الهندي عز الدين

الفضائيات السودانية .. غنوا معانا غنوة العيد والفرح !

{قدمت الفضائيات السودانية على وجه العموم، خلال هذا الشهر الفضيل، جهداً كبيراً ومقدراً لإرضاء أذواق المشاهدين السودانيين داخل وخارج البلاد، وبالتأكيد لا يخلو كل عمل هنا أو هناك من هنات ومواضع ضعف، غير أن المجموع يستحق منا التحية والتقدير، في ظل الظروف القاهرة التي يحاول مديرو القنوات الفضائية السودانية ومديرو البرامج تطويعها (ليصنعوا من الفسيخ شربات) .
{لم أكن مدركاً مع تعاملي مع التلفزيون لسنوات  طويلة، أن إدارة قناة فضائية عمل بالغ المشقة،  يستغرقك حد الرهق، يستنزف أعصابك وخلايا دماغك، ويتركك آخر الليل جثة تتنفس !
{صحيح أن الصحافة مهنة المتاعب، ولكن التلفزيون أصبح صحافة مستمرة وممتدة على الهواء لأربع وعشرين ساعة، ولذا اتجهت كل فضائيات العالم الكبرى إلى استجلاب الصحفيين لإدارة وإعداد وتقديم البرامج، وحصر المذيعين في تقديم نشرات الأخبار، وبعض برامج المنوعات .
{كتابة العمود اليومي  .. مثلاً، مهمة إبداعية في المقام الأول، ورغم أنها عملية شاقة على الجميع، لكنها يسيرة لمن امتلك ناصية موهبتها، ليبقى العسر في توفر مادة يومية صالحة للنقاش وجاذبة للتناول، وإلا يصبح (عموداً) عسير الهضم، ثقيلاً على القارئ .
{أما إدارة العمل التلفزيوني فهي مهمة مستمرة على مدار اليوم، أو على مدى ساعات بث الإرسال، ويتطلب ذلك تتبع الأخطاء قبل أن يلحظها المشاهد، وتخفيف الإطلالة عليه، لأنك تدخل عليه في بيته أو مكتبه في أي وقت، وبلا استئذان !
{هذا هو الطقس العام في كواليس الفضائيات في كل الدنيا .. طقس القلق والتوتر ومسابقة الزمن، سعياً لتقديم الأفضل، فما بالك بفضائياتنا الفقيرة التي تبخل عليها كبريات الشركات وتوكيلات المنتجات العالمية بالإعلان بقيمة تناسب التكلفة العالية جداً للبث التلفزيوني .
{أشاهد منذ سنوات قنوات مثل شبكات (MBC) و(الحياة) و(النهار) و(CBC)، وهي قنوات عربية سعودية ومصرية، يدفع لها وكلاء شركات “البيبسي” و”الكولا” والعصائر، الألبان، العطور ومستحضرات التجميل، ملايين الدولارات سنوياً، فيرتفع مستوى الجودة والإبهار على تلك الشاشات .
{وكلاء الشركات الكبرى في السودان يحولون بند الدعاية والإعلان إلى المزيد من العقارات والمزارع الملوكية، والفيلات الأسطورية المطلة على شوارع خربة ومتسخة وبرك آسنة بفعل شبكات مياه متفجرة!!
{وقليل من قيمة الحديد والبورسلين والنجف كان كافياً لتهذيب وتشجير شوارع بيوتهم ! ولكنها ثقافة  (الأنا) .. أنا مالي ومالهم !
{لا تظلموا الشاشات السودانية، ولا تصعدوا منابر المساجد الافتراضية لتهاجموا برامج (الغناء) في رمضان، وهل من متنفس لهذا الشعب المحبط غير أن يسمع شيئاً من النغم الجميل.
{أهبطوا من هذه المنابر .. فإنها لا تليق بكم.

 

المجهر السياسي