تحقيقات وتقارير

يتهددها خطر تراجع الإيرادات الضريبية الموازنة الجديدة.. بين الإنفاق الحكومى والعجز والتضخم

وصف خبراء اقتصاد موازنة العام 2017م بأنها ميزانية صرف حكومى باعتبار أن الصرف التنموي في حدود تكاد تكون معدومة وقالوا إن المحك الحقيقي لها أرض الواقع، بل رأى آخرون أنها غير متعلقة بحياة الناس وليس لها تأثير إيجابي على حياة المواطن ورهنوا تحقيقها بمعدلات نمو إيجابية بتخفيض الإنفاق الحكومي المترهل والاهتمام بالقطاعات الإنتاجية.
زيادة في العجز:
ولكن بعض من المهتمين يرون أن عجز الموازنة سوف يزداد باعتبار أن إيراداتها تعتمد بصورة كبيرة على الإيرادات الضريبية التي تؤخذ من الجمارك والتي انخفضت بصورة كبيرة خلال الأشهر الماضية ما يدعو إلى القلق تجاه تحقيق بنود الإيرادات الضريبية والمقدرة بحوالي 77% في الإيرادات العامة لموازنة الدولة، وانتقد كثيرون فرض ضريبة قيمة مضافة على قطاع الاتصالات بقولهم إنها ثؤثر على المواطن وكان من الأجدى فرض ضريبة أرباح أعمال على قطاع الاتصالات، ويرون أن العجز سيزداد في هذه الحالة خاصة وأن الحكومة ستتجه إلى طباعة المزيد من النقد ما قد يفاقم من التضخم وتزيد من خلاله أسعار السلع وتصبح كارثة لا يحمد عقباها.
لكن الخبير الاقتصادي البروفيسر ميرغني أبنعوف يقول أن الميزانية الجديدة لم تتعد مرحلة التقديرات، لافتاً إلى أنها تقديرات قد تصيب وقد لا تصيب وإن إستدامة الإستقرار الإقتصادي رهين بإنفاذ برامج وخطط تعزيز القطاعات المنتجة خاصة القطاع الصناعي والزراعي بشقيه لتغطية العجز الكبير فيها وإن تحقيق معدل نمو في الناتج المحلي بنسبة أكثر من 6% يلزمه دعم قطاع الزراعة بشكل أساسي ورفع الإنتاجية أولاً.
تدفق مزيد من العملة الصعبة
مفسراً قوله بأن ذلك يضمن تدفق المزيد من العملة الصعبة التي أشار إلى تحقيقها فوائد مزدوجة تتمثل في تحقيق اتزان في الجهاز المصرفي، وتوفير مبالغ كافية لمقابلة حجم الواردات، وقلل من جزئية تخفيف معدلات البطالة عازياً الأمر إلى أنه يستلزم أولاً طرح مشاريع توظيف إنتاجية وليس وظائف إدارية غير منتجة. وقطع بأن التحدي الأساسي يتمثل في خفض الإنفاق الحكومي وتوجيه الدعم نحو قطاع التنمية الاقتصادية بمفهومه الواسع الذي يشمل المشاريع الإنتاجية وصغار المنتجين علاوة على تعزيز ميزانية الخدمات ومنها الصحة والتعليم.
وتقول الخبيرة الاقتصادية د. إيناس إبراهيم إن الموازنة لا غبار عليها وأن نجاحها هو كيفية تنزيلها على أرض الواقع، وترى أن أهم مقومات فعالية الموازنة أن تتضمن تقليل الصرف الإداري لسلبياته الكبري ولابد من الاستفادة من الأموال المخصصة للصرف غير المنتج واعتبرت أن دعم المشاريع المنتجة أكثر جدوى من الصرف الإداري غير المنتج واستبعدت تحقيق الموازنة لنتائج إيجابية للمواطن في ظل عدم تقليل الصرف الإداري.
وتساءلت عما ستقدمة الموازنة للمشاريع الإنتاجية وتمويل مشاريع صغار المنتجين الذين يمكن اعتبارهم قوة اقتصادية في حال تم الاهتمام بها بصورة كافية وإيلائها الدعم والرعاية اللازمة.
الأولوية للقطاعات المنتجة:
