تويتر اللاواعي!
“روح الجماهير تخضع لتحريضات وإيعازات أحد الحركيين أو القادة، الذي يعرف كيف يفرض إرادته عليها, وفي مثل هذه الحالة من الارتعاد والذعر، فإن كل شخص منخرط في الجمهور يبتدئ بتنفيذ الأعمال الاستثنائية التي ما كان مستعداً إطلاقاً لتنفيذها في حالته الفردية الواعية والمتعقلة..” انتهى (غوستافو لوبون).
قد يغضب البعض من وصف الشعبوية التي تحدث في تويتر غالباً بالسلوك الجماهيري اللاواعي، كما غضب الاشتراكيون من لوبون عندما طرح فكرته المذكورة أعلاه حول سيكولوجية الجماهير واسلوب تحركها، لكن يمكن اختبار الفكرة اليوم بطريقة أكثر وضوحاً مما كان عليه الوضع، عندما اضطر لوبون لمواجهة الاشتراكية والأحزاب العمالية التي كانت تسلم بعقلانية الجماهير كسلوك جمعي, “تويتر” يمثل الشكل المباشر لارتباط الفرد بالجماهير، كون تويتر شعبوياً أكثر ومفتوحاً التواصل بشكل أكثر، مقارنة بمواقع التواصل الاجتماعي الأخرى, بالمقابل “سناب شات” يمثل الشكل الفردي لحالة المستخدم المنخرط في التواصل، كونه يعطي خصوصية أكثر ولا يربط جميع المستخدمين ببعضهم، كما يفعل “تويتر”، فكرة “سناب شات” قائمة على خلق منصة ترفيهية لا تحزبية، تصبح فيها العلاقة محصورة بين الناشط والمتابع؛ بحيث إن المتابعين كجمهور لا يمكنهم التواصل مع بعضهم البعض.
نتج عن شكل “تويتر” المفتوح المتداخل منصة شن حملات وحرب وتنمر إلكترونية بسبب وجود أيديولوجيات معينة تستخدم شعبيتها لمحاولة تصفية الأطراف الأخرى من مواقع التواصل الاجتماعي، يتفاعل فيها المتابعون مع هذه الحملات بشكل جماعي تصل في بعض الأحيان إلى مستوى مريع جداً من التنمر والقذف، كون السلوك الجمعي غير واعٍ بمجمله بحيث يصبح فيه الفرد أكثر جرأةً على القيام بما لم يكن؛ ليقوم به بشكل منفرد، لكن التحرك الجماعي يجعل من بعض السلوكيات السيئة أشبه بالتصرف الطبيعي وأحياناً يميل للفضائلية بسبب اللاوعي الذي يتلبس الفرد داخل المجموعة.
بالمقابل ستجد نفس المستخدم يتابع نفس الأشخاص على “سناب شات”، ويشاهد ما كان يستفزه في “تويتر” ويحوله لشخص ثائر” يكتفي بمشاهدتها أو تجاوزها؛ كون القائد الحركي المعتاد في “تويتر” لم يؤسس لسلوك جمعي ضد هذا الطرح، أو هذا الشخص بسبب أن التصميم العام لـ”سناب شات” لا يعطي فرصة لتواصل الجماهير مع بعضها البعض؛ بل يحصر التواصل بين الناشط والمتابع، فيظل الفرد في هذه الحالة في شكلها المتعقلة محافظاً على وعيه الذي يفقده في حال انخرط بالجماهير.
ختاماً فإن كل التيارات، وإن ادعت إيمانها بعقلانية الجماهير، فهي في الواقع تبطن غير ذلك يسعون لقيادتهم وتوجيههم إلى حيث يرون الصواب.
هافغنتون بوست