في ذكراها الحادية عشرة الإثنين الأسود… ذكرى تتجدد بطعم الأسى
عشرات القتلى ومئات الجرحى تضج بهم مستشفيات الخرطوم
الجيش ينزل الشارع.. والسلطات تعلن حظر التجول
إغلاق الكباري ومداخل الخرطوم ..والشرطه تطلق النار على المعتدين
الشرطة: ما حدث حالة انفلات أمني كامل كان من الصعب السيطرة عليها
أعمال العنف شملت مدناً سودانية أخرى كـ(بورتسودان) والمناقل بولاية الجزيرة
مواطنون: الأحداث نقلت الغابة إلى المدينة وساد قانون الغاب وتلاشت قوة القانون
أسر ضحايا: أقاموا لقرنق التأبين ولكن لم يقم التأبين لضحايا الإثنين الأسود
ساتي سوركتي: أحداث الإثنين الأسود نبعت من الحقد والغل
أبوبكر عبد الرازق: نيفاشا سبب أيضاً في أحداث الإثنين المليء بالدماء
اليوم تمر الذكرى الحادية عشرة.. من أحداث الإثنين الأسود .. في صبيحة ذلك اليوم وعند العاشرة تحديدًا التهبت الخرطوم بمدنها الثلاث، واشتعلت الشوارع ذبحاً وقتلاً وسفكاً للدماء وسلب ونهب للمحلات التجارية وترويع للمواطنين.. استخدم مواطنو دولة الجنوب السكاكين والسواطير لقتل الأبرياء.. وأشعلوا النار في المحلات التجارية بعد تأكد خبر وفاة الدكتور جون قرنق رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان.. حيث سقطت طائرته الهليكوبتر وهو عائد من دولة يوغندا، اليوم تمر على أسرة إبراهيم جوكس أحد عشر عاماً منذ إن مات حرقاً داخل متجره، وكذلك المهندس أحمد سعد بعد استخدام القتلة ساطوراً وسكيناً لهتك رئتيه ..ليس أحمد وطارق وجوكس وحدهم الذين قتلوا .. الدكتور عبد الحليم المتعافي حينها أعلن عن وفاة 36 شخصاً في ولاية الخرطوم على أيدي الجنوبيين – تصريح المتعافي كان ناقصاً لأن الإحصائية لم تشمل كل مستشفيات العاصمة – فحينها أعلن عقيل سوار الذهب مسؤول المشرحة في مستشفى الخرطوم العام بأنهم تسلموا 26 جثة” فيما قال أحد الأطباء في مستشفى تابع للشرطة قرب العاصمة إن المستشفى لديه 16 جثة في المشرحة. إضافة إلى 100 آخرين في المستشفيات يعالجون من جروح وإصابات بالغة، أما النهب فقد تم نهب المحلات التجارية في الخرطوم، وصلت قيمة المنهوب الى المليارات، وتم سرق ونهب حتى البيوت.. كمنزل اللواء بابكر عبد المحمود المؤسس والقائد الأسبق لقوات الدفاع الشعبي – يسكن مدينة المهندسين بأم درمان -احترق منزله بالكامل وحطمت مجموعة آثمة كل محتويات المنزل ونهبته وأحرقت عربته التى كانت بالجراج .. الجنوبيون استهدفوا كل شيء الأرواح والمحلات التجارية والعربات ومحطات خدمة الوقود، ومحطات الكهرباء الفرعية. وأحرق عدد من الأسواق، مثل سوق «6» بالحاج يوسف، والسوق الليبي في أبو سعد، وأغلب أسواق الأحياء، والمحال التجارية على واجهات الشوارع الرئيسية في مدن العاصمة الثلاث. ولم تستطع الشرطة – في الساعات الأولى – احتواء أعمال الشغب والصدامات باستخدام الغاز المسيل للدموع والهراوات، إلى أن صدرت توجيهات عليا فتدخل الجيش في الأمر، حيث انتشر في معظم الأحياء والشوارع الرئيسية، والمرافق الحيوية والبنوك والوزارات ومنازل المسؤولين والأسواق التي نجت من الحرق والنهب والسلب. وعندما شعرت السلطات أن الأمر سيخرج عن السيطرة أطلقت القوات الطلقات النارية على المعتدين، وطاردت النهابين الذين يحملون مسروقاتهم في أسواق الأحياء الطرفية في أم درمان والحاج يوسف وجنوب الخرطوم مثل أحياء «الكلاكلات» وعد حسين ومايو. هذا ما كان في العاصمة لكن أعمال العنف شملت مدناً سودانية أخرى مثل بورتسودان والمناقل بولاية الجزيرة حيث يكثر فيها تواجد مواطني الجنوب..
