“مشار” و”تعبان” في الخرطوم.. لعبة معلم !!
{إعلان حكومة السودان استقبال النائب (السابق) لرئيس دولة الجنوب زعيم المعارضة الدكتور “رياك مشار” لأسباب إنسانية وإبلاغ حكومة الجنوب بذلك، عقب مباحثات ناجحة أجراها بالخرطوم “تعبان دينق” النائب الأول الجديد لرئيس الجنوب خلال اليومين الماضيين، هو بلا شك قرار سياسي ودبلوماسي واستخباراتي رفيع، يندر أن تتخذ حكومتنا قراراً مثله، من ناحية التخطيط والذكاء والدهاء طوال السنوات الأخيرة !!
{من هو مهندس هذه الفكرة الاستثنائية وهذا القرار الصائب الذي لا يشبه سياستنا لنحييه ونشد على يديه، حتى وإن كان ذلك باتفاق مع “تعبان دينق” نفسه، فإنها (لعبة معلمين)، فدعونا نهنئ ونبارك في زمن السياسات الخائبة والمرتجلة خاصة في مجال الاقتصاد، لهذا المعلم الفنان !
{مصدر دهشتي أنني وغيري كثر ظللنا نفتقد مؤخراً أثر (المعلمين) في السياسة السودانية، فبدلاً من أن نتابع وضع (الكورة واطة)، فإننا لا نرى الكرة نفسها .. إلا في السماء، أو في المدرجات !!
{بصراحة ليست لدي أي معلومات عن طريقة هندسة استقبال “مشار” و”تعبان” بالخرطوم في ذات الوقت، ولكن المعلوم عندي أن خلفية الفريق أول “بكري حسن صالح” (استخبارية)، وأعلم أن خبرته واهتمامه بالأمن والمعلومات، يوازي خبرته في (المظلات)، وقد كان “بكري” أول رئيس لجهاز الأمن والمخابرات في عهد (الإنقاذ) مكلفاً من مجلس قيادة الثورة، وعمل تحت قيادته في الجهاز الدكتور “نافع علي نافع” الذي أدار الأمن بعده ثم الزراعة ثم الحزب .
{وقد سمعت بأذني في جلسة كنا فيها ثلاثة شهادة من الدكتور “نافع” في حق الفريق “بكري” قبل تعيينه نائباً أول بيومين فقط، أثنى فيها على قدرات “بكري” الإستخبارية والإدارية .
{على الطرف (الجنوبي)، فإن “تعبان دينق” أيضاً ضابط مخابرات شاطر، وكان قائداً للاستخبارات بالجيش الشعبي في وقت من الأوقات، في حياة زعيم الحركة التأريخي الدكتور “جون قرنق ديمبيور”.
{إذن خلفية نائبي رئيسي السودان والجنوب، لعبت وستلعب دوراً في تقريب الشقة وتلطيف الأجواء، وتغليب المصالح والتعاون المشترك على التشاكس، كما تفعل أجهزة المخابرات في العالم، بتجاوزها للأزمات والمشكلات السياسية بين الدول، وتركيزها على تبادل المعلومات وعقد الصفقات الأمنية، غض النظر عن المواقف السياسية !
{رغم ذلك ما زلت عند رأيي الذي ذكرته من قبل في هذه المساحة، بأن يعول السودان على “مشار”، فهو رجل المستقبل في الجنوب، طال الزمن أو قصر.
{من هذا المنطلق فإن استضافة “مشار” في السودان، تشبه استضافة “مصر” الدائمة دون حساسية وحرج لزعماء المعارضة في السودان على فترات مختلفة، تحت شعار: (القاهرة تحتفظ بمسافات متساوية من كل القوى السياسية السودانية)!