أبشر الماحي الصائم

مسلسل الهبوط


* اهبطوا.. العبارة القرآنية المقدسة التي على متنها هبط أبونا آدم من الجنة، على أثر خطيئة أكل ثمار الشجرة التي دلاهما عليها الشيطان بغرور!!
* في مشهد بشري آخر يتكرر السيناريو مع بني إسرائيل، عندما لم يصبروا على طعام واحد، وهم يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير، فتكرر سيناريو الهبوط القرآني مرة أخرى (اهبطوا مصر) وضربت عليهم الذلة والمسكنة!!
* وها هي أمة السودان أمام هبوط آخر، فلا أتصور أن هبوط الاقتصاد والجنيه السوداني ببعيد عن هذه المعاني والمضامين، ما أشبه الليلة بالبارحة، بحيث أن الله سبحانه وتعالى لم يظلمنا وهو يهبنا الأرض البكر الواسعة التي تجري من تحتها الأنهار، وماء منهمر وبحيرات من المياه الجوفية، ولكن بالأحرى إن السودانيين أنفسهم يظلمون، وذلك عندما نلتمس (الهدى الاقتصادي) في غير هذه المعطيات الربانية!!
* عندما استوعب أسلافنا هذه المعاني وجعلوا تسعة أعشار رزقهم في السماء، فاتجهوا إلى الأرض والزراعة والأقطان والأقماح بقوة، كان يومها الجنيه السوداني هو الأقوى في المنطقة واقتصادنا هو الأجدر في المنطق!!
* ولما هبطنا إلى حقول السياسة وآلياتها الهواء، ومن ثم أنشأنا وزارة للنفط وأخرى للمعادن بمواصفات أقوى عشر مرات من قوة وجدارة وزرة الزراعة والري، أصبحنا نستورد القمح بمليار دولار من البرازيل وأمريكا الشمالية، ونستجلب الزيت والصلصة والألبان المجففة والبرتقال الجنوب أفريقي، فخسرنا الزراعة ولم نكسب التجارة والنفط!!
* أسوق هذه الأشواق بين يدي خريف مبشر حتى الآن، على أن نصف اقتصاد السودان يكمن في خريف ناجح، وأتمنى على الدولة ومؤسساتها وآلياتها الارتفاع إلى مستوى هذا التحدي، تحدي تجويد زراعة هذه الأرض المروية (مجاناً)، الممتدة في كل الاتجاهات، فلولا نفر بعض قليل لعمل بعض التحوطات، على أن تكون النفرة الكبرى لصالح الموسم الزراعي، وفي هذه الحالة علينا ألا نهلك كل ما بأيدينا من خيش وآليات وأناشيد في مقاومة فيضان المياه، حتى إذا انحسرت المياه ازدادت حسرتنا على أننا لم نوظف معطيات الموسم المدرار كما ينبغي!!
* هذا أو سيتواصل مسلسل الهبوط في كل مناحي الحياة، هبوط الجنيه السوداني، وهبوط مستوى المعيشة، ومن ثم الهبوط المجتمعي والسياسي والأمني..!!
* هنالك فرصة جيدة ومواتية لاستثمار نجاح موسم الخريف، سيما أن توقيته وانتشاره ومناسيبه ممتازة، وعلى الأقل أن أهل القرى والبلدات تزداد قناعتهم موسماً بعد آخر، بألا سبيل للفكاك من سطوة الدولار وتصاعده، الذي يجعل البضائع تزداد أسعارها وهي في رفوفها، إلا في الاتجاه نحو الأرض بقوة، لعل الشعب يجعل الجهد الرسمي والوزارات هي التي تهرول من خلفه!!.. ففي البدء كانت إرادة الجماهير هي الاقوى.. ذلك بعد إرادة الله وتوفيقه.