المنتجون لا بواكي لهم
* على أثر نشر مقالنا “صناعة خرطوم طاردة ” تدفقت قريحة الأخ الشيخ أحمد التيجاني أحمد البدوي، الذي جمع الله له بين (مباصرة التجارة والاقتصاد)، و(بصيرة الدعوة والقرآن).. وكنا قد خرجنا في ذلك المقال نحذر من ظاهرة التكدس في الحواضر من منظور أمني على أن الفراغات التنموية والسكانية والأمنية الريفية في المقابل، تغري الكثيرين بالتعدي على أراضينا، إثيوبيا نموذجاً.. ومن ثم جاءت مداخلة الأخ الأستاذ أحمد التيجاني الآتية:
* أخي أستاذ أبشر سدد الله رمي أفكاركم.. وأنتم دوما تطرقون المفيد من القضايا.. فأما عن أزمة ظاهرة (التكدس بالمدن)، فإنها لا محالة ترجع لطريقتتا في إدارة الأزمة الاقتصادية التي تطوقنا، بحيث تحول المنتجون الريفيون إلى جمهور من المستهلكين، وذلك بفضل سياسة اعتناء الدولة بالمستهلك وإهمال الإنتاج والمنتجين !!
فالصحف تكتب والقنوات تهدر والدنيا تقوم ولا تقعد، إذا ارتفع سعر اللحم أو الذرة أو الطماطم أو البطاطس أو الزيت، فقط لأن ذلكم يغضب سكان المدن ويحرضهم على الحكومة وينسى هؤلاء أن هنالك منتجين لم تتوفر لهم أبسط مقومات الحياة والإنتاج والدفاع، ومن ثم تلجأ الدولة على عجل وبلا رشد اقتصادي إلى الاستيراد من الخارج على حساب الإنتاج المحلي ومنافسته وبالدولار إرضاءً لأهل المدن !!
وبطبيعة الحال سيزحف أهل الريف إلى المدن لينالوا نصيبهم من هذه الامتيازات، تاركين وراءهم الإنتاج الذي لا يغطي عائده ضرورياتهم !!
* ونذكرك، أخي أبشر، أن الإنتاج على قلته لا يزال يقبع في المخازن، ويذكر في هذا السياق محاصيل (الفول والسمسم والصمغ) وغيره، وآخر محفوظ في الثلاجات (كالبطاطس والموز والبصل) وذلك بسبب إشكالات الصادر.
فهل لهذه الصورة القاتمة للمنتج أن توضع على طاولة صناع القرار حتى يصبح المنتج أحد هموم الدولة؟ فعلى الأقل إن هناك أكثر من طريقة لعلاج مشاكل المستهلكين، ففط ألا يكون ذلك على حساب الإنتاج والمنتجين على أن دعم الإنتاج والمنتجين يصبح الحل الأمثل على السيطرة على سعر صرف الدولار وتوفره، وليس الحل يكمن في أزقة السوق العربي ومطاردة السماسرة.
* وهنالك أخي (الصائم) ملاحظة مهمة في هذا الملف الاقتصادي، وهو أن الذين يديرونه هم بالكاد أكاديميون لم ينالوا حظا من التجريب العملي.. فتجربة جديرة بالاحتذء كتجربة السيد أردوغان في تركيا قد نهضت على تجربة عملية، فعلى الأقل إن السيد أردوغان قد بدأ ببيع البطيخ في الأزقة والطرقات.. فكم فتى بمكة.. أو قل بدسك اقتصادنا قد باع يوماً شماماً أو بطيخاً.. أرى أنه بالإمكان الاستفادة العملية من دولتي تركيا وماليزيا، وهي تجارب لدول إسلامية جديرة بالاعتبار والاستذكار !!
* وإذا ختمنا بفكرتنا الأولى، نذكر إخواننا في منابر اتخاذ القرار عندما تحتدم الأسعار، النظر أيضا بعين الاعتبار، للمنتج ليكون ضمن دائرة تشكيل رؤى الخيار، حتى لا تكن كل صيحة وتصويبة خصما على بنية المنتج المتهالكة المتراجعة باستمرار !!