قصة طموح ونجاح وتميز
لم يكن عثمان الطالب فی جامعة الخرطوم المستوی الأول فی كلية التربية ليلفت نظر أي إنسان إليه .. زول اغبش عادی ليس فی قسمات وجهه ما يشفع له ولا حتی هندامه ولكنه كان يحمل فكرا وعبقرية وطموحا مختلفا أهله ليكون فيما بعد أشهر من أساتذة كليته ..
نظر عثمان الی ساحة الجامعة الجرداء فتفتقت عبفريته عن عمل خالد فيه نفع للآخرين .. فعزم علی غرس عدد من الأشجار الظليلة فی داخل سور الجامعة .. فكان ياتی الی الجامعة وهو يحمل معوله ويقوم بالحفر بين تساؤلات ودهشة الطلاب وتهكماتهم وسخريتهم : ده مجنون ؟ المجنون ده بعمل فی شنو ؟ وعثمان مستمرا فی عمله يبذل الجهد والعرق غير مهتم لنظرات وفضول الزملاء المثبطين .. وبعد أن قام بحفر ثمانية حفر ، قام بجلب السماد العضوی فی جوالات وبعد أن أعدها جيدا قام بإحضار الشتول وكل ذلك الجهد أما بساعدة وأما من مصروفه الخاص الشحيح ..
مضت الأسابيع والشهور سريعة وهو بتعهدها بالسقيا وحتی بعد الإجازة كان ياتی عثمان للجامعة للمتابعة والعنايه بشجيراته الثمانية والتی اشتد عودها وسوقها واشرابت فی السماء تمد اغصانها وتظلل المكان وتزينه بالخضرة والنضرة والجمال .. ليعود الطلاب للدراسة فی العام الثانی وترتفع درجات الحرارة ويهرع الجميع الی شجرات عثمان .. وتبقی الملاذ والمتنفس للطلبة والطالبات .. وتتحول عبارات التهكم والسخرية الی الاعتراف بصاحب الفضل وبالعمل الجميل والجليل الذی قام به عثمان وما قدمه لاخوته واساتذته وجامعته .. دون أن يأخذ مقابلا من أحد .. وكل ما اشتدت الحر وزاد الصيف من هحيره تنادي الطلاب من الجنسين الی شجرات عثمان وعلا صيته وارتفعت وسمت مكانته .. ارحكم شجرات عثمان .. كنا قاعدين فی شجرات عثمان .. جينا من شجرات عثمان .. ويا له من عثمان .. لقد حفر اسمه بمعوله وساعده فی ذاكرة جامعة الخرطوم كلية التربية ..
ويوما بعد يوم تكبر شجيرات عثمان الثمانية لتشكل معلما بارزا لتستوقف عميد الكلية ويسأل عن عثمان صاحب الإسم فيقال له : عثمان هذا طالب ليس إلا وهو من قام بغرس ورعاية هذه الأشجار .. ويسأل عن نتيجته الدراسية ليزيده درجات وتقدير فيجد أن درجته اعلی درجة أكاديمية امتياز .. فيصدر قرارا فوريا بأن يبتعث عثمان علی حساب الجامعة فی بلاد الفرنجة ويقول : هذا الطالب قدراته الذهنية والفكرية وطاقانه الإيجابية اعلی من اقرانه ولذلك كان لا بد أن يبعث للخارج .. ويسافر عثمان ويكمل دراسته الجامعية هناك ويزداد نجمه توهجا ولمعانا وبريقا ويتخرج فی أعرق الجامعات الغربية ويعمل هناك أستاذا فذا ومحاضرا لا يشق له غبار .. ليحصد ثمن جهده وطموحه وعرقه وتميزه وتجرده .
حاشية :
قد يقول قائل هو بالله عثمان ده عمل شنو زاعجنا بيهو كده ؟ غير زرع ليهو تمانية شدرات .. هسی اها كان داير عشرين شدرة بزرعن ليك .. ولكن ما أسهل الكلام وما أصعب العمل والتضحيات .
أحمد بطران