الطيب مصطفى

الاختيار بين الرمضاء والنار !


لولا حشر مالك عقار ورهطه من متوحشي تحالف الجبهة الثورية ممن يرفعون شعار إسقاط النظام .. أقول لولا أن هؤلاء وحلفاءهم في نداء السودان وقوى الإجماع الوطني حشروا أنوفهم في العصيان المدني الذي دعا إليه بعض الناشطين في التاسع عشر من هذا الشهر لما ترددت البتة في تأييده ذلك أننا ما اعترضنا على العصيان إلا خوفاً من مآلاته سيما بعد أن انخرط فيه أولئك المتوحشون.

تمعنوا بالله عليكم وحدقوا في وجوه من ركبوا الموجة وتبنوا العصيان وجهزوا أنفسهم وربما بدلهم وربطات أعناقهم ليمتطوا ظهورنا ويحلوا محل السلطة القائمة.. إنهم عرمان وعقار والحلو ممن ذقنا على أيديهم صنوفاً من الموت والقهر والتشرد في “أبوكرشولا” و”الله كريم” و”هجليج” ثم في الدمازين والكرمك وغير ذلك من مدن وأرياف السودان وهم من تصدى لقيادة الموجة الجديدة من العصيان، فهل نستجير من الرمضاء بالنار ؟.

هؤلاء هم من يرفعون شعار الديمقراطية ويعدوننا بها كذباً وبهتاناً بالرغم من سيرتهم الملطخة بالدماء والأشلاء، وهل أدل على ذلك من سقوطهم المدوي في اختبار الممارسة الديمقراطية حين رفضوا الاستجابة لطلب حركات دارفور بأن تؤول رئاسة الجبهة الثورية إلى حركة العدل والمساواة (جبريل إبراهيم) وفقا للاتفاق المبرم بين مكونات الجبهة الثورية بعد ان انقضت فترة رئاسة قطاع الشمال ممثلا بمالك عقار لها؟ من تراه يثق في أن من يرفعون السلاح سيضعونه يوم تسقط هذه الحكومة ليتحاكموا إلى صندوق الانتخابات عوضاً عن صندوق الذخيرة؟! من تراه يثق في أن من مردوا طول عمرهم الملطخ بالدماء والأشلاء على القتل والتدمير سيستجيبون لداعي الديمقراطية بعيداً عن استخدام السلاح؟

أقولها بملء فيّ إن الإنقاذ ارتكبت من الموبقات ما ينبغي أن يسقطها ويزيحها من سلطة تطاولت وتمددت ومورست خلالها صنوف من الطغيان وكبت الحريات ومنحت بعض أجهزتها من السلطة ما أحدث ظلماً شنيعاً وفساداً عريضاً وانشأت مراكز قوى ودولة عميقة تمردت على المساءلة فماذا عسانا بربكم أن نفعل وماذا ينبغي أن نقدم ونفضل بين خيارين أحلاهما مر ؟.

صحيح إننا إخترنا الحوار الوطني باعتباره البديل الأقل خسارة ذلك أن التغيير بإسقاط النظام على أيدي عقار وعرمان والحلو وغيرهم من العنصريين ومصاصي الدماء سيغرق بلادنا في فوضى ضاربة الأطناب وحروب وموت ودمار ويزلقها في مهاوي الردى الذي نرى نموذجه ووجهه القبيح في كل من سوريا والعراق والصومال واليمن وليبيا ودولة جنوب السودان .

نعم ، لقد تبنينا خيار الحوار الوطني لأننا مقتنعون بأهمية الانتقال نحو البديل المتوافق عليه عوضاً عن الانتقال الفجائي بل إننا مقتنعون تماماً بحتمية الانتقال نحو الخيار الديمقراطي ولن نقبل أو نرضى البتة بالبقاء على الحال التي نتمرغ الآن في رمضائها، وأقولها بكل صدق يسألني الله عنه إننا لسنا مطمئنين لإنفاذ مخرجات الحوار على الوجه الذي أجيزت به من قبل لجان الحوار الوطني ولكننا في تحالف قوى المستقبل للتغيير، وقد اشتركنا في اللجنة العليا لمتابعة إنفاذ مخرجات الحوار الوطني ، سنبذل بالتعاون مع القوى الأخرى ،غاية الجهد في سبيل إنفاذ تلك المخرجات بهدف الانتقال ببلادنا من خلال الحوار إلى بر الأمان.

إننا لنرجو من المؤتمر الوطني بل من الرئيس شخصياً ، باعتباره مبتدر الحوار ، أن يولي أمر إنفاذ المخرجات اهتمامه الأقصى فوالله إنه لا مخرج آمن لهذه البلاد غير الحوار، ومن شأن التلكؤ والتباطؤ في إنفاذ المخرجات أن يزيد من وتيرة الاحتقان وربما يؤدي إلى انزلاق بلادنا في المآلات الخطيرة التي ستشعل بلادنا، وإذا كنا قد اخترنا اليوم طريق الحوار وخوفنا الناس من مآلات العصيان المدني فإننا لن نصبر طويلاً إذا توصلنا إلى قناعة بأن المؤتمر الوطني ليس جاداً في إنفاذ المخرجات المتفق عليها، ويومها فإننا في منبر السلام العادل سننضم إلى العصيان في أي من موجاته القادمات.

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة


‫4 تعليقات

  1. لا تخف يا الطيب مصطفى لاعصيان ولا مألات العصيان … لن يمس السودان سوء ان شاء الله …. فقط طالب معنا ان نعلق المشانق لهؤلاء الشرزمة القليلون .. حثالة المجتمع ..الزبالة عقار وعرمان والحلو …

  2. وهذه هي أم المشاكل … لقد وضعت يدك على الجرح يا سيدي …. فلولا وجود هؤلاء الانتهازيون ومن يقف خلفهم … وخوفنا على بلدنا من مصير بعض الدول من حولنا لأيدنا جميعنا ذلك العصيان … ولكن إن كان البديل هو عرمان وسجمان فلنصبر على الإنقاذ … فبعض الشر أهون من بعض … فقط نريد من حكومة الإنقاذ أن تنقذ نفسها وتنقذنا معها بمحاربة الفساد والمفسدين وإن كانوا من ذوي القربى …. عندها فقط فلتبشر بطول سلامة كما قال الشاعر.