المدينة ..!؟!
*هي المدينة المنورة .. يثرب قديماً .. إحدى مراكز التجارة في جزيرة العرب .. ومحطة القوافل بين الشام ومكة واليمن (رحلة الشتاء والصيف) .. كان يمتد منها طريق تجاري إلى العراق .. ثم بلاد فارس .. بعد أن تقطع القوافل (صحراء نجد) ..!
*سكنها عدد من القبائل .. أهمها الأوس والخزرج .. وبنو النجار (أخوال الرسول الكريم) .. وقبائل يهود بنو النضير .. وقريظة .. وبنو قينقاع ..!!
*جاءها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .. مهاجراً مع صاحبه أبو بكر الصديق .. استقر بها وألف بين قلوب أهلها .. وصنع معاهدات مع يهودها .. ولما خانوا العهد .. أجلاهم عنها وتم الإجلاء الكامل عن جزيرة العرب .. في عهد عمر رضي الله عنه .. تأسياً بمقولة الرسول الكريم .. لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ..!!
*كان صلى الله عليه وسلم كالريح المرسلة كرماً وعطاءاً .. بسيطاً في مسكنه .. ينام على الحصير الذي أثر على جسده ..يكتفي بالقليل من الطعام .. تقول السيدة عائشة رضي الله عنها .. يمر الشهر والشهران و لا يوقد في منزل رسول الله نار .. و مرة أخرى تقول كان أكثر طعام آل محمد الأسودان .. (التمر والماء) ..!!
*أسس مع صحابته مجتمعاً متحداً .. دون عصبية قبلية .. متكاتفاً ومتكافلاً .. شعاره الإيثار والتضحية من أجل الآخرين .. وطلب الآخرة وما عند الله .. وبذلك دانت لهم جزيرة العرب .. وهابتهم أقوى دولتان على أطرافها .. الفرس والروم .. والتاريخ الإسلامي حافل بأمجادهم وتضحياتهم .. على مر العصور حتى سادوا دنيا العالم المعروف وقتها .. وصلوا حتى آواسط آسيا وعبرو نهري سرداريا وأموداريا (سيحون وجيحون) قديماً .. وحتى شمال أفريقيا .. وبحر الظلمات (المحيط الأطلسي) .. وعبروا من هناك مضيق جبل طارق إلى بلاد الأندلس (أسبانيا والبرتغال) .. وبعضهم عبر جبال البرانس .. وكانوا في طريقهم إلى فرنسا لنشر دين الله على كامل القارة ..!!
*وبالأخلاق الفاضلة .. وحسن التعامل وصلوا إلى جنوب شرق آسيا .. وأندونيسيا وشرق أفريقيا .. وحنى بعض آواسطها .. وبعضهم في عصور حديثة لاحقة وصلوا بأخلاقيات دينهم .. وشمائلها .. وشموليتها إلى الجزر البريطانية .. وأمريكا الشمالية .. خاصة الولايات المتحدة .. وقليل من الجزر اللاتينية في أمريكا الوسطى .. وحتى أمريكا الجنوبية .. خاصة نواحي الأرجنتين ..!!
*عظمة الدين .. وسمو الأخلاق .. وحسن التعامل أوصلهم إلى هذه المكانة .. ولكن ..!! ولكن .. ولكن .. الصراع السياسي .. وبكل آسف بإسم الدين .. و على مستوى العالمين العربي والإسلامي .. جعل النيران تشتعل في أجزاء واسعة .. وكله من أجل السلطة والثروة والنفوذ ..؟!!
*ومما يثير العجب .. والتأمل والتفكير إن بقى لنا شيء من (عقل) .. أن نرى بعض الكبار .. وفي أثناء الزيارات المتباعدة إلى الأراضي المقدسة .. (مكة والمدينة) .. نراهم خاشعين متبللين (باكين) عند رؤية الكعبة المشرفة .. أو الطواف حولها .. كما نراهم في غاية (الأدب) والتواضع عند زيارة المسجد النبوي في المدينة المنورة .. والوقوف أمام قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ..
*ولكن .. مرة أخرى تنتفي كل هذه (المناظر) المؤثرة .. وتكاد تختفي .. عند العودة إلى بلدانهم ..!!؟
*فنرى أصنافاً من القهر والكبت .. وألواناً من الغبن والإحباط .. يعيشون في أبراج عاجية وأسوار عالية ومحصنة .. ومحروسة جيداً .. ومزارع فاخرة .. ذات بهجة تسر ناظرهم (فقط) .. وشعبهم يعيش في شوارع المدن الخلفية .. ودساكرها البعيدة .. وقراها النائية .. حيث كان معظمهم يعيش هناك ذات (أيام) .. قبل أن تُنسي الدنيا الكثيرين (ماضيهم) ..!!
*كلنا نعرف الدين الإسلامي .. دين عدالة ورحمة .. ونبيه الكريم صلى الله عليه وسلم .. كان على خلق عظيم .. كما وصفه ومدحه ربنا سبحانه وتعالى ..
*ولكن متى تثمر الحقيقة .. ويعود (العدل) .. والمجد .. والأخلاق الحميدة ..؟!!
*والمدينة المنورة .. دائماً تشتاق إليها كل القلوب ..!!
مفارقات – صلاح أحمد عبدالله
صحيفة الجريدة