جمال علي حسن

لعنة الانفصال تلاحقنا


خمس سنوات كاملة على انفصال جنوب السودان وإقامة دولة مستقلة تماما عن السودان، لها سيادتها ولها قضاياها وحروبها ومشاكلها الخاصة بها، رغم ذلك تجدنا نحن السودانيين لا نزال نتواجه – خاصة من إخواننا العرب – باستفسارات تفصيلية ملحة حول كل ما يحدث في دولة الجنوب، ولا يتم طرح هذه الأسئلة علينا باعتبارنا شعبا آخر أو دولة أخرى أو لمجرد أننا الجار الأقرب منهم لدولة الجنوب بل يتم طرح هذه الأسئلة التفصيلية علينا باعتبارنا سودانيين وفي سياق إحساس إشفاق ربما أو لوم على عدم تحقيق الاستقرار في الجنوب وكأنهم يتحدثون مع مواطني جنوب السودان لأن عقولهم الباطنية لم تقم بالتحديثات المطلوبة للعمل بالنسخة الجديدة للسودان الذي انقسم الى اثنين، لم يشعروا بذلك الواقع الجديد ربما لأن الحرب لا تزال هي الحرب داخل الدولتين والتمرد هو التمرد هنا وهناك، مع اختلاف النسبة والمقدار.
وبهذا الفهم نحن نتحمل جميع أعباء عدم الاستقرار في دولة جنوب السودان مضافاً إليها ما لدينا من مشاكل وحروب وعدم استقرار.
نتحمل نتائج مشاكلهم مادياً ومعنوياً، فمادياً يعود شعب جنوب السودان فاراً من الحرب ونتحمل كل أعباء وجوده دون أن تدفع لنا دولة جنوب السودان فلساً من نفطها الذي احتفظت به واحتربت عليه واحترقت وشردت شعبها وكنا المأوى لهم .
أما معنوياً فنحن الذين نتلقى التعازي من الآخرين وبالأخص من الشعوب العربية في ما تواجهه دولة جنوب السودان منذ اندلاع حربها الداخلية بعد أقل من عامين بعد الانفصال، ونتسمى بمصائبها وبفشلها وفشل قياداتها في الوقت الذي لم يعد لدى السودانيين ذلك الاستعداد والحماس القديم للتفاعل مع قضايا الآخرين بتعمق وتفصيل حتى ولو كانت قضايا الحرب في جنوب السودان، لا يكاد الرأي العام في بلادنا يهتم بها ويتابع تفاصيلها بالمستوى الذي يؤهله لإثراء الحديث داخل سرادق العزاء المفترضة التي يعتبروننا فيها نحن أهل الميت ولا يفهمون أن بعضنا يتملل ويقول ( الفينا مكفينا) .
والشيء الملاحظ أن الصحف ومنابر الرأي وتلك الأقلام الانفصالية المعروفة في السودان هي الأكثر اهتماماً وتناولاً لكل تفاصيل الحرب في الجنوب ..
فصلوا الجنوب ثم ظلوا يلاحقونه ويلاحقون قضاياه ربما لشعورهم بالذنب لكن ملاحقتهم لقضايا الجنوب ومتابعة تفاصيلها لا تتم من موقف حياد أو إشفاق أو رغبة في تحقيق الاستقرار داخل جنوب السودان حتى نقول إنهم يشعرون بالذنب بل يحدث هذا الاهتمام الزائد من جانبهم بقضايا الجنوب بلغة سلبية لا تخلو مما يشبه التشفي وربما الشعور بالإنتقام ولا نعرف السبب فالنخب الجنوبية المحتربة الآن كانت قد حققت رغبة الانفصاليين الشماليين والجنوبيين معاً لكنها لم تكن رغبة سوية بل هي رغبة مريضة تحولت الآن إلى لعنة اسمها . لعنة الانفصال الذي لم يكن فيه ذرة خير واحدة للشمال أو الجنوب ..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين


تعليق واحد

  1. الإنتباهة و الصيحة ، لا اكسبهم الله خيرا لا في الدنيا و لا الأخرة