إلا أن استاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم عثمان البدري اعتبر ان الأولوية في الصرف يجب أن توجه نحو القطاعات المنتجة التي تحقق فائضاً في الدخل وتسهم في رفع المستوى المعيشي للمواطن والاهتمام أكثر بالقطاعين الزراعي والصناعي باعتبار أن البلاد تمتلك مقومات نجاح هذين القطاعين خصوصًا الزراعة، وقللت من حجم أرقام الميزانية فهي برأيه ليست بالأهمية القصوى فالأهم من الأرقام أن يتم توجيهها نحو مصارف منتجة.
وتوقع فياض حمزة المحلل المالي لـ”الصيحة” أن تتجه الحكومة إلى زيادة إيراداتها لسد العجز بزيادة التعرفة الجمركية وزيادة الضرائب برغم من أنها غير واضحة المعالم فى الموازنة، إلا أنه يرجع الأمر الى عدم الاستقرار السياسى والاقتصادي في السودان، ويبرهن حديثه على أن كل ما ورد في الموازنة تقديرات فقط غير مبنية على حقائق، حيث لن تستطيع وزارة المالية أن تؤكد ذلك لاعتبارات الإضطرابات الأمنية التي تحدث فى السودان بين الفترة والأخرى تستنزف ما تم البناء عليه. ويقول إن كل المفاهيم العلمية متذبذبة وليست ذات معنى في ظل الانهيار الكبير للعملة السودانية أصبحت الرؤية ضبابية حولها وغير واضحة مما خلق عدم استقرار اقتصادي داخلي.
مصادر ضريبية ضعيفة:
ويرى الدكتور الفاتح عثمان الخبير الاقتصادي أن المصادر غير الضريبية تشكل مبلغا ضعيفاً جداً في الموازنة وأن حوالي 77% من جملة الإيرادات تعتمد على الضرائب، وقال: يمكن أن تنخفض الإيرادات بفعل تراجع الاستيراد لأن معظم الضرائب جمركية تتأثر سلباً بتراجع الاستيراد، وفي ظل ارتفاع أسعار الدولار ووجود ركود اقتصادي في الأسواق بسبب الغلاء في أسعار السلع كل ذلك أدى إلى إحجام المستهلكين عن زيادة الطلب على السلع المستوردة وهو ما ظهر جلياً فى تراجع الاستيراد خلال شهري نوفمبر وديسمبر.
ويقول: هذا أدى فعلياً إلى تراجع فعلي في جملة الواردات لهذا العام، وتوقع أن يتواصل التراجع طيلة العام المقبل خاصة في السلع الكمالية التي تشكل غالب الإيرادات الجمركية، إلا أنه يرى أن وزارة المالية احتاطت فقامت بفرض زيادة القيمة المضافة لقطاع الاتصالات بواقع 5% لمحاولة معالجة الخلل المتوقع في الإيرادات الجمركية، ويقول: كان يجب أن تزاد القمية المضافة لقطاع الاتصالات إلى 10% وتفرض ضريبة أرباح أعمال على شركات الاتصالات التي تم إعفاؤها مقابل زيادة القيمة المضافة التي يتحملها المواطن بينما أرباح أعمال الشركات تفرض على أرباح الشركات.
طباعة النقود وزيادة التضخم:
ويقول في حديثه لـ”الصيحة”: في هذه الحالة تضطر الحكومة الى طباعة مزيد من العملة ما يؤدي إلى زيادة التضخم، وأضافك كان من الأجدى للحكومة أن تعمل بشكل فعال في اتجاهين، الأول هو تقليل الإنفاق اللاتنموي أي تقليل الصرف على الحكومة الاتحادية والولائية إضافة إلى إعادة هيكلة الخدمة المدنية لما يكفل ترشيد الوظائف والصرف لأن زيادة الصرف في ظل تراجع الإيرادات يعني اضطرار الحكومة لطباعة مزيد من النقود وزيادة التضخم وتآكل قيمة الجنيه، والأمر الثاني أن توجد موارد بديلة بزيادة القيمة المضافة على الاتصالات، إضافة إلى بعض المعالجات الأخرى الجمركية على بعض السلع الكمالية بغرض سد الفجوة المتوقعة في الإيرادات نتيجة التراجع المتوقع في عائدات الجمارك.
