الاسد والحمار .. وأردوغان !!

* يبدو ان (اردوغان) صدق انه نجا من المغامرة العسكرية بفضل اعضاء جماعته الكيزانية، وليس الشعب التركى الذى وقف بكل طوائفه واحزابه الى جانب الديمقراطية وأجهض المغامرة الانقلابية، فبدأ حملة تصفية حسابات كبيرة ضد معارضيه، ففى أقل من ثلاثة أيام ملأ السجون والمعتقلات بعشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين، وشرد عشرات الالاف ويرجح ان يصل العدد الى مئات الالاف!!
* ويبدو ان كل ذلك كان مرتباً ومنظماً قبل وقوع الانقلاب، وعندما وقع الانقلاب الفاشل انتهز اردوغان الفرصة وشرع فى تصفية حساباته مع المعارضين، ووظن مثل بنى اعضاء جلدته أن ذلك سيؤمن له البقاء والخلود فى السلطة، وهو لا يدرى انه بهذا العمل الساذج قد سعى بظلفه الى حتفه، وإن كان قد نجا مرة، فهو لن ينجو مرة أخرى، سواء بانقلاب او ثورة او انتخابات !!
* يذكرنى ذلك بقصة مضحكة لحمار مع اسد كان يبحث عن صيد فخرج بدون ان يدرى من حدود الغابة، واقترب من قرية قريبة فرأى حمارا يقف مع مجموعة من الدجاج، وكانت تلك المرة الأولى التى يرى فيها الاسد دجاجا ويسمع صياحه، ففزع فزعا شديدا وفر هاربا تجاه الغابة، فاعتقد الحمار أنه أخاف الأسد وأخذ فى مطاردته متباهيا بشجاعته وقوته التى اجبرت الاسد على الهروب، وعندما دخل الاثنان الغابة واطمئن الاسد الى ابتعاده من الدجاج، توقف عن الجرى وإلتفت الى الحمار وضربه ضربة واحدة وقتله وأكله .. وذهب المسكين ضحية سذاجته !!
* وهكذا اردوغان، فلقد صدق أنه هو وجماعته من حقق الانتصار على المغامرين الانقلابيين، فشرع فى التنكيل بالجيش والشرطة والقضاء والاجهزة المدنية، واعتقل وسجن وشرد عشرات الالاف بكشوفات معدة سلفا، بغرض التخلص من المعارضة واحكام قبضته على مفاصل السلطة وتهميش المؤسسات الدستورية التركية وإخافة الشعب .. ولكنه واهم!!
* تركيا ليست دولة صغيرة يتحكم فيها بضعة أفراد أو طغمة عسكرية صغيرة، وجيشها ليس من الضآلة بحيث يقضى عليه اردوغان ويزيله من الوجود، ويستعيض عنه بمجموعات حزبية مسلحة كما فعلت بعض الانظمة مع جيوش بلادها، بل هو من أقوى الجيوش فى العالم، وأفضلها تنظيماً وتسليحاً، غير العقيدة العسكرية الراسخة التى يعتنقها، وهو لن يتورع عن إزالة اردوغان وحزبه من الوجود للدفاع عنها، إذا لم يرعو ويزل بريق السلطة الذى يعمى عينيه عن رؤية الواقع بشكل واضح !!
* وعليه ألا ينسى المشاكل الكبيرة التى تحيط به من كل جانب وتضغط على رقبته بكل قوة، مثل الجماعات الكردية المسلحة التى ازداد نشاطها وقوتها بشكل كبير مع الحرب المستعرة فى المنطقة، و(داعش) التى ركزت نشاطها الارهابى على تركيا، بالاضافة الى توتر العلاقات مع روسيا وايران وما يفرزه من تداعيات، وكل تلك المشاكل تحتاج الى تضافر الجهود التركية الرسمية والشعبية والعسكرية لمواجهتها، وإلا تردت تركيا الى نفس المصير الذى تواجهه الان سوريا والعراق!!
* ويجب ان يفهم ان تمثيليته السخيفة بنسبة الانقلاب الى جماعة (فتح الله غولن) الدينية لكسب تعاطف الدول الغربية مفهومة للجميع، وها هى الولايات المتحدة واوروبا تدين بكل شدة سياسة القمع التى يمارسها اردوغان على الشعب التركى ممتطيا حصان الانقلاب الاعرج، وتحذره من عواقبها!!
* ويبقى عليه ان يدرك ان الشعب التركى الذى حماه من المغامرة العسكرية .. قادر على ان يطيح به الى مزبلة التاريخ!!

Exit mobile version