ما ذكرناه سابقاً كان جزءاً من قليل لن تكفينا مساحة هنا لنشره، لكننا نستطيع القول إن هذه الحادثة أكدت بجلاء انعدام الثقة بين أبناء الجنوب وأبناء الشمال.. وظهرت هذه الحقيقة جلياً بعد أن صوت الجنوبيون للانفصال بنسبة 99.98%.
نسترجع اليوم هذه الذكرى الأليمة، ونقرأ في جوانبها المسببات والآثار التي ترتبت عليها …
ميلاد السواد
أحدث الإثنين الأسود في الخرطوم اندلعت إثر حادث اصطدام الطائرة الحربية التابعة لسلاح الجو اليوغندي التي كان يستقلها جون قرنق بجبال (الأماتونج) التي تقع في جنوب السودان وتحديدًا في الولاية الاستوائية بالقرب من الحدود مع أوغندا”، وبعيدًا عن مدبر اغتيال قرنق ذكر بعض الذين كانوا برفقة قرنق في يوغندا ولم يصعدوا إلى تلك الطائرة التي قتل فيها مع ستة من مرافقيه .. ذكروا بأن جون قرنق ومرافقيه كانوا من المفترض أن يستقلوا الطائرة الرئاسية التابعة للرئيس اليوغندي يوري موسفيني في رحلة العودة للخرطوم بعد قضاء يومين في كمبالا التقوا خلالها خصوصاً بالريس اليوغندي، ولكن وفجأة وفي اللحظات الأخيرة وقبل السفر والعودة للخرطوم تم استبدال الطائرة الرئاسية بأخرى مروحية، وباستغراب شديد سأل قرنق الرئيس اليوغندي عن سبب تبديل الطائرة بأخرى مروحية، فأجابه بأن الطائرة الرئاسية قد أرسلت الى روسيا للصيانة..
انطلاق الشائعات .. الخرطوم تؤكد
الشائعات انطلقت في وقت متأخر من ليلة الثلاثين من يوليو، وعاش الناس في تلك الليلة يترقبون الأخبار وبعد ساعات من الأنباء المتضاربة حول مصيره أعلن السودان رسمياً الإثنين 1-8-2005م مقتل نائب الرئيس السوداني جون قرنق في تحطم مروحيته، وذلك بعدما أكد مسؤول كبير في الحكومة الأوغندية أنه تم العثور على حطام مروحية قرنق وأنه قتل مع جميع مرافقيه قرب الحدود الأوغندية السودانية. وبعد تأكيد حادثة الوفاة خرج أهل الجنوب إلى الخرطوم ومدنها وشوارعها وأسواقها وفعلوا فيها واستحلوا الخراب.. الأمر الذي دعا ولاية الخرطوم لأن تعلن حظر التجول لمدة 12 ساعة، اعتباراً من السادسة بعد الظهر، وجاء القرار كالتالي (يحظر التجوال في كافة محليات ولاية الخرطوم اعتباراً من الساعة السادسة مساء وحتى الساعة السادسة صباحاً لحين صدور أمر آخر»… وأصدرت ولاية الخرطوم قراراً آخر يحظر أي تجمع أو تجمهر أو موكب في الطرقات والأماكن العامة في كافة محليات ولاية الخرطوم، إضافة إلى ضرورة الاستعانة بالقوة العسكرية لإعادة النظام بالولاية والحفاظ على السلام العام. وتم إغلاق مخارج العاصمة وجميع الجسور التي تربط بين ضفتي النيل. وأغلقت السلطات السودانية المؤسسات الرسمية والمدارس، وطلبت من المواطنين التزام منازلهم.
ترتيب.. أم غضبة عفوية
بعد الأحداث مباشرة عقد مدير شرطة العمليات بولاية الخرطوم – في وقتها – اللواء كمال جعفر مؤتمرًا صحفياً قال فيه إن ما حدث في العاصمة الخرطوم يعتبر حالة انفلات أمني كامل كان من الصعب السيطرة عليه، وذهب اللواء إلى أبعد من ذلك عندما أكد أن هذه الأحداث كان مرتباً لها من حيث المعطيات والملاحظات التي جاءت بجانب الأدوات المستخدمة التي تحتاج إلى تحضير مسبق.
