زهير السراج

التمييز العنصرى السودانى الحديث !!


* لا يكفى ان يحظر المجلس القومى للأدوية والسموم بعض الادوية والكريمات التى تستخدم لتبييض البشرة لاحتوائها على مواد ضارة وخطيرة مثل الاسترويدات والزئبق والهيدروكينون تسبب السرطان والتشوهات الجلدية المستديمة والفشل الكلوى والفشل الكبدى وعشرات الامراض والاعراض الجانبية الأخرى ..إلخ، بل الموت الفورى مثل حُقن (الجلوتاثيون) التى صارت تستخدم بكثافة فى السودان خاصة فى الفئة العمرية ( 17 – 35)، للحصول على بشرة بيضاء من اجل العثور على زوج او عمل مناسب!!

* إدارة الاغذية والدواء الامريكية حذرت قبل خمس سنوات من استخدام حقن (الجلوتاثيون) بعد حدوث العديد من حالات الوفاة بالفشل الكلوى والغدة الدرقية وبعض انواع الحساسية القاتلة والصدمة السُمية ..إلخ، نتجة استخدامها، ورفضت الاعتراف بها، ورغم ذلك تدخل هذه الحقن الى السودان بكل سهولة ويسر وينتشر استخدامها فى الكثير من مراكز التجميل والتبييض جهارا نهارا، بدون أن تتخذ السلطات المسؤولة اية اجراءات لمحاسبة المتورطين وحماية الضحايا، وأعرف شابة توفيت قبل زواجها بيومين بسبب حساسية قاتلة نجمت عن حقنها بمادة (الجلوتاثيون) !!

* كانت ظاهرة استخدام الكريمات محدودة فى الماضى، حتى بدأت بعض القنوات التلفزيونية السودانية فى تقليد القنوات الفضائية العربية، واستخدام صاحبات البشرة البيضاء بكثافة كمذيعات ومقدمات برامج، وحرمان صاحبات البشرة السمراء من العمل، ثم انتشرت العدوى الى كثير من الاجهزة والمؤسسات الاخرى، وصار الكل يبحث عن الجميلات صاحبات البشرة البيضاء، وكانت النتيجة انتشار هذه الثقافة العنصرية البغيضة، فوقع الكل ضحية لها، وأولهن الفتيات اللائى وجدن انفسهن مضطرات الى البحث عن وسيلة بأى ثمن لتفتيح بشرتهن من اجل الحصول على العمل والزوج!!

* أعط نظرة سريعة لكل القنوات الفضائية السودانية، تجد ان اللون الغالب على المذيعات ومقدمات البرامج بل حتى المذيعين، هو اللون الفاتح، ومن النادر جدا ان تجد مذيعة سمراء او غامقة اللون، وهو فى حد ذاته تمييز عنصرى فظيع كان يجب ان يجد التعامل الصارم من الدولة وكل فئات المجتمع، حتى لو لم تكن الكريمات والمواد المبيضة للبشرة ذات خطورة تذكر، ولكن للأسف تجاهلت الدولة، ولا تزال، هذا السلوك العنصرى البغيض ولم تتدخل بأى نوع من الاجراءات لمنع هذا التمييز واستخدام مواد التبييض رغم ما فيها من خطورة كبيرة جدا، مع سلبية كبيرة للمجتمع، وكان من الطبيعى أن ينتشر استخدام مواد التفتيح ويصبح تجارة رائجة للكثيرين، وأذى ومعاناة وموت لارواح كثيرة، فضلا عن انتشار الثقافة العنصرية البغيضة!!

* صار أى صاحب عمل ، ومدير قناة فضائية، ومنتج مسرحى وعريس ..إلخ يبحث عن صاحبة البشرة البيضاء، بينما تحرم صاحبة البشرة الغامقة حتى من مجرد التفكير فى المنافسة، فكان من الطبيعى ان تلجأ الى التفتيح ومراكز التجميل التى انتشرت كالنار فى الهشيم للبحث عن البشرة البيضاء، وما يتكلفه ذلك من اموال باهظة ومعاناة ، عليها وعلى الجميع!!

* لا يكفى ان يحظر المجلس القومى للادوية والسموم استخدام وتجارة الكريمات فقط، وانما يجب سن القوانين الصارمة ضد هذه الجريمة، بالاضافة الى وضح حد للتفرقة العنصرية الفظيعة التى تنتشر فى القنوات الفضائية وبقية مؤسسات الدولة الخاصة والعامة، وإذا كانت الدول التى يسود فيها اللون الابيض تجرّم التمييز العنصرى، فما بالنا نحن الذين خلقنا ببشرة داكنة، نمارس هذا التمييز البغيض ضد أنفسنا؟!


تعليق واحد