منصور الصويم

دموع The voice


the voice أو (أحلى صوت) برنامج مسابقات غنائي عالمي، تجد منه نسخة في كل اللغات الحية، وهناك نسخة عربية شارك فيها فنانون سودانيون شباب خلال العامين الأخيرين وقدموا نماذج غنائية طيبة ووجدوا تشجيعا كبيرا من الجمهور السودان، من خلال التصويت، وهي الفكرة الأساسية التي يعتمدها البرنامج لتصعيد المتسابقين من مرحلة إلى أخرى، إلى جانب آراء المحكمين بالطبع. وحول البرنامج وطريقته وعالميته الكثير من الجدل، لكني غير معني بإثارته هنا ولا مهتم كثيرا بمدى قدرة مثل هذه البرامج في تجديد الروح الغنائي والموسيقي والكشف عن مواهب جديدة؛ أنا معني هنا بتلك الانفعالات التي تحدث على هامش البرنامج، تلك التي يظهرها مرافقو المتسابق أو التي يعكسها المتسابق نفسه أو تأتي مرتدة من على وجوه أعضاء لجان التحكيم.
البكاء، هو المؤشر الانفعالي الأكثر شيوعا في كواليس ومسرح هذا البرنامج الشهير، فمن يرافقون المتسابق أو المتسابقة غالبا ما يكونون من أفراد أسرته؛ الأم والأب والإخوة، أو هم من أقرب أصدقائه، هذا ما تعكسه الحالة الانفعالية التي يبديها هؤلاء المرافقون حال إحساسهم الأولي بأن ممثلهم اجتاز المرحلة الأولى للاختبار؛ تقديم الوصلة الأولى والثبات الأدائي المدخلي، هذه العتبة يتبعها انفعال ضاج وفرح من المرافقين يتطور رويدا رويدا ليتحول إلى دموع وبكاء حار بمجرد أن يعلن أعضاء لجان التحكيم تمرريهم للمتسابق بالضرب على بوق القبول تمييزا للصوت الذي صنف للتو أنه (أحلى صوت) أو من الأصوات الأحلى – المبشرة.. هنا تلقائيا تنتقل وصلة الدموع لتغطي وجه المتسابق/ المتسابقة ليتحول كل شيء على الخشبة ووراء الكواليس وبين الجمهور إلى صفاء انفعالي شفاف بدئي وصادق.
هل البكاء هو التعبير الانفعالي الأكثر صدقا في عكس التحولات النفسية للإنسان؟ الدموع التي تذرف على خلال حلقات برنامج the voice بمختلف نسخه ولغاته وثقافته تحيل جميعها إلى شعور انفعالي واحد وهو الفرح؛ فرح المشارك باجتيازه التجربة ونجاحه، فرح مرافقو المتسابق بعبور ممثلهم لعقبات عدة تحوط كل من يحاول ولوج هذا الضرب من الفنون ذات الجماهيرية – الدعائية الإعلامية العالية، ثم ذلك المشترك الجمعي للفرح الذي يبديه الجمهور – المتفرج – المستمع المحكم بإحساسه الفطري وذوقه الشخصي دون أي مؤثرات أخرى، وأخيرا دموع فرح المحكم بنجاح ومرور منافسه المستقبلي في حلبة الغناء والموسيقي، وبالطبع النجومية.
البكاء، يعيدنا إلى تلك اللحظة الأولية، وليدة الدهشة والبراءة وصدق الإحساس الأولى بهذا العالم!