ويقول الفاتح إذا واصلت الحكومة بترهلها الحالي يعني تواصل الأزمة وازدياد العجز المرشح إلى التضاعف ليصل الى ما يقارب الـ40 مليار جنيه، بفعل التراجع المتوقع لعائدات الجمارك، وأضاف: هنالك مهدد آخر للجمارك، وهو اتفاقيات الكوميسا التي تفرض دخول البضائع بدون جمارك يمكن أن يلجأ إليها المستوردون الذين زيدت عليهم الجمارك إلى الاستيراد من دول الكوميسا لإدخال بضائع بدون جمارك مما يؤثر على القيمة الكلية للإيرادات.
موازنة صرف حكومي دون التنموي:
ويقول إن الملاحظ أن موازنة العام 2017 هي موازنة صرف حكومي، إذ أن الصرف التنموي لهذه الميزانية محدود للغاية مقارنة بالصرف الآخر على الفصلين الأول والثاني، وهذا الصرف يستأثر بمعظم الميزانية وهي تعتبر ميزانية غير تنموية وليس لها تأثير إيجابي على حياة المواطن.
وكان بدر الدين محمود عباس وزير المالية والتخطيط الاقتصادي قد أودع موازنة العام 2017م البرلمان مبيناً أن تقديرات حجم الإيرادات يبلغ 77.7 مليار جنيه وحجم الإنفاق المتوقع 96 مليار جنيه، بينما يبلغ عجز الموازنة 18.5 مليار جنيه في حين تبلغ نسبة العجز إلى الناتج المحلي الإجمالي نسبة 2.1%..
ولكن الوزير يرى أن العجز سوف تتم تغطيته من الاستدانة من الجمهور ومن البنك المركزي بالإضافة إلى فرض ضريبة مضافة بواقع 5% على قطاع الاتصالات.
استقرار اقتصادي وزيادة إنتاجية
وتهدف الميزانية إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي وزيادة الإنتاج من أجل زيادة الصادر وإحلال الواردات وتحقيق التنمية المستدامة وزيادة حجم الاستثمارات الكلية وتطوير وتفعيل الشراكات المختلفة بين القطاعين العام والخاص.
وتركز بصورة أساسية على زيادة الإنتاج في قطاعات النفط والتعدين بجانب الصناعة والسياحة والخدمات بهدف دعم الصادرات وزيادة القدرات التنافسية مع توجيه التمويل المصرفي في القطاع الخاص، وتفعيل آليات التمويل الأصغر وخفض حدة الفقر وتشغيل الخريجين.
وتوقع وزير المالية أن يكون الناتج المحلي الإجمالي حوالي 872 مليار جنيه بنسبة 5.3% خلال العام 2017م .
ويأمل الوزير أن يشهد العام المقبل 2017م التوقيع على عدد من الاتفاقيات والقروض والمنح بحوالي 938 مليون دولار منها 178 مليون دولار منح و760 مليون دولار قروض.
ويتوقع أن تصل نسبة نمو القطاع الزراعي إلى 6.6% بنسبة مساهمة 29.1%، والقطاع الصناعي بمعدل نمو حوالي 6.4% وذلك نتيجة لزيادة إنتاج المعادن بنسبة مساهمة 26.2%، بالإضافة إلى زيادة معدلات نمو قطاع الخدمات بما يتناسب مع الزيادات المتوقعة في القطاعات الإنتاجية والاجتماعية بنسبة 5.1% ومساهمة 44.7%..
زيادة صادرات وخفض مدفوعات:
وتهدف أيضاً إلى زيادة الصادرات من 2.9 مليار دولار إلى 3.6 مليارات دولار وخفض الواردات من 7.1 مليار دولار إلى 6.7 مليار دولار، بالإضافة إلى خفض فائض ميزان المدفوعات من 373.6 مليون دولار إلى 113.1 مليون دولار .
