منى ابوزيد

شَفْرَة أحمد هارون ..!

عدالة التنمية شجرة وعي .. والصحة والتعليم والطرق والمياه أهم عناصر تمثيلها الضوئي .. الكاتبة ..!
قبل نحو عشر سنوات قفزتُ من نافذة الأدب والقصص القصيرة والقراءات النقدية إلى ردهات الأعمدة الصحفية، وكنت ولا أزال أعيش محنة الصحفيين غير الموالين لأي حزب – حاكماً كان أم غير ذلك- وأختبر معاناة كتاب الرأي السياسي من غير المنتمين إلى أي كيان يكافح لإسقاط السلطة أو يجاهد لتأمين وجودها.. كنت ولا أزال أتشرف بالانتماء إلى هذه القلة من كتاب الأعمدة الذين تعلقوا بأستار الفكر السياسي المستقل وانتبذوا بالموضوعية مكاناً قصياً .. فعبروا حواجز التعصب .. والتخندق .. والإقصاء .. والتمييز .. إلى رحابة الإنتماء الوطني الجليل .. وإن كلفتهم بعض المواقف أن يبقوا محبوسين في برزخ التصنيفات والاتهامات المتبادلة من كلا الجانبين ..!

لاغرو .. ولا مراء .. فالعمود الصحفي المُحترم هو قصة قصيرة لها ما قبلها من البحث .. والتحري .. والتحقيق .. والاستقصاء .. والتحليل .. شأنه في ذلك شأن أي جهد فكري يُثَمِّن عقل القاريء، ويرى الصدق أقصرطريق إلى التصديق الذي هو أعظم ردة فعل ينشدها أي كاتب رأي ..!
وعليه، أرجو أن تصدقني إذا ما قلت لك أنني أكتب هذا المقال وأنا أسيرة عصف ذهني جليل وشعور عارم بالحماسة والتفاؤل بعد زيارة رسمية إلى مدينة الأبيض، بدأتْ بحضور الجلسة الافتتاحية للملتقى الأول لعمال النقل والمواصلات والطيران، وانتهت بحالة إعياء تام وآلام في الرأس،وتورُّم في القدمين، بعد ساعات متواصلة من التنقل بين –والوقوف على – مشروعات التنمية الصاروخية .. الكثيرة .. المتمرحلة .. والمتباعدة – التي كانت حصاد نفير نهضة شمال كردفان ..!

لعلك الآن تبتسم وأنت تفكر بأن الكثيرين في هذا البلد باتوا يعتبرون مشاريع التنمية مسرحيات كبرى، أبطالها ولاة يتظاهرون بالعمل والإنجاز .. وحكومة تتظاهر بالاقتناع والمباركة .. وشعب ينقسم في تمثيل أدواره إلى فئات تتظاهر بالتصديق والهتاف، وأخرى تنتهج التكذيب والنقد والمقاطعة ..ولكن ليس من قرأ .. أو سمع .. أو شاهد .. كمن رأى ولاحظ .. وسأل .. واستفسر .. وتجول .. وتحرَّى .. واستقصى .. ثم وقف على أكباد الحقائق..!
في خمسينيات القرن الماضي كانت صحيفة التايمز البريطانية هي أول من استخدم مصطلح المعجزة الألمانية لوصف التطور الهائل والسرعة الكبيرة في مشاريع التنمية وإعادة الإعمار التي حدثت في ألمانيا الغربية والنمسا بعد الحرب العالمية الثانية .. ولئن كان هذا التعريف الإعلامي يشمل الظروف والأحوال السياسية والتنموية الخارقة للمألوف والمتجاوزة للعادة – بحسابات الفترة الزمنية والظروف المكانية –فدعني أقول لك إن ما حدث ويحدث الآن في شمال كردفان هو معجزة تنموية تستحق مصطلحاً إعلامياً مغايراً يمكنني أن أطلق عليه – بكل ثقة واطمئنان – شفرة أحمد هارون ..!
مارأيته بأم عيني في مدينة الأبيض هو معجزة تنموية لا يتمكن من تحقيقها (على ذلك النحو المتجاوز لحسابات الزمان وإشكالات المكان) إلا حاكم ولاية يمتلك شفرة ثنائية فريدة،نجح من خلالها في تسخير إمكانات الحكومة لخدمة الشعب،وتمكن عبرها من تحفيز روح الدعم عند الشعب لمساندة الحكومة .. دون أن تتلكأ أو تتقاعس الحكومة .. ودون أن يتباطأأو يتذمر الشعب.. فيا لها من شفرة .. ما قرأته أعلاه ليس سوى مقدمة .. غداً – إن مد الله في الآجال – أكتب لك عن ما رأيته في مدينة الأبيض ..!

هناك فرق – منى أبو زيد
صحيفة آخر لحظة

‫4 تعليقات

  1. يا اختنا الصحفية هذاالكلام ينطبق على مدينة الأبيض فقط مع أن كل أو جل أموال النفرة تأتي من القرى والمدن الصغيرة الأخرى والتي لم تنل حظها من هذه التنمية مازالت هناك كثير من القرى ليس بها آبار جوفية للمياه فالواحد يأخذ كل يوميه لكي يأتي لعياله بجركانتين من الماء والتي يكون فيها قد ئاتعب نفسه ودابته وخسر يومه الذي من المفروض أن يكون ذلك اليوم لزراعته.
    ومازالت المدارس في تلك القرى مبنية من القش والحطب وهناك أناس كثر من ريف كردفان ليس لهمم الجنيه الذي يعطونه لابنهم الطالب في المدرسة لكي يدفعه لهذه النفرة التي لم يحظ منها بشربة ماء .
    فالتنمية ليست مدينة الأبيض يا أختاه.

    1. يا بق انت فعلا مثل إسمك (بق) هل تعرف معنى كلمة البق ؟ البق هي الحشرة التي تصيب البطيخ وهو في حبله بعد أن يكتمل نموه ويصبح تقريبا جاهزا للقطف ! سبحان الله !
      أنت في وقت عجيب أنظر حولك وشوف الكيزان ماذا يفعلون في شعبنا في الولايات الأخرى بما في ذلك ولاية الخرطوم لما نلاقي إبن بار مثل أحمد هارون ليطور الولاية إبتداء من عاصمتها وفي عامين فقط تريده أن يبدأ التطوير من القرى ثم يأتي إلى عاصمة الولاية ؟! يا له من فهم قاصر لا يأتي من مخ إلا كمخ البق ! حسبنا الله ونعم الوكيل !

  2. تمنى أن ترتقي الناس لمستوى الحوار ولا ترمي الناس بأسماء ليست صحيحة وأن يكون هناك فهم للمواضيع ،نعم أن قلت التنمية ليست مدينة الأبيض مع أن كل أموال النفرة من القرى ،والقرى لم تطلب من أحمد هارون إلا الماء فهل بناء الاستاد ولا توسعة المسجد الكبير أهم من الماء ياالشويحي ؟؟

    1. أنت ما زلت بقا لأنك تنكر ما فعله أحمد هارون لمياه القرى في شتى أطراف الولاية