احلام مستغانمي

” الشك اسم من أسماء الذكاء ” ( 03 )

” الشك اسم من أسماء الذكاء ” ( 03 )
العمى هو شرط الإيمان . أن تؤمن بما لا تراه لأنك لم تره . كمتصوّف آمن بورخيس بكل ما أخفته عنه العتمة ، وما أدركه ببصيرته لا ببصره . آمن أن له موعدا مع الحبّ ، لذا كان يحبّ أن يكون متأنقا ، لم يكن يَرى ما يرتديه ، لكنه يرفض أن يُرى إلاّ ببدلة أنيقة رسمية وربطة عنق من ايف سان لوران ، ممسكاً بعصاً مميّزة ، واحدة من سبعة أو ثمانية عصيّ جمعها من أسفاره .
الأرجنتيني الأنيق العميق ، الذي عاش آخر حياته مُطّلاً فقط على نفسه ، بدى مثل المعري في حكمته ، كما لو أنه عثر في عماه على ما كان ينشده ، لاختراق ما لا نراه ، مؤكداً قول بودلير ” ذلك الذي ينظر من الخارج عبر نافذة مفتوحة ، لا يرى من الأشياء قدر ما يراه من ينظر إلى نافذة موصدة ” . بورخيس كان يرى النسيان أعلى درجات الإنتقام ، قائلاً ” خطاياك غير المغتفرة لا تُمَكّنك من رؤية عظمتي ” فليس هناك مجد في الغضب ، إنّه ضعف . يجب أن تمنح عدداً قليلاً من الأشخاص القدرة على إيذائك . كان يحب أن ينثر في مقابلاته شيئا من الشك يبدأ أجوبته بالقول ” من الممكن ” ” على الأرجح ” ” ليس مستحيلاً أن ” فلقد كان عنده ” الشك اسم من أسماء الذكاء “. . وهذا درس متأخّر تعلمته منه ! .

الكاتب : أحلام مستغانمي