هيثم كابو

على طبق من طرب


* ما سر تهيب عدد كبير من الفنانين السودانيين لتقديم أنفسهم ومنتوجهم الغنائي للآخر؟، والغريب حقاً أنه حتى في الرحلات المسماة خارجية بالدول العربية تجد معظم المطربين يقومون بإحياء حفلات للجاليات السودانية في تلك الدول الأمر الذي يجعلهم يجسدون صورة قاتمة للانكفاء على الذات، والدوران في فلك الخطاب الغنائي السوداني (إنتاجاً وتلقياً)..!!
* ما فعله الفنان الراحل المقيم سيد خليفة في زمن (تلفزيونات الدول الرسمية وإذاعات الحكومات القومية) وشح قنوات التواصل الفضائي من انتشار للأغنية السودانية بالدول العربية، لم يفعله كبار الفنانين الذين عاصروا عهد القنوات الفضائية والعالم المحشو بالأقراص، فشكراً نبيلاً للراحل سيد خليفة الذي لا يزال اسم الفن السوداني بالخارج مرتبطاً به ومقروناً بـ(إزيكم والمامبو السوداني)..!
* مؤسف أن تمر ذكرى رحيل أبو السيد في الثالث من يوليو من كل عام دون أن تجد الاهتمام..!!
* كثيرون يعتقدون أن (المامبو السوداني) على بساطة كلماتها كتبت كنص شعري ثم تمت صياغة اللحن لأن الكلمات جاءت ممهورة بتوقيع عبد المنعم عبد الحي؛ “والحقيقة أن فيلماً إيطالياً كانت نجمته الممثلة الإيطالية سلفانا مانجو تسبب في ميلاد هذه الأغنية الرائجة خارج السودان؛ فقد أعجبت موسيقى الفيلم سيد خليفة فحصل على الشريط الموسيقي الخاصة بالفيلم واستمع إليها جيداً حتى اختمر في خاطري لحناً وايقاعاً”، وظلت هذه الإيقاعات المحرضة تموج في داخله وتحاصره، فلجأ إلى عبد المنعم عبد الحي، وأسمعه الموسيقى الصاخبة للفيلم ثم مفاتيح اللحن وأنغامه التي سيطرت عليه، ليتجاوب معه عبد المنعم وصاغ كلمات (المامبو السوداني)؛ فراجت الأغنية لسهولة مفرداتها وحيويتها وإيقاعاتها الصاخبة، وباتت عملاً غنائياً حاضراً في العالم العربي متى ما تحدث الناس عن الغناء السوداني.
* ولو استطاع كل فنان أن يجد لاثنتين من أغنياته موطئ قدم بالساحة الفنية العربية لما تحدثنا اليوم عن إشكالية تقوقع الأغنية السودانية في نفق المحلية..!!
* كثير من الفنانين لا يفرقون ما بين مدح الأنظمة والحكومات والغناء للوطن؛ لذا فقد انكمشت مساحات الغناء الوطني وغالبية الحناجر الشابة تردد الأعمال الوطنية المسموعة في معظم الاحتفالات والمناسبات..!!
* قبل عشر سنوات وتحديداً في الذكرى السابعة والثلاثين لثورة مايو سألت فنان أفريقيا الراحل محمد وردي عن تغنيه لمايو.. وكان وردي شجاعاً كعادته وهو يجيب قائلاً بالحرف الواحد:
(خدعتني شعارات مايو فغنيت لها، وعندما اكتشفت الحقيقة غنيت ضدها !!).
* حديث وردي تأكيد على أنه واضح في إفاداته.. صريح في آرائه.. يمتلك قدرة فائقة في النقد الذاتي ويمارس النقد على نفسه قبل أن ينتقد الآخرين، وإفادات وردي تلك أكدت على أنه يمتلك النضج الكافي والمقدرة على استيعاب مستجدات المشهد السياسي، كما أنه أيضا يستطيع الفصل بين الأفكار والمعتقدات والأيدولوجية الخاصة والانتماءات الحزبية وقضايا الوطن التي تتطلب مواقف شجاعة ومصيرية..!!
* ليس من العيب أن تغني لحكومة أو نظام شريطة أن تكون مقتنعاً بسياسات الحكومة التي تغنيت لها وألا تغير مواقفك وتبدل كلماتك متى ما طرأ جديد أو شعرت بأن الشخص الذي تغنيت له فقد كرسيه وينبغي الإسراع لمحو خطيئة الغناء له بمدح خلفه..!!
* طبيعي جداً أن يتذمر بعض الفنانين الشباب مما يكتب عنهم على صفحات الصحف طالما أنهم لم يقدموا أعمالاً تشفع لهم وتقيهم شرور النقد وتكون بالنسبة لهم بمثابة (درقة) وحائط صد..!!
* تعالوا نشيل كتف الغنا الميل..!
* بعض المغنيات عرفن أن مقاساتهن في الغناء متواضعة فاتجهن مباشرة الي الإعلانات، وفي ذلك خير لهن وللغناء، وكان الله في عون السلع الاستهلاكية والحملات الدعائية والترويجية..!!
* إذا أردت أن تكتب أسماء بعض الأغنيات الساقطة فينبغي عليك أن تسبقها بعبارة (بدون مؤاخذة) ..!
* من لم يمت بصفعات الغناء الهابط وفوضى الساحة الفنية؛ مات برتابة برامجنا قنواتنا الفضائية..(وتتعدد الأسباب والموت واحد)..!!
نفس أخير
* ولنردد خلف نزار:
كتبت على دفتر الشمس
أحلى خبر.. (أحبك جداً)
فليتك كنت قرأت الخبر

اليوم التالي