شبَاب زَي الوَرد ..!
«إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» .. رواه البخاري ..!
كعادته في أنسنة حضوره الاقتصادي، بعيداً عن كدر الحسابات وحموضة الأرقام، وقريباً جداً من جوامع الكلم السودانية الحقة، قام البنك السوداني الفرنسي برعاية حملة (منظمة باب الحوائج الخيرية) للتوعية بسرطان الثدي .. عشرون سيدة متطوعة (تم تدريبهن في مركز العناية بالثدي على فنون إيصال فكرة التوعية بأهمية الكشف المبكر وكيفية إجراء الفحص الذاتي)، توجهن بقيادة وإشراف المنظمة يوم أمس الأول إلى بعض القرى في منطقة «الجيلي»، فبلَّغن الرسالة، وأدَّين الأمانة، وعُدنَ أدراجهن، تغمرهن تلك السعادة التي لا يختبر لذتها إلا أهل العطاء ..!
(منظمة باب الحوائج الخيرية) كيان طوعي عظيم، يقوم على أمره شباب وشابات (نصفهم «تقريباً» من موظفي البنك السوداني الفرنسي)، حققوا عملاً خيرياً رائعاً اسموه (مشروع استراحة مرضى السرطان)، يقدمون فيه السكن والإغاشة والخدمات الصحية المتكاملة لمرضى السرطان القادمين من أقاليم السودان المختلفة .. جمعوا التبرعات من التجار والموظفين وربات المنازل، واستعانوا بالفيس بوك والواتس أب لإيصال صوتهم وتقديم دعوتهم للمشاركة في كل هذا الخير ..!
ثم قاموا باستئجار منزل، وأكملوا تأثيثه وتجهيزه بسعة تكفي لاستضافة عشرين مريضاً، وعشرين مرافقاً .. غرف للرجال وغرف للنساء، وغرفتين لعزل المرضى بعد أخذ الجرعات مباشرة .. ومطبخ صحي لإعداد الوجبات المدرجة في جدول وحدة التغذية بالمستشفى .. وغرفتين احتياطيتين للأحوال الطارئة .. وخدمة ترحيل للمرضى ومرافقيهم من وإلى المستشفى ..!
الميزانية الشهرية لهذا العمل الطوعي العظيم هي (50) خمسون ألف جنيه سوداني، يتم جمعها عبر تبرعات أهل الخير، ويتم استلامها في مكاتب إدارة المنظمة، أو تحويلها على حساب المنظمة (7777) بالبنك السوداني الفرنسي ..!
سألت الآنسة (مي غريب الله) رئيسة المنظمة – والموظفة بقسم اعتمادات البنك السوداني الفرنسي – كيف اهتدت إلى هذه الفكرة النبيلة، فقالت: عندما ماتت أمي بالسرطان .. رافقتها إلى الأردن في رحلة استشفاء امتدت لثلاثة أشهر، ومع أمي عشت معاناة مريض السرطان .. كانت أمي تتلقى علاجها بأحسن مستشفى، وتقيم بأفضل الغرف المكيفة والمجهزة بكل الاحتياجات، ومع ذلك كان تعاني من تأثير جرعات العلاج الكيميائي (لم تكن تحتمل صوت سقوط قلم صغير على أرضية الغرفة فكيف يكون حال المرضى الفقراء) .. بعد وفاة أمي – رحمها الله – عدت إلى السودان، رأيت بعض المرضى القادمين من الأقاليم وهم يفترشون الأرض ويرقدون تحت ظل الأشجار بجوار المستشفى، بلا أي عناية طبية أو إشراف غذائي .. فآلمني ذلك .. معظم أعضاء المنظمة هم أصحاب (وجيعة)، لهم أقارب ماتوا بالسرطان .. ونحن نعمل الآن على الانتقال إلى سكن أكبر يتسع لخمسين مريض، وخمسين مرافق ..!
يوم الجمعة الماضية أقامت (منظمة باب الحوائج الخيرية) حفلاً ترفيهياً لتدشين الحملة، اشتمل على محاضرات قيمة، وفواصل غنائية أحيتها الفنانة (سميرة دنيا)، وكان من بين الحضور ستة رجال وثمانية عشرة سيدة من نزلاء استراحة مرضى السرطان .. !
شباب زي الورد .. لله دَرُّهم .. وما أحوج كل منا إلى فرحة تغمره بعد نفحة عطاء .. الالتزامات الشهرية للمتبرعين بكفالة هؤلاء المرضى تبدأ من (20) عشرين جنيه شهرياً، وتنتهي عند استطاعة كل متبرع .. من منا لم يتألم لفقد عزيز يتوق إلى بره بصدقة جارية؟! .. من منا لم يقاسي لمعاناة مريض يتمنى أن يداويه بصدقة؟! .. تبرعوا فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا ..!
هناك فرق – منى أبو زيد
صحيفة آخر لحظة
يا الله والله مازال السودان بخير.نسال الله ان يتقبله عملا خالصا لوجهه