هيثم كابو

المعادلة الصعبة


(1)
* وماسأة مدينة نيس الفرنسية تعيد إنتاج الأسئلة القديمة في رحلة بحث متجددة عن إجابات لا موضع لها من التوقف والتحليل الآن:
يا ترى هل تحتاج حماية ديننا الحنيف إلى دهس الأبرياء تحت عجلات شاحنة عبر سلوك إرهابي؛ أو إلى مجموعات متطرفة كتلك التي تُنفِذ عمليات تعكس وجهاً لا يشبه تعاليم الإسلام؟؟.. هل نحن في حاجة إلى ممالك تجز الرقاب باسم الدين كداعش وأخواتها؟؟.. هل بالإمكان أن تسقط راية دين استشهد في سبيله خيرة الرجال وأميز النساء منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟.. وهل الخوف الحقيقي الآن على الإسلام أم من الذين يُنصِبون أنفسهم حُماة للإسلام..؟؟
* بالمقابل ينبغي أن نعترف بأن المآسي التي تشهدها الدول الإسلامية والعربية والتساهل في أمور الدين الواضحة، والتلاعب بالشرائع الإسلامية ذات النصوص الجلية، وانعدام نخوة البعض على العقيدة والمجاهرة بذلك، واتجار البعض الآخر بالدين قاد إلى تطرف عدد كبير من الشباب المدفوع بخطاب كامل الغلو، في الوقت الذي أضحى فيه معظم دعاة الوسطية (واعظي سلطان) يبحثون عن رضاء الحكام – وإن كانت ألسنتهم فصيحة وتبحرهم في الدين كبيرا، وأسانيدهم منطقية – والفرق كبير ما بين (دعوة حق) أريد بها حق، والانجراف خلف (ما يطلبه الحكام) من (الشيوخ المودرن) الذين يبذلون قصارى جهدهم لمحاربة (شيطان الإرهاب) بدعوة عصرية.
* الصحوة الدينية (الحقيقية) بخير.. ارتفاع أعداد المُعتمِرين في شهر رمضان المنصرم بصورة ملحوظة وغير مسبوقة تأكيد على أن خير أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لن ينقطع حتى قيام الساعة، وإن نزفت الأمة الإسلامية دماء الخلود صارخة بلا مُجير أو نائحة بلا مُغيث في ظل حكومات خائبة، وغُدد تطرف تتغذى على تساهل المُخذلين وتتشدد حد الغلو فتهدر الدماء وتستبيح الحُرمات وتفعل ما لا علاقة له بسماحة الدين..!
* من نعم المولى سبحانه وتعالى أن الشباب يمثلون أكثرية في المساجد، فقط احفظوا الدين بعيداً عن يد التساهل، فالاستفزاز يصنع ممالك التطرف ويغذي الغبن ويولد (مليون داعش بامتياز)..!

(2)

غير قابل للتقليد!
* استمعت أمس لرائعة كامل عبد الماجد (سيد الاسم) بصوت (فنان مقلد) فترحمت على روح صاحبها الراحل المقيم أحمد الجابري وكفرت بالتقليد ولعنت سنسفيل الترديد..!
* يستحق منا الراحل أحمد الجابري كثيرا من الوقفات وقليلا من الوفاء.. الجابري تجربة تحتاج إلى (إعادة الاستماع إليها أكثر من مرة والوقوف عند جمالياتها) فالرجل كان نسيج وحده، ومن يستمع لـ(ملك الطيور – سيد الاسم – ما نسيناك – عطشان يا صبايا) وغيرها من الروائع يدرك حقيقة أنه أمام فنان لا يشبه في غنائه إلا نفسه، ولم يمشِ على خطى من سبقوه واختط لحنجرته طريقاً خاصاً، فكتب لاسمه الخلود؛ ومهما برع المقلدون في استنساخ حنجرته فحسه غائب؛ ومقعده شاغر، وصوته مفقود!
* كان الجابري طعماً مغايراً ونكهة مختلفة ومذاقاً شهياً ومزاجاً استثنائياً، رحل الرجل عن دنيانا قبل أن نكتشف حقيقة أنه غدة فن لا تنضب.. يمتلك قدرات صوتية مهولة وإمكانيات أدائية غير معقولة، والآن للأسف الشديد عندما نستمع لأغنياته نفعل ذلك دون أدنى وقفة وتأمل وتحليل وبحث وتنقيب، مع أن الناظر لتجربة الجابري بعمق وتذوق يجدها تصل لسدرة منتهى التميز والتطريب..!!
* من يحاول تقليد الجابري يهدر طاقته ويجبرنا على العودة للاستماع للأصل، (وهذا الحديث لا علاقة له بما يقدمه زمراوي)..!!

(3)
أنفاس متقطعة
* أجمل ما يميز قوافي الصادق الياس الساحرة عمق المعاني وبساطة الأسلوب والسلاسة التي تضج بها المفردات والموسيقى الآسرة وبديع التعابير وروعة التصاوير..!!
* تغنى للصادق الياس مجموعة من الفنانين على رأسهم الراحلان أحمد الجابري وخوجلي عثمان، وشدا بروائعه الطيب عبد الله وصلاح بن البادية، كما أنه شكل ثنائية مع ملك التطريب علي إبراهيم اللحو، وتواصل مع الشباب ويكفي فقط الأغنيات البديعة التي صاغها للفنان الشاب الصادق شلقامي..!!
* لو لم يكتب الصادق الياس سوى (من طرف الحبيب جات أغرب رسائل) لشهدنا له بالإبداع..!!
* من طرف الصادق جات (أعذب) قصائد..!!

(4)

نفس أخير
* وخلف عطا الكنيبلي نردد:
ولا تأمن ضلوعي كتم السر جناية
لو شدر النصيحة قال لك هاك فروعي
اختبي فيها برضك
قول لو أخير لي جوعي من شبع النطيحة
وما أكلت سباعن والكلمة الجريحة..!!