطء والوقت يطير وكل ما بني على هذا التوقيت من رحلات تالية فهو في مهب الريح! وبعد أكثر من ساعتين.. الوقت المحدد للإقلاع.. جلس الناس في مقاعدهم وربطوا أحزمتهم يرسلون الشكاوى وينظرون في ساعاتهم!! ويغمضون أعينهم حيث النعاس والوقت جاوز الثالثة صباحا.. وتنفس الجميع (صعداء الصعود) وعلت بهم ولا تزال في الأنفس شوق وحنين وخوف من المجهول!! وأترك لك أخي صاحب الملاذات باقي القصة.
أخوكم/ معاوية قسم.. مطار الخرطوم
* أخي قسم … هذه قسمتنا ونصيبنا من مكتسبات الثورات.. هل كانت مصادفة وانت تتنكب الإقلاع بين ثورتين … (عقاب مايو وعقبال يونيو) !! وعلي مقربة من أكتوبر ولم يمض علي أبريل سوي شهر !! فأنت ياصديقي أزمتك انتهت باقلاع سفريتك.. ونحن قابعون في امكنننا ننتظر إقلاع وطن الجدود الي المستقبل !!.. وحتما سيقلع ذات سبت أخضر مأمول منظور بحول الله وقوته ..