(فداسي) .. مصير المخادعين !!
* هل هنالك قبح أكثر من أن يذهب وزير صحة، مسؤوليته الأولى والأخيرة التي يأخذ عليها الأجر من الشعب هي حماية أرواح الناس وتوفير العلاج للمرضى والمصابين بأفضل ما يمكن، وأقصى ما يستطيع، لمواساة أسر ضحايا حادث مروع بعد ثمانية أيام كاملة من إقامة العزاء ترافقه كاميرات التلفزيون، ولا يتورع عن مخاطبة المكلومين الذين فقدوا أعز أقربائهم وأحبائهم بلهجة استفزازية تفوح منها رائحة المن والأذى وقلة الذوق وانعدام المشاعر الإنسانية ويقول لهم إن وزارته وفرت كل المساعدات المطلوبة للمصابين، رغم سوء الأوضاع الذي شهد به الجميع في المستشفي الحكومي الذي نقل اليه المصابون، مما اضطر أحد رجال الأعمال الى إجلائهم الى مستشفيات أخرى لعلاجهم بمقابل مادي كبير؟!
* وكان من الطبيعي أن يُواجَه إستفزاز الوزير بهتافات عدائية من الحضور تنعته بالكذب، ثم يطرد من المأتم غير مأسوف عليه هو ورئيس حكومته (الوالي) والوفد الذي حضر معهم لموقع العزاء، لا لمواساة المكلومين وإنما لاستفزازهم والمن الكاذب عليهم وجرح مشاعرهم في وجود كاميرات التلفزيون التي كانت تقوم بتسجيل الزيارة والخطبة الاستفزازية لبثها وخداع بها المشاهدين أن الحكومة تقوم بواجباتها .. ولكن شاءت إرادة الله غير ذلك، وطُرد الوفد الحكومي شر طردة من سرادق العزاء مصحوباً باللعنات والهتافات العدائية!!
* حدث هذا، كما يعرف الجميع، بعد وقوع الحادث المأساوي الذي إنفجر فيه تانكر بنزين على طريق الخرطوم مدني في محاذاة قريتي (فداسي والوحدة)، ونتج عنه مقتل وإصابة حوالي (100 ) شخص من مواطني القريتين، تجمعوا ضمن آخرين حول التانكر الذي انحرف عن الطريق وانقلب فانفجر فيهم، والغريب أن يحدث ذلك على مقربة من مركز شرطة كان من المفترض أن يقوم العاملون فيه بفرض (طوق أمني) حول التانكر ويمنعون اقتراب أي شخص منه، ولكن لم يحدث شيء من ذلك مع انه من أوجب واجبات الشرطة، ولكن من يهتم ومن يفكر ومن يفهم، ولو حدث ذلك في أية دولة في العالم تحترم نفسها ومواطنيها لاستقال وزير الداخلية ومدير الشرطة، أما في السودان فلا أحد يستقيل أو يفكر في الاستقالة أو (يُقال) وكأن شيئاً لم يحدث، بل إن مدير شرطة ولاية الجزيرة كان ضمن وفد (المن) الحكومي الذي ذهب الى (فداسي)، وكان من المطرودين!!
* تخيلوا .. يقول لهم الوزير إن الحكومة وفرت كل المساعدات، فمن منكم يصدق أن وسيلة الإسعاف التي جاءت لنقل الموتى والمصابين الى مستشفى ود مدني.. كانت عربة (دفار) .. نعم، كانوا يريدون حشرهم في (دفار) مثل أي طوب أو كوم نفايات، ولكن رفض الأهالى ونقلوا ضحاياهم بعربات صغيرة الى المستشفى، وليتهم تركوهم في العراء، فما كان حال المستشفى أفضل منه، حيث كُدسوا في عنبر مهجور لعدم توفر مكان، ولم ينالوا إلا القليل من العناية، لعدم توفر الإمكانيات، رغم المجهود الذي بذله العاملون، إلى أن تم إجلاؤهم الى مستشفيات الخرطوم، ثم يأتي وزير الصحة ليستفز الناس في العزاء بأن “الحكومة وفرت كل المساعدات والمطلوبات”، فكان مصيره الهتافات العدائية التي تسمه بالكذب!!
* وهكذا يجب أن يكون مصير كل مسؤول دعّىِّ، أفاق، ومقصر في عمله، وجايب معاهو كاميرات التلفزيون عشان يتمخطر ويتمنظر ويكذب على كيفو ويخدع الناس !!
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة
ياريت لو كان حاهم البشير عشان يضربوه بالجزم .