الهندي عز الدين

دمج شركات الطيران وليس الصحف !

{تحتاج شركات الطيران السودانية والأجنبية التي تستخدم مطار الخرطوم الدولي عبر رحلات يومية، إلى كميات هائلة من النقد الأجنبي على مدار الشهر، لتوفير قطع الغيار وتحويل عائداتها من التذاكر وغيرها إلى رئاساتها بالخارج، ما يجعلها مضطرة إلى الشراء من السوق الموازية، وهذا أحد عوامل الارتفاع المضطرد في أسعار (الدولار) والنقد الأجنبي بصورة عامة في بلادنا .
{بنك السودان لا يستطيع الوفاء بتحويل مدخرات هذه الشركات بالدولار، ولو بسعر أعلى من السعر الرسمي المعلن، كما هو الحال في ما يسمى بـ(حصيلة الصادر) .
{وكلما تزايدت رحلات شركات الطيران الأجنبية إلى مطار الخرطوم، تزايد الطلب على (الدولار) و(الدرهم) و(الريال)، هذا فضلاً عن حاجة شركات الاتصالات الثلاث لكميات كبيرة من النقد الأجنبي لتوفير معداتها وأجهزتها وبرامج تقنية الاتصالات المتعددة، وهي أيضاً تشتري – في أحسن الأحوال – حصائل الصادر بسعر السوق السوداء أو الموازية أو أقل قليلاً، ومن داخل البنوك !!
{أما تجار العملة الذين يبيعون عشرة آلاف دولار وعشرين وخمسين ألف دولار، فهؤلاء ليس سبباً رئيساً في ارتفاع أسعار العملات، وينبغي أن تكون الأجهزة المختصة على علم بذلك .
{واحدة من أهم المعالجات لإيقاف (نزيف الدولار) أن تساعد الدولة شركات الطيران الوطنية على الاندماج لتأسيس ناقل وطني بقدرات وإمكانيات عالية، فاندماج شركات (سودانير) و(تاركو) و(بدر) مثلاً، تحت اسم (سودانير) بتاريخه الطويل الممتد منذ العام 1947م، أهم للدولة من دمج صحيفتين فقيرتين، لا تأثير لهما على الاقتصاد السوداني، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تؤثر كل الصحف السودانية على سعر صرف الدولار، لأن جملة استيراد ورق الطباعة (سنوياً) أربعة ملايين دولار، بينما تحتاج هذا المبلغ شركة (تاركو) وحدها، ربما (شهرياً) لاستجلاب مواد ومعدات وقطع غيار !!
{لقد سدت شركتا (تاركو) و(بدر) جزءاً من ثغرة كبيرة كانت تغطيها شركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير) في الماضي، وما تزال هذه الثغرة مفتوحة وتحتاج لجهد كبير من الدولة ومن القطاع الخاص لتغطيتها .
{نأمل أن تنشط هذه المبادرة لقيام شركة طيران وطنية كبيرة ورائدة، والأمر ليس عسيراً، إذا كانت الجارتان الفقيرتان “إثيوبيا” و”إريتريا” تملكان الآن أسطولين من الطائرات تحط في مطارات أوربا وأمريكا والهند والصين، بينما ناقلنا الوطني يكتفي بالقاهرة وجدة !!
{الدعوة موجهة لوزير النقل ليقود مبادرة توحيد شركات الطيران السودانية ودعمها، خاصة أن إحدى هذه الشركات الناجحة مستعدة للدمج وترى فيه خيراً كثيراً للسودان.