يوم (كالح السواد)
ربما كان أبلغ وصف هو ما تحدث به أحد المواطنين للصيحة في ذكرى الإثنين الأسود حين قال: كان يوم الإثنين يوماً (أسود) بل كالح السواد، فبدلاً من أن تنتقل المدينة إلى الريف انتقلت الغابة إلى المدينة وساد قانون الغاب وتلاشت قوة القانون وبرز قانون القوة الذي يستند على قاعدة اضرب.. انهب.. اقتل.. اذبح.. دمّر.. احرق.. إنتقم من كل ما هو شمالي ومن كل شمالي ..
متاجرة بالرحيل
أما الأستاذ عمر الحاج فكتب على مدونته بالشبكه العكنبوتية
( رحل قرنق وتاجر الكثيرون برحيله، بعد رحيله، ونصبوا الصيوانات للمآتم وملأوا سماء السودان بالمناحات لكنهم لم ينصبوا الصيوانات ولم يقيموا المآتم لضحايا مأساة الإثنين الأسود من نساء بقرت بطونهم وأطفال قتلت براءتهم وشيوخ فارقوا الحياة بالصدمة من بشاعة الحدث، ومن بشاعة ما شاهدوه من مآسي يوم الإثنين الأسود. وبعد كل هذا يبكون على رحيل قرنق وحده ولم يبكوا على رحيل ضحايا مأساة الإثنين الأسود.. أقاموا لقرنق التأبين ولكن يقم التأبين لضحايا الإثنين الأسود.
العقل الجنوبي
ساتي سوركتي الأمين السياسي لمنبر السلام العادل قال في حديث للصيحة إن أحداث الإثنين الأسود مؤسفة جداً، لكنها لم تقع من غير ما توقع، لأن العقل السياسي السوداني عجز عن فهم وإدراك حقيقة مشكلة الجنوب، كيف صنعت ولماذا وما هي حقائقها الماثلة في ذلك التاريخ، وأكد سوركتي أن أحداث الإثنين الأسود كانت متوقعة للعارفين ببواطن الأمور في أي وقت كما وقعت قبل ذلك في ذات المدينة (الخرطوم)، حيث لم يستطع الساسة الشماليين والجنوبيين أن يتعاملوا مع الأزمة / المرض / الخديعة التي سوقت لهم وملأت بها عقولهم بالنسبة للشماليين من الجهل والسذاجة وبالنسبة للجنوبيين من الجهل والغل والشر، مما جعل الطرفين الشمالي والجنوبي يسيران في ركاب الأزمة / المشكلة / الخديعه حتى تلبستهم بالكامل فعجز الجنوبيون عن الخروج منها كما كان الشماليون هم الأعجز، سوركتي قال إن التاريخ يؤكد أن السياسة وإدارة المجتمعات علم يخضع لعبر الأحداث كما يخضع لمنطق العقل والإدارة والحساب، أحداث الإثنين الأسود مثلت لحظة فارقة أحتشدت فيها كل هذه العوامل (التي في رؤوس الجنوبيين ورؤوس الشماليين) وهي من حقائق الجغرافيا السياسية.. عبرت بقوة عن نفسه.. ويضيف سوركتي: المدهش (وهي الحقيقة التي تتهم العقل الجنوبي تماماً) أن انتقال الإثنين الأسود إلى الجنوب وإعادة تمثيله في مسرحهم وبين ظهرانيهم وكأن الحقد والغل من مكونات النفس الجنوبية والعقل الجنوبي..