وأشار إلى أن الموازنة تهدف إلى زيادة الإنتاج في المحاصيل الغذائية لتحقيق الاكتفاء الذاتي بجانب المحاصيل النقدية بهدف التصدير حيث توقع زيادة إنتاج الذرة من 7.5 ملايين طن إلى 8.7 ملايين طن وزيادة إنتاج القمح من 779 طناً إلى 1250 طناً. بالإضافة إلى زيادة إنتاج السمسم من 0.8 مليون طن إلى 1.2 مليون طن، والفول السوداني من 1.1 مليون طن إلى 1.2 مليون طن، بالإضافة إلى إنتاج 711.000 طن من السكر وزيادة منتجات الثروة الحيوانية من 5.3 إلى 6.5 مليون طن.
كما تهدف الموازنة إلى زيادة إنتاج النفط إلى 115 ألف برميل في اليوم، وزيادة إنتاج الذهب من 76 طناً إلى 100 طن، بالإضافة إلى التوسع في توليد الطاقة الحرارية بحوالي 750 ميقاواط، وزيادة إنتاج الاسمنت من 3.7 ملايين طن إلى 7 ملايين طن، كما تهدف الموازنة إلى زيادة إنتاج الزيوت النباتية من 256 ألف طن إلى 320 ألف طن.
وأكد الوزير الاستمرار في اتباع سياسة سعر صرف مرن، متوقعاً نمو الكتلة النقدية خلال العام المالي 2017م بمعدل 27.3% ومعدل تضحم حوالي 17% بالإضافة إلى معدل نمو عرض النقود بنسبة 27.3%.
تحسن عجز تجاري وخفض بطالة
ولكنه توقع تحسن عجز الميزان التجاري ليصل 3.1 مليار دولار وحجم الصادرات 3.6 مليار دولار كما توقع أن تبلغ الواردات 6.7 مليار دولار، بالإضافة لتحقيق ميزان المدفوعات فائضاً في العام 2017م يبلغ 113.1 مليون دولار، كما توقع أن يكون معدل الاستثمار 4.1% وذلك نسبة للنفقات الرأسمالية في القطاعين العام والخاص. في حين يبلغ معدل الادخار 11.5% بالإضافة إلى خفض معدل البطالة إلى أقل من 19.1%.
وأشار إلى الاستمرار في دعم الشرائح الضعيفة في المجتمع وزيادة الدعم المباشر للأسر الفقيرة من 600 ألف أسرة إلى 700 ألف أسرة، بالإضافة إلى الاستمرار في التغطية الشاملة للتأمين الصحي بزيادة 750 ألف أسرة (من 1190 إلى 1940 ألف أسرة) بجانب الاهتمام بالتعليم في كافة مراحله، والاستمرار في دعم مؤسسات التعليم العالي والبرامج البحثية.
30 ألف وظيفة ومراجعة الهياكل:
وأعلن عن فتح 30 ألف وظيفة جديدة من خلال مشاريع استيعاب الخريجين ومراجعة الهياكل الوظيفية والاستمرار في كفالة الطلاب. وتقوية مظلة الضمان الاجتماعي وتخفيف آثار سياسات التحرير الاقتصادي والاستمرار في دعم الأدوية المنقذة للحياة ودعم العمليات بالمستشفيات وتوطين مشروع العلاج بالداخل .
كما كشف عن أن فروقات زيادة الأجور للعاملين بالدولة تبلغ 83.793 مليون جنيه بنسبة تغير 25% مقارنة بالعام الماضي، وتعويضات العاملين 31.178 مليون جنيه بنسبة تغير 37%. والأجور والمرتبات 26.724 بنسبة تغير 37% مقارنة بالعام الماضي.

الصيحة

تعليق واحد

  1. ✋??

    كلامات
    دكتور كمال عبدالقادر

    نعرف قصة الصعايدة الاربعة الذين اشتروا عربية تاكسي وظلوا راكبين مع السواق ليل ونهار وبعد سبعة وعشرين يوم لاحظوا ان التاكسي ليس له أي عائد.

    استشاروا احد اقربائهم فاوصي بتغيير السواق .

    في حكومة قوامها تمانين وزيرا وبلد راكبين فيها ستة الف دستوري يسأل البعض عن سبب الأزمة وتأتي التوصية بتغيير وزير المالية ،

    الصعايدة ديل ما دايرين ينزلوا ?

    #موازنة2017