يوم دامٍ
أبوبكر عبد الرازق القيادي بالمؤتمر الشعبي قال إن قرنق وقع اتفاقية السلام وأملى هو والقوى الدولية المتعاطفة معه الإرادة التي يحبونها في مقابل إرادة سودانية عاجزة، اتسمت بالضعف لقيادة الوفد السوداني لا سيما حينما سحب غازي صلاح الدين من رئاسة الوفد، مما جعل المفاوض السوداني بعد تطاول الأمد أن يوقع على اتفاقية انفصال في واقع الأمر، واستصحبت ملفات كثيرة لم تحسم بعد، منها قنابل موقوتة في الحدود وترسيمها وأبيي وتبعيتها وفي البترول وقسمته العادلة، والحفاظ على نصيب السودان لسنين فيه، وخط الأنبوب غير المحسوم الاتفاق فيه على قيمة النقل، لذلك فإن مجيء قرنق إلى الخرطوم كان أقرب إلى دخول الفاتح، وسط استقبالات مليونية، وفي وضع كان ينبغي أن يكون فيه الاستعداد الأمني على أعلى درجة، كان هناك تراخٍ فيه، مما أدى إلى فوضى وصلت درجة كبيرة جداً ولذلك اكتنف كثير من المؤيدين لقرنق والمنضوين الجدد للحركة الشعبية إحساس بالقوة، وبالأمل في حكم قرنق للسودان لا سيما بعض الظهور اللافت والمميز لقرنق في تطوافه وخطاباته كنائب أول لرئيس الجمهورية وتأثيره البالغ على القواعد الشعبية فكانت لحظة الحادثة والوفاة هي لحظة يأس من بعد انطفاء الأمل لقائد جديد يحرره من حكومة المؤتمر الوطني وفي فوز رئيس لأول مرة من جنوب السودان برئاسة الدولة، انتفاء هذا الأمل مع التراخي الأمني في التعامل مع هذا الظرف الدقيق أدى إلى انفجار وسط المؤيدين لقرنق، لا سيما جنوب السودان والمناطق المهمشة وغياب الأمن والشرطة الظاهر من الشوارع أدى إلى أن تعبر هذه القوة المهمشة عن دوافعها وعن دوافع من الحقد الاجتماعي وعن حالة من اليأس تمثلت في ردة فعل عنيفة، نهبت فيه الدكاكين والصيدليات وأحرقت السيارات واقتحمت حرمات البيوت لا سيما في المناطق الثرية كالمهندسين والدوحة التي تجاور تلك المناطق، وقتل عدد كبير من الناس في الشوارع أو حتى بيوتهم أو في متاجرهم ، وحدث انفلات أمني كامل أقرب الى استباحة الخرطوم ليوم كامل مما حمل المواطنون على حمل السلاح والمقاومة ومن ثم تدخلت الأجهزة الأمنية مؤخرًا وظهرت ردود الفعل الإثنية وانكشف الأمر عن بعض التعبيراتت الثقافية في الإطار الفعلي وردة الفعل وكان يوماً دموياً أسود، وذهبت التحليلات الى أن الحكومة لم تكن تتوقع هذا المستوى من ردة الفعل إزاء وفاة قرنق وكانت تتوقع ردود فعل محدودة هي أرادتها للخصم من رصيد الحركة الشعبية التي كانت كملاذ وملجأ لبعض الشماليين الكثر الذين انتموا للحركة الشعبية، ولذلك يقدر البعض تحليلاً أن الحكومة قد تعمدت التراخي الأمني ولم تكمل الاستعداد العسكري الكامل لكل الأجهزة للتعامل مع الحدث ولذلك يظن البعض أن الحكومة أرادت جزءا من هذا الذي حدث ولم تتوقع أن يصل الى هذا المدى، ويظن البعض تحليلاً أن الانفصاليين داخل الحكومة أرادوا أن يعمقوا المجانبة في وعي الشعب السوداني كله شماله وجنوبه في أن يكره الشماليون الجنوبيين وتتوجه الإردة الجنوبية نحو الانفصال الكامل لا سيما أن الاستفتاء كان مجرد مظاهرة سياسية للاعتراف بالانفصال الذي تم واقعاً بعد أن كتب في صلب الاتفاقية حينما سحب الجيش السوداني رمز السيادة من الجنوب وسحبت الحكومة المركزية وزاراتها وسلم الجنوب كله للحركة الشعبية وحكومتها وجيشها ولم يعد الاستفتاء الا اعترافاً سودانياً ودولياً بالدولة الجديدة..
عرض: عطاف عبد الوهاب
صحيفة الصيحة
طيب يامدير الهنا وقت كان الامر مرتب له اين كنت انت ؟؟؟؟؟ ولكن المرتب له حقيقة هو مقتل الزعيم الذى جاء لينقذ الضعفاء والمساكين فى افريقيا …….لماذا لم يهجم الجنوبيين على الشماليين فى الجنوب ولم يقتل شمالى واااااحد……الذى يضحى بارواح من شاركوه فى اغتيال رؤوساء الدول قادر بان يقتل الانفس البريئة….ما سمعنا الى الان بنصب تذكارى لقتلاكم من الشمال ولا حتى تعويضات ولا حتى طالبتم حكومة الجنوب حينذاك بتعويض . كفاية باللعب بالعقول لقد تحررت عقولنا ولم نعد مستعبدين
الضعفاء ينتقمون والأقوياء يسامحون والأذكياء يتجاهلون واللبيب باالأشاره يفهم